‘);
}

يقول الله جل و علا في سورة الناس ( قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس. من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس. من الجنة و الناس ). و الوسواس إسم مشتق من الفعل: وسوس، و وسوس أي تحدث بحديث خفي غير مسموع، و الخناس إسم أيضا و هو مشتق من الفعل خنس و خنس في اللغة أي خفي و إستتر.

و المقصود في هذه الآية القرآنية على وجه التحديد دون غيره من المخلوقات هو الشيطان الرجيم المطرود من رحمة الله تعالى، حيث أنه بعد طرده توعد بني آدم بالغواية والضلالة، و طريقته في الغواية تعتمد على أسلوب واحد هو الوسوسة للنفس بإتيان المعاصي و المحرمات ، و هو يوسوس للنفس في العالم الغيبي غير المدرك ، حيث أن النفس بالإضافة إلى أنها تعيش في عالم المادة داخل الجسد، فهي تتواصل مع العالم الغيبي عن طريق إتصالها بالملائكة و مثال ذلك الرؤى الصالحة و الإلهام الصادق و الحدس، و تتصل أيضا بالعالم الغيبي بالجن و الشياطين و هنا يقوم الشيطان بالوسوسة للنفس و لهذا سمي بالوسواس لأنه يحدثها حديثا خفيا في عالم خفي عن عالم المادة المدرك عقليا، و لرسوخ المعنى في الأفهام بشكل أفضل يزيد البيان القرآني الصورة بالوصف بالخناس أي المستتر.

فالإنسان لا يدرك بعقله وجود الشيطان و لا يمكن له سماع صوته مها كان غارقا في الهدوء، فبذلك يتبين لنا أن وصف الوسوسة بالكلام الخفي أدق من وصفها بالصوت الخافت، حيث هو كلام خفي و لزيادة الدلالة أتبع النص القرآني وصف الوسواس و هو المتحدث الخفي بالخناس و هو المستتر ، و يدل على ذلك قوله تعالى ( فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس) ، و هو قسم بالكواكب حيث أنها تستتر خلف النجوم ثم تعود للظهور خلال جريانها ، و بالتالي يتضح المعني جليا بالوصف ” الوسواس الخناس”، أي الشيطان المحدث حديثا خفيا في الخفاء.