ما هو التعلم بالملاحظة، وكيف نطبقه بنجاح؟

يُعرَّف التعلُّم بالملاحظة باعتباره اكتساب المعرفة من خلال ملاحظة سلوك شخص آخر وأفكاره وعواطفه، دون أن تدرك أنَّك تعلَّمت شيئاً ما في حينه حتى تمر بموقف تتجلَّى من خلاله هذه المعرفة على أرض الواقع. سنتحدث عن المراحل الأربعة للتعلم بالملاحظة، وكيف نستفيد من التعلم بالملاحظة.

Share your love

ويُعدُّ أشهر مثال على التعلُّم بالملاحظة هو تجربة الدمية بوبو (Bobo doll)، حينما رأى بعض الأطفال مجموعة من البالغين يضربون دمية منتفخة، فكرَّر الأطفال التصرُّف نفسه؛ ممَّا يدل على أنَّ الملاحظة تلعب دوراً هامَّاً في تطوُّر المرء.

يمر التعلُّم بالملاحظة بأربع مراحل مختلفة، والتي تتضمَّن المشاركة الفعَّالة من المتعلمين؛ ممَّا يضمن تعلُّماً شاملاً وطويل الأمد يساعدك على اكتساب المعرفة والاحتفاظ بها واستحداثها عند الحاجة وتعزيزها أيضاً؛ وبالتالي يُعدُّ التعلُّم بالملاحظة تعلُّماً فعَّالاً للغاية.

المراحل الأربع للتعلُّم بالملاحظة:

1. الانتباه:

إذا كنت تنتبه للمواقف المحيطةِ بك، فقد تكتسب معرفة أكثر ممَّا تعتقد؛ وذلك لأنَّك عندما تتعلَّم أن تكون منتبهاً لموقف معيَّن، ستتعلَّم منه طيلة الوقت.

2. الاحتفاظ بالمعرفة:

في هذه المرحلة، يحتفظ عقلك بالتفاصيل في الذاكرة ويربطها بالمعلومات المُخزَّنة من المواقف السابقة من خلال إنشاء مسارات عصبية جديدة.

3. تطبيق المعرفة:

تُعدُّ هذه المرحلة الأساسية في التعلُّم بالملاحظة؛ حيث يُطلب منك كمتعلِّم استحداث المعرفة المُخزَّنة في الذاكرة، وقد تكون هذه العملية لفظية أو من خلال محاكاة الأفعال.

4. التعزيز أو التحفيز:

يُشكِّل التعزيز أو التحفيز المرحلة الأخيرة من مراحل التعلُّم بالملاحظة، وفي الواقع تُعدُّ هذه المرحلة هامَّة للغاية؛ وذلك لأنَّك كمتعلِّم لن تجد سبباً لاستحداث المعرفة أو تطبيقها ما لم تكن محفَّزاً للقيام بذلك وما لم تُعزِّز المعرفة لفهمها فهماً أعمق؛ لذا يُعدُّ التحفيز بمثابة دافع للاحتفاظ بالمعلومات أو حُسن استخدام المهارة.

يتيح لك التعلُّم بالملاحظة فرصاً غير محدودة على أرض الواقع؛ لذا أنت مسؤول عن تدريب عقلك على الانفتاح على اكتساب المعارف من المواقف المحيطة بك؛ ممَّا سيتيح لك المزيد من الفرص للتعلُّم.

كيف تستفيد من التعلُّم بالملاحظة؟

1. جِد شخصاً مناسباً لتتعلَّم منه:

لقد أثبتت العديد من الدراسات أنَّ الأشخاص يتعلَّمون ممَّن يتحلُّون بسمات تجذبهم؛ لذا عليك أن تجد شخصاً تتوافر فيه الشروط الآتية:

  • شخص تكنُّ له الاحترام: يتعلَّم المرء أكثر من الأشخاص الذين يحترمهم، حتى لو لم يكن هؤلاء الأشخاص يسعون إلى تعليمه؛ هذا لأنَّك تركِّز غالباً على الطريقة التي يتحدَّثون بها، وتراقب تصرُّفاتهم، وتتعلَّم من كل ما يقولونه أو يفعلونه دون أن تعي ذلك حتى.
  • شخص يشبهك: سيكون الشخص الذي يشبهك معلِّماً جيداً لك، فقد يكون زميلاً أو شخصاً في موقع سُلطة أعلى منك؛ حيث ستتعلَّم منه بصورة جيدة؛ وذلك لأنَّك تشعر أنَّه مرَّ بالتجارب نفسها وتمكَّن من تجاوزها أو الاستفادة منها. كما سيساعدك التواصل مع هذا الشخص على الانسجام معه أكثر والتعلُّم من خلال ملاحظة سلوكاته، وقد يكون الرياضيون والمشاهير والأشخاص الناجحون مهنياً الذين تغلَّبوا على المشقَّات خيارات جيدة لتتعلَّم منهم بالملاحظة.
  • شخص تنجذب إليه: من الأفضل أن يكون الشخص الذي تتعلَّم منه شخصاً تنجذب إليه، سواء كان شخصاً مشهوراً أم زميلاً لك، فما يهمُّ فعلاً أن يتحلى بخصال تجذبك إليه، سواء كان ذلك مظهره أم موهبته أم خفة ظله أم أسلوب حياته أم أيَّاً كان ما يجعلك تنتبه إلى سلوكاته باهتمام وشغف؛ فهذا يساعدك على التعلُّم بالملاحظة.
  • شخص أعلى مستوى منك: قد يكون هذا الشخص مديرك التنفيذي في العمل، أو مدرِّسك في الجامعة، أو شقيقك الأكبر، أو أي شخص آخر في موقع سُلطة يتحمَّل المسؤولية ويمتلك المعلومات التي تفيدك مما يجعله خياراً جيداً للغاية.

2. رافِق معلِّمك:

إذا كنت لاعباً رياضياً، وتجد نفسك تلعب بنفس طريقة معلِّمك، أو كنت تشجِّع لاعب كرة سلة وتقضي ساعات من وقتك لتسديد الكرة بنفس طريقته، حتى لو لم تتعلَّم منه شخصياً على الإطلاق، فهذا يعد مثالاً حياً على التعلُّم بالملاحظة.

ويعدُّ تواجدك إلى جوار الشخص الذي تريد التعلُّم منه ومراقبته وهو يؤدي عمله فرصة رائعة للتعلُّم؛ فلنضرب مثالاً على طالب في كلية الطب في مناوبة تحت إشراف طبيب آخر، ستجد هذا الطالب يسير وراء الطبيب أينما تجوَّل ليسجِّل ملاحظات ذهنية عن سلوكه مع المرضى والموظفين الآخرين والطلاب، كما سيراقب كيفية تعامل الآخرين مع المرضى أيضاً.

وبالمثل، إذا كنت تتطلع إلى تعلُّم كيفية البيع، فرافِق شخصاً يمتلك سمعة طيبة ومهارات جيدة؛ إذ ستزوِّدك مراقبة هذا الشخص في أثناء عملية بيع منتج أو خدمة بتعليم أفضل من تعليم الكتب المدرسية جميعها.

3. اسعَ لاستحداث التعلُّم المصحوب بالمكافآت:

إذا لم تجنِ ثماراً من تطبيق أي معرفة أو سلوك اكتسبته من قبل، فلن تجد سبباً للتعلُّم من الأساس، ورغم أنَّ تطبيق شيء ما قد يكون له عواقب سلبية (فقد تؤدي محاولة إصلاح مزهرية على سبيل المثال إلى جرح يدك ما لم تكن حذراً ومتقناً لما تفعله)، إلَّا أنَّك يجب أن تسعى إلى القيام بالأفعال التي سيمنحك القيام بها مكافأةً ما؛ إذ يلعب هذا دوراً هامَّاً في تحفيزك.

وقد تكون هذه المكافأة أسلوباً معيَّناً في العمل يجعل أداءَك أفضل في الفريق، أو سلوكاً بارعاً في أثناء التعامل مع المرضى، أو أي شيء آخر تعتقد أنَّه مناسب لاستحداث السلوك المنشود؛ إذ يعني ذلك أنَّك تهتم بأي فرصة تُتاح أمامك للتعلُّم منها، وأنَّك تبذل جهداً أيضاً لاستبقاء المعرفة في ذاكرتك.

4. دوِّن ملاحظات جيدة:

قد يبدو هذا متناقضاً مع التعلُّم القائم على الملاحظة، ولكنَّه في الحقيقة ليس كذلك؛ لأنَّك عندما تتعلَّم شيئاً بالملاحظة وتحاول تخزين المعرفة التي اكتسبتها منه في ذاكرتك، يساعدك التدوين كثيراً على القيام بذلك؛ لذا أعِد صياغة ما تعلَّمته، واكتب الملاحظات بأسلوبك الخاص ما لم تكن هناك عبارة تعتقد أنَّها مثالية أو إذا كنت تدوِّن اقتباساً مباشراً.

وتذكَّر أنَّ الدماغ يتذكر المعلومات على هيئة صور؛ لذا إذا لم يكن تدوين العبارات مناسباً، فاستخدم الخرائط الذهنية، أو فن الاستذكار، أو أي وسيلة أخرى من شأنها أن تساعدك على إعادة النظر في المعلومات التي خزَّنتها في الذاكرة.

5. علِّم شخصاً آخر ما تعلَّمته:

يُعدُّ تعليم شخص آخر ما تعلَّمته طريقة رائعة لتذكُّر المعرفة التي اكتسبتها من التعلُّم بالملاحظة، فافعل ذلك وركِّز على تذكُّر التفاصيل، كما يمكن أن تطلب من معلِّمك أن تروي له ما تعلَّمته كي يقيِّمك، وستكون هذه فرصة رائعة لمعرفة ما إذا كنت قد تذكرت المعلومات على نحو صحيح، بالإضافة إلى ذلك، يمكنك تكرار المعلومات لنفسك حتى تتأكد من أنَّك قد استوعبتها جيداً.

6. أرِح ذهنك:

يجب أن يكون ذهنك متيقظاً لكل ما يحدث حولك من أجل التعلُّم بالملاحظة، فقد تبيَّن أنَّ الذهن الصافي والذي يتلقَّى قسطاً من الراحة أفضل في التعلُّم وفي إنشاء روابط جديدة من الذهن المشوش؛ لذا أنشئ روتيناً والتزم به، واهدف إلى الحصول على 7 ساعات من النوم المتواصل حتى تريح ذهنك وتكون متأهِّباً للتعلُّم على الدوام، وامنح نفسك بعض الوقت للانفصال عن الأمور غير الهامَّة على مدار اليوم حتى تكون مستعداً للتواصل مع المواقف المحيطة؛ وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى فوائد التأمل، فهو خيار رائع يوفِّر الراحة الذهنية والنفسية على حد سواء.

عندما تكون في بيئة تحدث فيها مواقف انفعالية أو حتى مملة، قد يتوقف ذهنك عن التفكير بصورة صحيحة نظراً لحمل المعلومات الزائد أو الملل المطلق؛ لذا إذا وجدت نفسك مشتَّتاً وبحاجة إلى استعادة التركيز، خُذ قسطاً من الراحة وابتعد عما تتعلَّمه من خلال المشي لمسافة قصيرة في الخارج، أو شرب القهوة في المقهى، أو الجلوس لبعض الوقت في دفئ الشمس، وسوف تشعر بتحسُّن لمعاودة التعلُّم بشغف وحيوية أكبر.

7. مارس الألعاب الذهنية:

ستساعدك الألعاب الذهنية مثل ألعاب الذاكرة، أو إيجاد الفرق بين الصور، أو لعبة سودوكو، أو الكلمات المتقاطعة في الحفاظ على ذهنك متيقظاً، كما يمكنك أيضاً حفظ صورة ما ومحاولة استرجاعها إمَّا بالكتابة عنها أو رسمها بنفسك.

في الختام:

يعدُّ التعلُّم بالملاحظة خياراً رائعاً لتعلُّم العديد من المهارات والمفاهيم، وسوف تكتسب من خلاله المعرفة التي ستساعدك على الأمد الطويل، سواء كنت تتعلم من والدك أم صديقك أم معلمك أم منتورك؛ لذا جرِّب أياً من الأساليب المذكورة أعلاه لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الطريقة الرائعة.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!