ما هو التعليم المستمر؟ وما هي أهميَّته؟

في عالمنا هذا المليء بالتطوُّرات العلمية المتسارعة، وتضخُّم فيض المعلومات؛ يعدُّ السؤال: "ما هو التعليم المستمر؟" أمراً شائعاً جداً، ويمكن أن يتمحور حول مجموعةٍ من الأمور التي تخصُّ الطيف التربوي، وذلك تبعاً للشخص واختياراته.

Share your love

ما هو التعليم المستمر؟

التعليم المستمر: مصطلحٌ شاملٌ يصف مجموعةً متنوعةً من الأنشطة وأساليب التعلُّم الرسميَّة وغير الرسميَّة.

على سبيل المثال: يوجد في نهاية أيِّ مرحلة تربوية دوراتٌ وشهاداتٌ تمكِّنك من تطوير مهاراتك ومعرفتك في مجالاتٍ محددةٍ من حياتك العَمليَّة أو المهنيَّة؛ كما توجد أنشطةٌ أكثر بساطةً مثل: القراءة أو حضور الندوات، والتي يمكنك أيضاً استخدامها لتحقيق تأثيرٍ كبيرٍ في مواصلة التعلُّم الذاتي.

لا يوجدُ هنا خيارٌ صحيح أو خيارٌ خاطىء، إنَّما الهدف الحقيقي هو معرفة الخيار الأفضل بالنسبة إليك، وكيف يمكنك تطبيقه على حياتك اليومية.

إنَّ عملية التعلُّم الذاتي تعتمد على سعيك الدؤوب لاكتساب المعرفة وتطوير مهاراتك في مجالاتٍ معرفيةٍ متنوعة.

كما يجب أن تضع في الاعتبار أنَّ الغرض من التعلُّم المستمر هو إمَّا اكتساب المعرفة ومواكبة متطلَّبات المرحلة التالية من تقدِّمك في حياتك المهنية، أو التعلُّم ومتابعة البحث بناءً على رغباتك واهتماماتك الشخصية.

نبدأ رحلة التعلُّم عادةً، واضعين نصب أعيننا أنَّه يمكننا الحصول على المعرفة فقط من شخصياتٍ تمتلك صلاحياتٍ للتعليم، مثل: الأشخاص الذين لديهم أوراق الاعتماد والتفويض من أجل ممارسة مهنة التدريس، وأوسمةٍ لبراعتهم في ذلك؛ أو من أولئك الذين يُمنَحون لقب المعلِّم أو البرفيسور.

هذا رأيٌّ عفا عنه الزمن، خاصَّةً بالنظر إلى العالم المعاصر، حيث يمكن لمعظم الناس بالفعل الوصول إلى الكثير من المعلومات عبر وسائل الاتصال الحديثة وتطوُّر شبكة الإنترنت.

يوجد هناك دائماً شيءٌ ما يمكنك تعلُّمه من كلِّ شخصٍ وكلِّ تجربةٍ مررت بها في حياتك، ولكن للبدء باستيعاب تلك الدروس، تحتاج أولاً إلى تقديرها ومعرفة قيمتها.

ما رأيك أن نتخيل سويَّاً هذا السيناريو: أنت تسير في أحد الشوارع في بلدتك، ويحاول شخصٌ ما إيقافك لإجراء محادثةٍ سريعة؟ نظنُّ أنَّه سيتبادر إليك أنَّك مشغولٌ وستحاول تجنُّبه. وهذا للأسف أمرٌ شائعٌ عند الكثير من الأشخاص.

لذلك، إذا كنت تعتقد أو تفكِّر أنَّك أفضل من الآخرين، أو أنَّك مشغول جداً لِتُخصِّص وقتاً للاستماع إليهم؛ فإنَّك سوف تُفوِّت العديد من الدروس الهامَّة المحتملة.

وهذا هو السبب في أنَّ وصولنا إلى حالةٍ من الامتنان لنعمة تواجد الآخرين في حياتنا، تزدادُ أهميَّةً. وعندما نتعلَّم كيفية امتلاك هذا الشعور، سوف نصبح أكثر تقبُّلاً للدروس من حولنا.

وهذا يمكِّننا من الإجابة بطريقةٍ أفضل عن السؤال الذي بدأناه: ما هو التعليم المستمر؟

للتعليم المستمر خصائص كثيرة، فهو يساعدنا أن نكون أكثرَ انفتاحاً على الفرص التي يُقدِّمها إلينا الكون، حتَّى نتمكَّن من مواصلة التعلُّم.

تخيل أنَّه بالإضافة إلى اكتسابك للمعرفة، سوف تخلق في حياتك تحولاتٍ إيجابيَّةٍ وتحسِّنُ من نوعيتها.

ما أهمية التعليم المستمر؟

والآن، بعدَ أن أصبحَ لدينا فهمٌ أفضل للإجابة عن السؤالين المذكورين سابقاً، فقد حان الوقت لمناقشة الأهميَّة وراء طرح كلِّ هذه الأسئلة؛ حيث أنَّ عدمَ معرفتنا الكافية بأهميَّة التعليم المستمر، من المرجَّح أنْ تُفقِدنا الدَّافع للحصول عليه، وهو إحدى العقبات التي يجب علينا تجنُّبها:

1. الامتثال للمعايير المهنية:

إنَّ الحاجة إلى التعليم المستمر ضرورةٌ أساسيةٌ عند المهنيين والعمَّال، حيث يتطلَّب عمَلُهم مواكبة المعلومات والمعارف الجديدة، وتطوير مهاراتهم بشكلٍ مستمرٍ؛ كما يُمكِّنهم هذا النوع من التعليم من الامتثال للقوانين والمعايير والشهادات التي تسمح لهم بالحفاظ على تراخيصهم لمزاولة العمل ضمن مجالاتهم المهنيَّة، ولبدءِ العمل في مجالات اختصاصهم؛ وترفع من مستوى مهاراتهم الوظيفية ليصبحوا أكثر تأهُّلاً ويتمكَّنوا من التقدُّمِ والترقِّي إلى مستوياتٍ أعلى في مهنتهم، ويحصلوا على مزيدٍ من الدَّخل، أو الحرية، أو القدرة على تحمُّلِ المسؤولية.

2. معرفة المزيد عن المواضيع التي تستولي على اهتمامك:

توجد هناك أهميةٌ أخرى للتعليم المستمر، وذلك بالنسبة إلى الأشخاص الذين يودُّون الحصول على معارف وخبراتٍ إضافيةٍ في أمورٍ ومواضيع تثير اهتمامهم وتثير شغفهم.

يمكن أن يسري هذا التأثير بطرائق مختلفة، حيث يمكن أن يمنحك ذلك تثقيف نفسك باستمرار، وتعزيز الثقة التي تحتاجها، ويكون بمثابة أساسٍ للخطوة التالية التي ترغب باتخاذها في مجالٍ معيَّنٍ من المعرفة.

وفي بعض الأحيان، لا يكون الناس على درايةٍ كاملةٍ بشغفهم في الحياة.

يمكن أن تساعدك قراءة هذه المقالة في العثور على ما تريده، وفي كيفية البحث عن شغفك وتطويره.

3. فرصة للتعرُّف على أشخاص جدد:

توجدُ أهميةٌ أخرى للتعليم المستمر، وهي أنَّه يُوفِّر فرصاً للقاء أشخاصٍ آخرين، ويكون له أثرٌ كبيرٌ في عالم يُولِي أهميةً كبيرةً لامتلاك شبكةٍ اجتماعيةٍ واسعة. فإذا كنت تقوم بتكوين صداقاتٍ جديدةٍ في مجالك، فقد يكون لها تأثيرٌ ملحوظٌ في مسيرتك نحو اكتساب المعرفة.

وأخيراً، لربَّما يكون السبب الأكثر أهميةً هو أنَّ التعليم المستمر يسمح لك بالتعرُّف على الأشياء التي لديك فضولٌ فطريٌّ لتعلُّمها، ويتيح لك البدء بمتابعة شغفك وتوجيه نفسك نحو المستقبل الذي ستستمتع بتحقيقه.

كيفية تفعيل سحر الامتنان للتعلُّم المستمر:

دعنا ننتقل الآن من سؤالنا الأصلي: “ما هو التعليم المستمر؟”، إلى السؤال: “كيف نُفعِّل الشعور بالامتنان؟” هناك عدة طرائق لبدء العمل نحو تجسيد وتفعيل الشعور بالامتنان، ويمكنك اختيار ما يناسبك منها:

1. خُذ الوقت الكافي للتأمُّل:

يُعدُّ التأمُّل إحدى الطرائق التي يبدأ الناس من خلالها بتطوير مزيدٍ من الامتنان داخل أنفسهم، وقد يبدو هذا في البداية أمراً غير مألوف، إذ كيف لممارسةٍ كهذه من الاسترخاء والتوقُّف عن التفكير أن تخلق في داخلنا شعوراً بالامتنان؟ أنت محق، فهي قد لا تقودنا إلى النتيجة المرجوة.

لكن ومع ذلك، فإنَّها تضعنا في مساحةٍ واسعةٍ من الفراغ الذي يحثُّنا على أن نكون أكثر وعياً بممارساتنا اليومية، ويجعلنا أكثر تقبُّلاً للامتنان.

2. عبِّر عن امتنانك لفظياً:

توجد طريقةٌ أخرى مباشرةٌ لتفعيل وتطوير خاصيَّة الامتنان، وهي البدء بالتحدُّث عنه أكثر، والتعبير عنه لفظياً؛ كأن تشكر شخصاً ما لقيامه بعملٍ بسيطٍ مثل: فتحه الباب لك.

إنَّ تقديم الشكر والامتنان يجذب الكثير من الذبذبات الإيجابية إلى حياتك وحياة الآخرين؛ ومن خلال التصرُّف بامتنان، ستبدأ باكتساب هذه المشاعر بشكلٍ أكثر استحقاقاً، وتتماهى في النهاية مع عاداتك اليومية.

3. خصِّص دفتراً تدوِّن فيه النِّعَم الموجودة والمتجليَّة في حياتك:

يوجد أيضاً طريقةٌ أخرى، وهي الاحتفاظ بدفتر الامتنان. هذا ينقل شعورك بالامتنان من عقلك وفكرك إلى بيئتك الخارجية، حيث يمكنك استشعار قيمة كلِّ المشاعر الجميلة لما أنت ممتنٌ له.

على سبيل المثال: قُل أنَّك ممتنٌ لوجود أفراد عائلتك في حياتك، وفي المرات القادمة التي تشعر فيها أنَّ أحدهم قد أثار غضبك، فإنَّ دفتر يومياتك كفيلٌ بتذكيرك بمدى امتنانك لهم، على الرُّغم من أنَّهم أزعجوك.

تُرسِّخ هذه الممارسات بشكلٍ عامٍّ الذهنية المنفتحة لاستقبال مزيدٍ من الدروس، سواءً من الأشخاص أم الأماكن، أم حتَّى من التجارب في محيطك؛ واستيعابها بالكامل، والاستمرار لتصبح شخصاً أفضل.

في الختام:

نأملُ أن يكون هذا المقال قد أوفى بالإجابة عن تساؤلاتنا حول التعليم المستمر.

لا يكفي بعد الآن أن تفهم ما هي خاصية الامتنان، بل كيف يمكنك البدء بتطويرها في حياتك الخاصة. ستستطيع من خلال هذه الجهود التي تقوم بها، والذبذبات الإيجابية التي تمتلئ بها حياتك، أن تقود نفسك لتصبح أكثر تقبُّلاً لتجارب التعلُّم الجديدة في حياتك اليومية، ولن تفوِّت فرصةً أخرى للتطوُّر كفرد.

وأخيراً، يجب أن تدرك الآن أهميَّة التعليم المستمر، سواءً من الناحية المهنية أم الشخصية؛ والذي من خلاله تستطيع أن تقود حياتك في الاتجاه الذي ترغب به، وأن تصبح الشخص الذي تحلم أن تكونه.

إذاً، مستقبلك بين يديك.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!