ما هو تفسير النجم الثاقب

‘);
}

وفي قوله سبحانه في سورة الطارق: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ}،^[٥] أقسم بالسماء وبالطارق، ثم بين أنّ الطارق إنّما هو النجم الثاقب، وقد فسر العلماء النجم الثاقب بالنجم المضيء.^[٦]

تفسير الطبري

قال: إنّ الله -سبحانه- أقسم بأمرين، أقسم بالسماء وأقسم بالطارق، ثم قال مبيّنًا إنّ الطارق: هو ما أضاء من النجوم في الليل، وقد سمي بالطارق: لأنّ الطرق يعني المجيء ليلًا، وأمّا الثاقب: فهو ما أضاء من النجوم وتوهج.^[٧]

تفسير البغوي

ذكر البغوي معنى النجم الثاقب، وقال هو: المضيء المنير.^[٨]

تفسير القرطبي

ذكرت نقولات عن الصحابة -رضوان الله عليهم- في تحديد المعنى المقصود، أو في بيان النجم الموصوف في الآية بالطارق الثاقب، فالأمر كان فيه اختلاف بينهم، وممّا نقله عنهم أنّ النجم المقصود بالآيات الكريمة هو الثريا، أو الجدي، أو زحل؛ وهو نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم، يهبط منها مساءً مع النجوم، ويرجع إليها بعد ذلك، فيطرق أثناء صعوده وهبوطه، أو أنه النجم الذي تُرمى به الشياطين، أو أنه وصف شامل لكل النجوم في السماء وليس لنجم واحد إذ إنّها كلها تضيء ليلًا.^[٩]

تفسير ابن كثير

نقل عن ابن عباس، وعكرمة، والسدي -رضي الله عنهم- أنّ معنى النجم الثاقب الوارد في الآية الكريمة هو: النجم المضيء وهو الذي يحرق الشيطان.^[١٠]

تفسير السعدي

قال إنّ النجم الثاقب إنّما هو النجم المضيء والذي بضوئه أو نوره يثقب السماوات ويخرقها، فينفذ إلى الأرض ويرى منها؛ أي: إنّ النجم الطارق الثاقب هو اسم جنس شامل لكل النجوم، وليس اسمًا خاصًا بنجم معين.^[١١]

فيظهر من هذه التفاسير الخمسة أنّ النجم الطارق هو ذاته النجم الثاقب، وقد سمي بالنجم الطارق لأنّه يظهر في الليل ويختفي في النهار، كالشخص الذي ينزل ليلًا في حيٍّ أو مكان ما يطرق أي شيء باستخدام حجر أو ما شاكل حتى يُشعر من كان في البيت بقدومه ونزوله في البيت؛ إذ إنّ العرب قد سمّت من يفعل هذا الفعل بالطارق.^[١٢] أما تسميته بالنجم الثاقب فلأنّه مضيء متوهج يثقب ظلمة الليل بضوئه ووهجه، حتى يُرى من الأرض، وفي اللغة فإنّ كلمة ثقَبَ تعني: خرَمَ أو خرَقَ من جانب إلى آخر، أو أضاء.^[١٣]

ثم اختلف في تحديد المقصود من الوصف، على أقوال عدة: فقيل هو اسم جنس شامل لكل النجوم، فهي كلها مضيئة تخترق ظلمة الليل، وقيل أو اسم خاص بنجم معين، فالتعريف هنا هو تعريف عهد، وهو إمّا أنه زُحل، وإمّا الثريا، وإمّا الجدي، وإمّا أن يكون هو النجم الذي حط وملأ المكان نورًا بينما كان أبو طالب جالسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.^[١٤]

هل النجم الطارق من علامات الساعة؟

لم يثبت أيّ نصّ شرعيٍّ من القرآن الكريم أو السنة النبوية يدل على أنّ النجم الطارق هو إحدى علامات الساعة الصغرى أو من علامات الساعة الكبرى، فالحديث عن هذه العلامات لا بد أن يكون مستندًا إلى دليل شرعي صحيح.^[١٥]

الإعجاز العلمي في النجم الثاقب

هل هنالك إعجاز علمي في قوله: {النجم الثاقب}؟

وجه الإعجاز في النجم الثاقب

كان للقرآن الكريم سبقٌ بأن أشار إلى هذا النجم بهذه التسمية الدقيقة جدًا، فقد وصفته الآية الكريمة بأنه طارقٌ ثاقب:

• فهو طارقٌ نتيجة لصوت الطرقات الناتج عن الإشارات الرادوية المتشكلة أثناء دورانه في الفضاء، وثاقبٌ لاختراق هذه الطرقات صمت السماء.^[١٦]
• وهو طارقٌ أيضًا بالطرقات الداخلية من نواته، وهو ثاقبٌ لقدرة الأشعة التي يبثها على اختراق أي جسم، ولشدة لمعانه في الفضاء.^[١٧]

النجم الطارق الثاقب فلكيًا

حتى يتضح الأمر لا بد من الحديث عن النجم من وجهة نظر الفلك، فإنّ النجوم تمرّ بمراحل عدة في حياتها كما الإنسان: طفولة، ثم شباب، ثم شيخوخة، حتى تنتهي، وذلك اعتمادًا على درجة الحرارة والضغط والتفاعلات النووية الموجودة فيه.^[١٨]

وعندما يصل إلى مرحلة الشيخوخة فإن سلسلة من تحولات دمج نووي تحصل داخله، حتى يصبح أخيرًا عملاقًا أحمرَ، فإن كانت كتلة النجم بين 1.4 وبين 3.2 كتل شمسية فإنه ينكمش على نفسه وينهار، وتتفكك الذرة حيث تنصهر إلكتروناته مع بروتوناته مشكّلةً نيوترونات، فيتشكل النجم النيوتروني.^[١٩]

هذا النجم -وأمثاله من النّجوم- يدور حول نفسه بصورة سريعة جدًا ودقيقة، جدًا مكملاً مئات الدورات خلال ثانية واحدة، حتى عدَّه العلماء ساعة كونية دقيقة، وأثناء هذا الدوران:^[٢٠]

• إن إشارات راديوية تُبَثُّ منه بما يشبه دقّات منتظمة جدًّا، وعندما رُصِدَت كان صوتها أشبه بصوت الطرق، حتى إنّ هذه النجوم سُمّيت بالمطارق العملاقة.
• إنّ في آخر سلسلة تفاعلاته التي ذُكِرَت آنفًا قبل أن تنهار الذرة فإنّ نواة النجم تصبح كرة حديدية تطرق الطبقات الخارجية للنجم، وكأنّ النجم له طرقات خارجية وطرقات أخرى داخلية.
• إنّ كمية هائلة من الأشعة الثاقبة القادرة على اختراق أي شيء، واللامعة بشدة في الفضاء.

المراجع[+]

1. ↑مصطفى البغا، الواضح في علوم القرآن، صفحة 208. بتصرّف.
2. ↑سورة النحل، آية:16
3. ↑سورة الأنعام، آية:97
4. ↑أبو جعفر الطبري، تفسير الطبري، صفحة 561. بتصرّف.
5. ↑سورة الطارق، آية:1-2-3
6. ↑ابن القيم، التبيان في أيمان القرآن، صفحة 157. بتصرّف.
7. ↑أبو جعفر الطبري، تفسير الطبري، صفحة 351. بتصرّف.
8. ↑أبو محمد البغوي، تفسير البغوي، صفحة 391. بتصرّف.
9. ↑شمس الدين القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 1. بتصرّف.
10. ↑ابن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 375. بتصرّف.
11. ↑عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي، صفحة 919. بتصرّف.
12. ↑ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 258. بتصرّف.
13. ↑أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 317. بتصرّف.
14. ↑شمس الدين القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 1. بتصرّف.
15. ↑محمد بن عبد الرحمن العريفي (2011)، نهاية العالم أشراط الساعة الصغرى والكبرى (الطبعة 10)، الرياض:التدمرية، صفحة 20. بتصرّف.
16. ↑د. زغلول النجار (2009)، مدخل إلى دراسة الإعجاز العلمي (الطبعة 1)، بيروت – لبنان:دار المعرفة، صفحة 284. بتصرّف.
17. ↑شحاتة صقر، الموسوعة الميسرة في الإعجاز العلمي، صفحة 557. بتصرّف.
18. ↑صبري الدمرداش (2006)، للكون إله (الطبعة 2)، الكويت:مكتبة المنار الإسلامية، صفحة 202. بتصرّف.
19. ↑صبري الدمرداش (2006)، للكون إله (الطبعة 2)، الكويت:مكتبة المنار الإسلامية، صفحة 204. بتصرّف.
20. ↑شحاتة صقر، الموسوعة الميسرة في الإعجاز العلمي، صفحة 555.