‘);
}
سؤال الملكين في القبر
ثبت سؤال الملكين للإنسان في قبره في النصوص الشرعية الصحيحة، ووردت به أحاديث كثيرة بلغت حدَّ التواتر، وهي أسئلة يسألها المَلكان – مُنكر ونكير- للميت بعد دفنه في القبر، فإن أجاب جواباً حسناً يُنَعَّم، وإن لم يُجب جواباً حسناً يعذَّب.[١]
وقد ورد في سؤال القبر أحاديث كثيرة منها: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا فرغَ مِن دَفنِ الميِّتِ وقفَ وقالَ: (استغفِروا اللَّهَ لأخيكُم وسلوا لَه التَّثبيتَ فإنَّهُ الآنَ يُسألُ).[٢]
أمَّا الأسئلة التي يسألها الملكان للميت فهي: من ربّك؟ ما دينك؟ من نبيّك؟[٣] وجواب المؤمن عن الأسئلة الثلاثة التي تُنجِّيه من عذاب القبر هي: ربِّي الله، ديني الإسلام، هو عبدالله ورسوله. أمَّا عن جواب الكافر فيكون: هاه، هاه، لا أدري، وجواب المنافق: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، وذلك ثابت في الأحاديث.[٤]
‘);
}
وفيما يأتي الأدلَّة من القرآن والسنَّة على ما سبق:
- قول الله -تعالى-: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظّالِمينَ).[٥]
- قول الله -تعالى-: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ).[٦]
- عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: خرَجْنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في جِنازةِ رجلٍ منَ الأنصارِ، فانتَهينا إلى القبرِ، فجلسَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- وجَلَسنا حولَهُ كأنَّما على رؤوسِنا الطَّيرُ، وفي يدِهِ عودٌ ينْكتُ بِهِ في الأرضِ، فرفعَ رأسَهُ، فقالَ: (استَعيذوا باللَّهِ من عذابِ القبرِ مرَّتينِ، أو ثلاثًا، قالَ: ويأتيهِ ملَكانِ فيُجلِسانِهِ فيقولانِ لَهُ: مَن ربُّكَ؟ فيقولُ: ربِّيَ اللَّهُ، فيقولانِ: ما دينُكَ؟ فيقولُ: دينيَ الإسلامُ، فيقولانِ لَهُ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكم؟ قالَ: فيقولُ: هوَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فيقولانِ: وما يُدريكَ ؟ فيقولُ: قرأتُ كتابَ اللَّهِ فآمنتُ بِهِ وصدَّقتُ زادَ في حديثِ جريرٍ فذلِكَ قولُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ: (يُثبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا)…).[٧]
- وفي نفس الحديث يقول الرسول عن الكافر: (ويأتيهِ ملَكانِ فيُجلسانِهِ فيقولانِ: من ربُّكَ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ لَهُ: ما دينُكَ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكُم؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فُينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن كذَبَ، فأفرشوهُ منَ النَّارِ، وألبِسوهُ منَ النَّارِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى النَّارِ قالَ: فيأتيهِ من حرِّها وسمومِها)[٧]
أسباب الثبات عند السؤال
هناك عِدَّة أمور يستطيع المرء فعلها في حياته كي تُعينه على الثبات عند سؤال القبر، منها:[٨]
- معرفة العبد ربَّه
فيؤمن أنَّ الله خلقه وخلق الكون، وأنعم عليه بنعمٍ باطنة وظاهرة.
- معرفة النبي -صلى الله عليه وسلم-
وهو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم، ويجب اتّباع سُنته والاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-.
- معرفة دينه وهو الإسلام
أي التسليم بوحدانية الله، وطاعته، وترك الشرك بالله -عزَّ وجلَّ-.
- المحافظة على الصلوات، فهي نجاة له من عذاب القبر.
- العمل الصالح[٩]
قال صلى الله عليه وسلم: (يتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنانِ ويَبْقَى واحِدٌ، يَتْبَعُهُ أهْلُهُ ومالُهُ وعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أهْلُهُ ومالُهُ ويَبْقَى عَمَلُهُ).[١٠]
- الدعاء بالنَّجاة من عذاب القبر، كي يعصمه الله -تعالى- منه.[١١]
أسباب عدم القدرة على إجابة الملكين
إنّ عدم الإيمان بالله -تعالى- وعدم تطبيق أوامره واجتناب نواهيه مما يُسبّب عدم القدرة على جواب الملكين في القبر، فمن أبرز الأسباب التي تؤدي إلى عدم التمكّن من الجواب على سؤال الملكين في القبر والتي تمّ استنباطها من الأحاديث السابقة التي تخصّ سؤال الملكين منكر ونكير:
- عدم الإيمان بالله -تعالى-.
- عدم الإيمان بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
- النفاق؛ بإظهار الإسلام وإبطان الكفر.
المراجع
- ↑مجموعة من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 358. بتصرّف.
- ↑رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:6739، حسن.
- ↑خالد المصلح، شرح لمعة الاعتقاد، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑محمد بن عودة السعودي، رسالة في أسس العقيدة، صفحة 65. بتصرّف.
- ↑سورة إبراهيم، آية:27
- ↑سورة غافر، آية:46
- ^أبرواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:4753، صحيح.
- ↑عبد الله الفوزان، حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، صفحة 52-156. بتصرّف.
- ↑محمد إسماعيل المقدم، لماذا نصلي، صفحة 12. بتصرّف.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2960، صحيح.
- ↑ماهر عبد الحميد المقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، صفحة 385. بتصرّف.