‘);
}

تعريف بشِعر الزُّهْد

يعرّف الزُّهْد لُغةً بأنّه القدر اليسير من الشيء، وزهِد عن الشّيء أو زهِد في الشّيء: أي أعرض عنه وتركه خوفاً من العقاب والحساب؛ تحرُّجاً منه أو احتقاراً له، والزّاهد: هو العابد، والرّاغب عن الدُّنيا، والمُنصرِف إلى الآخرة، فلا يفرح إن ملك الدُّنيا ولا يحزن على عدم امتلاكها،[١] أمّا الزُّهْد اصطلاحاً: فهو الابتعاد عن المعصية، وعمّا يُبعد المرء عن الله، ممّا هو زائد عن الحاجة، أو هو الإعراض عن أمور الدُّنيا كافّة، وذلك بتطهير القلب، وهو مُصطلح أشمل من الورع والقناعة، والزُّهد يتضمّن المعنى الروحيّ والماديّ والأخلاقيّ؛ لقوّة الرّابطة بينهم، فلا يزهد المرء في أمور دُنياه مع مُمارسته لما حرّمه الله، فلا معنى للزُّهد بلا اجتماع الفِكر والرّوح.[٢]

يُعدُّ شِّعر الزُّهد من الألوان الأدبيّة التي تحمل معانٍ سامية للرّوح على عكس بعض الأشعار الأخرى، حيث يتناول الحياة الدُّنيا باعتبارها داراً زائلةً مع الابتعاد عن ملذّاتها، ويُوجّه النّاس نحو الحياة الأبديّة باتّباع المناسك والعبادات، وقد تحدّث ابن خلدون عنه في مُقدّمته، فقال: “فلمّا فشا الإقبال على الدُّنيا في القرن الثّاني وما بعده، وجَنَح النّاس إلى مخالطة الدُّنيا، اختصّ المُقبِلون على العبادة باسم الصُّوفيّة والمُتصوّفة”، ويُشير كذلك أنّ هذه الجماعة اختصّت لنفسها هذا النّوع الأدبيّ من الشِّعر مبتعدين بذلك عن الأشعار التي يُقبِل عليها عوام النّاس، وما تتّسم به من بذخٍ ومالٍ، ومناصبٍ، ومُنصرفين عن الخَلْق بعبادة الخالق.[٣][٤]