‘);
}

عقوق الآباء للأبناء

هناك العديد من صور عقوق الآباء لأبنائهم، وفيما يأتي ذكر أهمّها:

  • عدم العدل بين الأبناء: فينبغي أن يحرص الآباء على الابتعاد عن التمييز بين أبنائهم، فذلك يؤدّي إلى خلق البغضاء والشحناء بين الأبناء، وفساد البيت، لِذا يجب أن يعدل الأبويْن بين الذكور والإناث، وبين الإناث بعضهم البعض، وكذلك بين الذكور.[١]
  • عدم الإنفاق على الأبناء وتأمين ما يحتاجونه: فقد يُقصّر الآباء مع أبنائهم في تأمين متطلّباتهم، والإنفاق عليهم، وقد يميّز الآباء بينهم بتفضيل بعضهم على غيرهم بالعطيّة، وذلك يخالف ما جاء به الشرع من إعطاء كل ذي حقٍّ حقّه.[٢]
  • الإهمال في التربية: فالبعض من الآباء لا يعتبر التربية من الوظائف الواقعة على عاتقه، وهي ليست من مسؤوليّاته الواجبة، فترى الأب والأمّ غارقيْن في مهامهما الأخرى، ثم يصير الولد عاقّاً؛ لا يستمع لكلام أبويْه، ولا يخاف منهما، ولا يقدّرهما، ثمّ يشتكي الآباء من ذلك مستغربين ما آل إليه أمر أبنائهم.[٣]
  • عدم مجالسة الآباء لأبنائهم والتقصير في تربيتهم: يعتقد بعض الآباء أنّه بمجرّد تأمينه لمتطلّبات أبنائه وما يحتاجونه من أمور دنياهم؛ من المأكل، والملبس، والمشرب؛ أنّه قد حقّق الأبوّة بشكلٍ كامل، وتجد منهم من لا يُجالس عائلته إلا عند الطعام، فعلاقته مع أبنائه خاليةٌ من الاهتمام والعطف، ومن تربيتهم وتعليمهم أمور حياتهم، وهذا النمط من التربية قد يُخرج جيلاً ضائعاً منحرفاً.[٤]
  • حرمان الأبناء من اللّعب والترفيه: يُعتبر اللعب عند الطفل عملٌ مهمٌّ يقوم به، وهو بالنسبة إليه أولويّةٌ من أولويّاته، ولذلك يجب على الأهل أن يقوموا بتوفيره لأبنائهم ضمن خطّةٍ تربويّةٍ تضمن تأثيرها الجيّد على الطفل إلى المدى البعيد من حياته، فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يدخل على عائشة -رضي الله عنها- وهي تلهو بالعرائس، فيدعها تفعل ما تشاء؛ لِما في ذلك من تعليمها وتهيئتها للأمومة، كما أنّه لا يُخالف الشرع، ويتناسب مع فطرتها في عمرها عندئذٍ.[٥]
  • الدعاء على الأبناء: وقد نهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الآباء عن الدعاء على أبنائهم، فقال: (لا تَدْعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَمْوَالِكُمْ، لا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ).[٦][٧]
  • سبّ الأبناء وشتمهم: قد يتصرّف بعض الآباء مع أبنائهم بطريقةٍ تؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على تربيتهم وشخصيّاتهم، فتراهم يوجّهون إليهم الألفاظ السيّئة من الشَّتم والسبّ، ولا ينظرون إلى المكان الذي يقومون فيه بذلك، سواء كان في البيت أم خارجه، وسواء كان أمام الناس أم بدونهم، ومثل هذه التصرّفات مع الأطفال قد تعدِم شخصيّاتهم، فتجعلهم غير قادرين على التحدّث إلى من هو أكبر منهم ومواجهته، لأنهم فقدوا ثقتهم في أنفسهم، في حين أنّ جميع الأطفال في أعمارهم يكونون قادرين على المحادثة والنقاش بثقة.[٨]
  • استخدام الضّرْب العنيف تجاه الأبناء: وذلك يؤدّي بالابن إلى أن يصبح حقوداً يعاند كل من أمامه، والأصل في الضرب أنّه عقوبةٌ تأديبيّةٌ ثانويّة، يقوم بها الآباء وكأنها دواءٌ لمعالجة فعلٍ قام به الطفل، ويقع ضمن شروطٍ ينبغي الالتزام والتقيّد بها، ولا يمكن اعتبار الضرب وكأنّه وسيلةٌ يتّجه إليها الآباء من أجل تفريغ غضبهم وطاقتهم السلبيّة على أبنائهم، وكلّ من يقوم بضرب أبنائه وتعنيفهم فهو ظالمٌ مخالفٌ لأوامر الشريعة الإسلامية،[٩] وحينما يتعرّض الطّفل لهذه القسوة في التربية؛ من الضرب، والقهر، والغِلظة، وغياب الرحمة، وغيرها، فمن الطبيعي أن تظهر عليه علامات الانحراف، وانعدام التربية.[١٠]
  • استبداد الآباء في الرأي وإجبار أبنائهم على قراراتهم: ومن ذلك ظلم الأبناء في اتّخاذ القرارات المتعلّقة بهم، واتّخاذها بدلاً عنهم من قِبل آبائهم بطريقةٍ لا تصبّ في مصلحتهم، ومن أكبر ما يتمثّل به هذا الظلم؛ تزويج البنت بالإجبار دون أخذ الموافقة منها، ففي عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءت إليه امرأةٌ تشكوه أنّ أباها يريد أن يزوّجها دون رضاها، فلم يقرّ رسول الله هذا الزواج، فلمّا رأت المرأة أنّ رسول الله أوقف الأمر على إرادتها ورضاها، قالت لرسول الله إنّها موافقة على هذا الزواج، وكانت غايتها تعليم النساء أنّ هذا الأمر لا يتمّ إلّا بموافقتهنّ، وهو حقٌّ من حقوقهم في الشريعة الإسلامية.
وفي هذا توجيهٌ للآباء بأهمية موافقة البنت في هذا الأمر ورضاها به، ولها الحقّ في رفض من لا تقبله، ولا يحقّ لأحدٍ أن يقوم بإجبارها على ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية موافقة أبيها على ما توافق هي عليه؛ كونه المسؤول عنها ووليّ أمرها، ومن مظاهر عقوق الآباء بأبنائهم وخاصة البنات منهم؛ أن يجبرها الأب على التعلّم في مكانٍ لا تريده، أو العمل في مكانٍ لا ترغب به، وكل ذلك يدخل في دائرة التجبّر بالأولاد.[١١]