في المقال التالي نوضح لكم ما هو فضل قيام الليل في رمضان بالإضافة إلى توضيح فضل قيام العشر الأواخر من الشهر الكريم، فيسعى العبد طوال حياته للقيام بالأعمال الصالحة للتقرب من المولى سبحانه وتعالى، ومع قدوم الليل، وانتشار الظلام، وسكون الناس، هناك من يقوم يُناجي ربه، يُصلي ويُرتل آيات القرآن الكريم ويتدبر معانيها، ويدعو بخشوع، سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن يؤتيه من فضله، فيُجيبه المولى ويستجيب لدعائه، ويرزقه السكينة والاطمئنان، ويغفر له ما تقدم من ذنوبه وما تأخر، فالله سبحانه وتعالى قد أعطى عباده العديد من الفرص، ومنها فرصة قيام الليل، فمن انتهزها فقد فاز بالرحمة والمغفرة، ومن تركها فقد خسر خسارة كبيرة.
ومع حلول الشهر الفضيل، لا يكتفي العبد بالصلوات الخمس فقط، بل يجتهد في الليل ويُصلي ويقرأ القرآن ويتعبد للمولى ويقرأ الأذكار، ويسأل الله أن يُجيب له دعاءه، ولهذا سنعرض لك عزيزي القارئ في الفقرات التالية من موسوعة ما هو فضل قيام الليل في رمضان بالتفصيل، فتابعونا.
فضل قيام الليل في رمضان
- من صفات المحسنين التي أوضحها المولى سبحانه وتعالى في القرآن، هو أنهم كانوا يستغفرون في أنهم كانوا يُقيمون الليل ويستغفرون، فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
- عندما يُصلي العبد في الليل وحده، فإنه يقطع عنه الكبر والرياء، فيتعبد للمولى سبحانه وتعالى بقلب مُخلص وصادق، ففي قيام الليل تهذيب وتربية للنفوس من الصفات السيئة.
- أشار النبي عليه الصلاة والسلام أن المولى يُنزل رحمته على الزوجين إذا قام أحدهم للصلاة في الليل، وأيقظ الآخر حتى يُقيم الليل معه، فقد قال النبي في حديثه الشريف (رحمَ اللهُ رجلاٌ قامَ من الليلِ فصلَّى وأيْقظَ امرأتَه فصلتْ فإن أبَتْ نضحَ في وجهِها الماءَ, رحم اللهُ امرأةً قامتْ من الليلِ فصلَّت وأيقظتْ زوجَها فصلَّى، فإن أبَى نضحتْ في وجهِه الماءَ).
- إذا أحب الله عبداً، فإنه يُقرب إليه كل عمل صالح، ويُسهل عليه الطاعات، فالعبد الذي يُقيم الليل ويحرص على قيامه عليه أن يعلم أن الله قد يسر له القدرة والصحة على الصلاة والتعبد، والله يجازي العبد على إحسانه، وإذا غضب الله على العبد، فإنه يحرمه لذة الوقوف بين يديه، فيكون الإنسان خاسراً.
- في قيام الليل تتعلق قلوب العباد بالجنة التي وعد الله بها، والله يرزق العباد ما سألوه، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).
فضل صلاة قيام الليل والدعاء
- إذا قام المسلم ليالي رمضان، وصلى وتعبد فيها، فإن الله يغفر له سيئاته، ويتجاوز عن زلاته، ويتقبل منه الطاعات والعمل الصالح، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
- كان النبي عليه الصلاة والسلام يُقيم الليل حتى تتشقق قدماه، وقيام الليل هو اقتداء بخير الأنام، فعن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها سألت النبي وقالت (لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).
- الصلاة والدعاء والتعبد أثناء الليل هو السبيل للحصول على رضا المولى عز وجل، فيستجيب الله لعباده في تلك الساعة من الليل، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف (إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ).
- يستحوذ الشيطان على الغافلين في الليل، ويُنسيهم ذكر الله، وفي قيام الليل غلبة للمسلم وانتصار له على شياطنه، فقد قال صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلَّا أصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ).
- وعد الله سبحانه وتعالى العباد الذي يتعبدون في الليل والناس نيام بدخول الجنة برفقة النبي عليه الصلاة والسلام، فقد قال رسول الله في الحديث الشريف (إِنَّ في الجنةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُها من باطِنِها، و باطِنُها من ظَاهِرِها . فقال أبو مالِكٍ الأَشْعَرِيُّ : لِمَنْ هيَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : لِمَنْ أَطَابَ الكَلامَ، و أَطْعَمَ الطَّعَامَ، و باتَ قائِمًا و الناسُ نِيامٌ).
فضل قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان
جعل الله عز وجل ليلة القدر فرصة لكل عبد يرغب في الحصول على المغفرة والرحمة والعتق من النيران، وجعل الله فيها ليلة القدر، والتي تُعد العبادة فيها خيراً من عبادة ألف شهر، وفي السطور التالية سنعرض لكم فضل قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان:
- عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، ما لا يَجْتَهِدُ في غيرِهِ)، فالمولى سبحانه وتعالى يغفر الذنوب للعباد في تلك الليالي، ويُجيب الدعاء ويرزقهم من فضله وكرمه.
- عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ)، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يجتهد في العبادات في العشر الأواخر، ويسعى لجعل أهل بيته يتعبدون الله في ليالي تلك الأيام، وذلك للحصول على رضا المولى سبحانه وتعالى والثواب والأجر العظيم.
- جعل الله سبحانه وتعالى ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، وجعل العبادة في تلك الليلة خيراً من عبادة ألف شهر، فمن تعبد في تلك الليلة المُباركة، فإنه قد فاز وكسب بالأجر والثواب العظيم، وكُتب من المغفورين لهم، فقد قال المولى سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).
حديث عن فضل قيام ليلة القدر
وردت في السنة النبوية الشريفة الكثير من الأحاديث التي تُوضح فضل قيام ليلة القدر، ومنها:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ هذا الشَّهرَ قَد حضرَكُم وفيهِ ليلةٌ خيرٌ مِن ألفِ شَهْرٍ من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ ولا يُحرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ)، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي تلك الأحاديث الشريفة يُخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام أنه في تلك الليلة المباركة يغفر الله الذنوب لمن شاء من عباده، ويرزقهم الخير الكبير والأجر والثواب العظيم، فمن اغتنم تلك الليلة فقد ربح أجراً كبيراً.
