‘);
}

معركة بدر

في السابعِ عشر من شهرِ رمضان للسنةِ الثانية للهجرة، الموافق الثالث عشر من مارس/ آذار، للعام الميلادي ستمائة وأربع وعشرون (624م)، وقعت معركةٌ فاصلةٌ في تاريخِ الإسلام بين المسلمين (بقيادة الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم)، وبين قبيلة قريش وحلفاءها (بقيادة عمرو بن هشام المخزوميّ القرشيّ)، قُربَ بئر ماءٍ في منطقةٍ تُسمّى بدر، فسمِّيت تلك المعركة باسم المنطقة التي دارت فيها (معركة بدر)، وهي أول معركةٍ قامت في تاريخ المسلمين، حيث انتصر المسلمون فيها على قبيلة قريش وحلفاءِها، وللمعركةِ هذه أهمية كبيرة في تاريخِ الإسلام؛ فبعدها قَوِيَتْ شوكتُهم في المدينة المنوّرة وفي محيطِها، فما هو سبب هذه المعركة؟ وكيف دارت المعركة؟ وما هي نتائج تلك المعركة؟ كل هذا وأكثر سوف نتعرف عليه في هذه المقالة.

ما قبل المعركة

لم يتقبلْ أهلُ مكةَ فكرةَ الإسلامِ في بداية الدعوة إليه، فقاموا بمحاربةِ كلّ من يعتنقُ الدينَ الجديد، وعذَّبوا المسلمين وقاموا بالتنكيل بهم؛ ليجبروهم على تركِ هذا الدين، ولم يسلمْ الرسولُ صلّى الله عليه وسلّم من أذيَّةِ أهل مكة، الأمر الذي جعله يفكرُ في الهجرةِ من مكةَ إلى المدينة، حيث رحَّبَ أهلها بأن يستقبلوا دعوته، وسرعان ما هاجر أهل مكة تاركين أموالهم وبيوتهم وممتلكاتهم خلفهم؛ سعياً وراء الدين الجديد، بهجرةٍ خالصةٍ لوجه الله تعالى، وعلى الرغم من أنَّ أهل المدينة المنورة قدموا كل شيء لإخوانهم المهاجرين، إلاَّ أنَّ المهاجرين ومعهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم كانوا يتعفَّفون، ويفكرون بأموالهم التي تركوها خلفهم في مكة، فينظرون إلى قوافل أهل قريش التجارية، والتي رأوا أن أموالهم كانت ضمن الأموال المُستخدمة في تجارة قريش (كانت قريش مشهورة جدا بالتجارة، حتى أنه قد ذكر في القرآن الكريم شيئا عن رحلاتهم التجارية، وذلك في سورة قُريش)، وفي يومٍ خرجَ الرسول صلّى الله عليه وسلّم وبعض أصحابه، لاعتراض قافلة تجارية كبيرة لقريش وهي في طريقها من مكة إلى الشام، لكنهم لم يدركوها، ولمَّا اقتربت عودة تلك القافلة بعثَ الرسول صلّى الله عليه وسلّم طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد (رضي الله عنهما)؛ لكي يقوما باكتشاف خبر تلك القافلة، وفي منطقةٍ تُسمى (الحوراء) شاهدوا قافلةَ قريش، وكان أبو سفيان يحرُسها مع ثلاثين رجلاً، فأسرعوا إلى المدينة ليخبروا الرسول صلّى الله عليه وسلّم عنها، ولما تأكد الرسول صلّى الله عليه وسلّم من خبر هذه القافلة، أمر المسلمين بالخروج لاعتراض تلك القافلة وقال صلّى الله عليه وسلّم (هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليهم لعلَّ الله ينفلكموها)، ولم يكن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يعلم أنه خارجٌ للقتال، لذلك بقي الكثير من المسلمين في المدينة ولم يخرجوا مع النبي صلّى الله عليه وسلم.