عكف العلماء منذ القدم على دراسة انواع النباتات المختلفة لما تمثله من أهمية لحياة الإنسان والعديد من الكائنات الأخرى على سطح الأرض، فتعتمد الكثير من الحيوانات بمختلف أنواعها البحرية والبرية على آلاف الأنواع من النباتات كمصدر رئيسي للغذاء، أما الإنسان فيعتمد على بعض أنواعها كغذاء وأنواع أخرى يستمد منها مركبات رئيسية تدخل في تكوين العديد من الأدوية، ذلك بالإضافة لفائدتها للبيئة كونها مصدراً يستمد منه الكون غاز الأكسحين اللازم لتنفس جميع الكائنات على كوكب الأرض. وتنقسم النباتات بشكل عام لنباتات تنمو على سطح الأرض ونباتات تنمو في المياه، ومن النباتات التي تنمو في الماء هي الكاريات.
ما هي الكاريات
النباتات الكاريانية أو الكاريات أو الكلورفيتا هي فصيلة من النباتات تتكون من الطحالب الخضراء التي يمكن العثور عليها عادةً على سطح الصخور الموجودة في الشواطئ، أو في المياه الراكدة مكونة تجمعات كبيرة تحت سطحها مثل مياه البحيرات والبرك، المصطلح العلمي الذي تعرف به هو “Charophyte” وهو مصطلح لاتيني يتكون من مقطعين الأول هو “chara” ويعني نوع غير معروف الجذر والثاني هو “phyta” ويعني النبات، أي أنها النباتات غير معروفة الجذور.
تصنيف الكاريات يندرج تحته 450 جنس و7000 نوع مختلف من النباتات لذا يعد اكثر الأنواع تنوعاً مقارنة بأنواع الطحالب الأخرى، والكاروتينات يقصد بها أصباغ اللون التي تمنح الطحالب لونها الأخضر المميز، وبالرغم من أن الكاريات تشير عادةً للطحالب الخضراء إلا أنه تم العثور على الكلوروفيتا في ألوان متعددة من الطحالب مثل الأصفر والأحمر والبرتقالي وحتى اللون الأسود.
تشبه النباتات الكاريانية إلى حد كبير النباتات الأرضية، فهي تحتوي على الكلوروفيل “أ” والكلوروفيل “ب” كما تحتوي على الكاروتين “أ” والكارتين “ب” وهي عناصر تساعد النبات خلال عملية التمثيل الضوئي، كما أن جدار الخلية الخاص بها يحتوي على بكتينات وسليلوز كما توجد بعض الأنواع التي تندرج تحتها تحتوي على كربونات كالسيوم في جدران خلاياه.
تعد الكلوروفيتا من الكائنات الذاتية إلا أنها شكلت علاقة تكافلية مع بعض الأنواع الأخرى من النباتات مثل الرخويات، فهي من حقيقيات النواة فتضم مختلف مكونات الخلايا العادية مثل النواة والبيرينود والنشا والكلوروبلاست وجدار الخلية.[1]
يوجد العديد من الأنواع المختلفة التي تنتمي للكلوروفيتا كما سبق وأشرنا، بعض هذه الأنواع أحادي الخلية وبعضها متعدد الخلايا، وبعض أنواعها تعيش بحرية وبعض أنواعها تعيش بشكل استعماري.
تتكيف الكلوروفيتا بشكل جيد في المياه الراكدة، وتعيش نحو 90% من أنواعها المختلفة في المياه العذبة، وهناك بعض من أنواعها تتواجد في الموانئ البحرية لكنها عادةً تسكن في البيئات الاستوائية، ويوجد عدد قليل للغاية من النباتات الكاريانية تعيش وتنمو على البر ويمكن العثور عليها عادةً على الصخور أو الأشجار.[2]
ما هي خصائص الكاريات
تتمتع الكاريات بمجموعة من الخصائص، وفيما يلي نوضحها لكم:
- هي كائنات ضوئية تحصل على غذائها عن طريق عملية التمثيل الغذائي.
- تتكاثر الكلوروفيتا جنسياً وغير جنسياً، يتم التكاثر الجنسي عن طريق ما يسمى بالانشطار، أما التكاثر الجنسي يتم عن طريق تكوين عضو مؤنث وعضو مذكر.
- يتطور جسم النبات من خلية قمية واحدة.
- خلايا النباتات الكاريانية بدائية النواة تحتوي على بلاستيدات خضراء قرصية، ويحدها جدار خلية سليلوزية.
- يصنف جسم النبات لعقد وعقد داخلية، العقد الخارجية تنمو عليها فروع محدودة النمو يصل طولها في الغالب حتى متر واحد وتنمو عليها أوراق تشبه اوراق النباتات كاسية البذور.
- تحتل النواة النباتات الكاريانية مركز النواة.[3]
- تعتمد النباتات الكاريانية على تخزين احتياطي غذائها على هيئة نشا.
- تتميز بلونها الأخضر العائد لغناها بصبغة الكلوروفيل الخضراء.[4]
ما هي أهمية الكاريات
سبق وأشرنا أن الكاريات تتكون من الطحالب الخضراء كما أنه تضم بعض الأنواع الأخرى من الصفراء والحمراء وغيرها، والطحالب واحدة من النباتات التي تستخدم على نطاق واسع في العديد من الصناعات نظراً لما تتمتع به من فوائد، وفيما يلي نوضح لكم بعض من فوائدها:
- تعد الكلوروفيتا مصدر مهم للغذاء للعديد من الحيوانات البحرية مثل العوالق وبعض الأسماك، كما أنها مصدر رئيسي للغذاء بالنسبة للطيور المائية التي تتغذى على الأعشاب.
- هي من النباتات القادرة على القيام بعملية التمثيل الضوئي، بالتالي تلعب دور مهم للغاية في إمداد العالم بالأكسجين.
- يستخرج منها مادة بيتا كاروتين التي تستخدم كملون طبيعي للطعام.
- هناك بعض الدراسات التي تشير لاحتوائها على خصائص مضادة للسرطان.
- عام 2009م ثبت أن الطحالب يمكنها أن تلعب دور مهم للغاية في الحد من عملية الاحتباس الحراري، وتم تفسير هذا الأمر بأنه عندما يذوب الجليد البحري تصل الحديد للمحيطات الذي يساعد الطحالب على النمو بالتالي تتمكن من القيام بعملية التمثيل الضوئي التي تعتمد على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون لتنتج الأكسجين.
- هناك مجموعة كبيرة من الطحالب الخضراء التي تعد من الأطعمة المغذية للغاية لاحتوائها على العديد من العناصر والفيتامينات الهامة لصحة الجسم مثل البروتينات والألياف والكربوهيدرات وتضم مجموعة من المعادن الهامة مثل الحديد والمغنيسيوم واليود والبوتاسيوم، لذا يتم استهلاكها في كثير من الدول من مختلف أنحاء العالم خاصةً في الدول الآسيوية مثل الصين وكوريا واليابان.[5]
- تدخل كذلك في إنتاج العديد من المكملات الغذائية، كما يمكن استخدامها كمكمل غذائي للحيواني وسماد للنباتات.
- يستخلص منها العديد من المواد التي تدخل في الكثير من الصناعات مثل صناعة بعض المواد الغذائية والأدوية ومستحضرات التجميل، كما تستخدم بعض هذه العناصر كمواد حافظة لعدد من الصناعات الغذائية المعلبة، تدخل أيضاً بعض المواد المستخلصة منها في صناعة معجون الأسنان والآيس كريم وبعض منتجات الألبان.
- تستخدم الطحالب كذلك كفلتر طبيعي لتنقية البيئة، فيتم استخدامها لتنقية المياه لتصبح صالحة للاستهلاك، ويتم استخدامها كفلتر في محطات توليد الطاقة للحد من إنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون، كما يستخدم في الأراضي الزراعية كفلتر لتمتص الأسمدة وغيرها من المواد حتى لا تصل لمصادر المياه الجارية.
- يمكن أن تستخدم كذلك في إنتاج الوقود اللازم لتشغيل محركات البنزين، وهي من مصادر الطاقة المتجددة كما أنها صديقة للبيئة فلن تتسبب بزيادة معدلات التلوث بل ستساهم في السيطرة على معدلاته، فضلاً عن كونها أقل في تكلفة إنتاجها عن المصادر الأخرى.
- بالإضافة لكل ما سبق فالطحالب تستخدم منذ القدم في الطب الشعبي خاصة في الدول الآسيوية مثل الصين كوريا واليابان، فاستخدمت قديماً في علاج البرد وارتفاع ضغط الدم، والإسهال والنقرس وغيرها، كما تجرى العديد من الدراسات في الوقت الحالي لتتأكد من احتوائها على مواد مضادة للسرطان حتى تستخدم في علاجه.
- تنتج الطحالب أصباغ طبيعية يمكن الاعتماد عليها لاستبدال الأصباغ الكيميائية في المستقبل وذلك لتفادي أضرارها.[6]
وبالرغم من كل الفوائد التي تتمتع بها الطحالب وما تشكله من أهمية في الصناعات وفي حماية البيئة من التلوث إلا أنها ومع ذلك قد تشكل في بعض الاحيان مشكلة إن زاد نموها عن الحد خاصة في المياه الضحلة، فإنها ستعوق إمكانية الصيد بها أو السباحة كما ستشكل عائقاً في وجه القوارب، بالإضافة لتسببها في تعطل بعض مرشحات المياه التي تستخدم لتنقية الماء حتى يصبح صالح للاستهلاك.