
مات باي* – (الواشنطن بوست) 28/10/2020
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
بينما يندفع الرئيس ترامب متجولاً في جميع أنحاء البلاد هذا الأسبوع، طارحاً قضيته الأخيرة اليائسة لإعادة انتخابه في سلسلة من التجمعات الصاخبة، يبدو من العدل طرح السؤال الذي يُسأل عن أي رئيس يسعى إلى الفوز بولاية ثانية.
من الناحية الموضوعية، هل لدى ترامب قضية معقولة ليقدمها؟
أميل إلى الاعتقاد بأن عيوب ترامب الأخلاقية وحدها يجب أن تستبعده من إعادة الانتخاب. وكما كتبت مؤخرًا، فقد كشف الرئيس أنه شخص سيئ في الأساس، وهو أمر لم أعتقد بمثله مطلقًا بشأن أي من أسلافه.
ولكن، في الوقت الحالي، لنترك قضايا الشخصية جانبًا. ولنفترض، كما يفعل الكثير من الجمهوريين على ما يبدو، أنه حتى البائسين يستطيعون فعل أشياء جيدة للبلاد.
بشكل عام، يمكنني قول إن هناك ثلاثة معايير يحكم بموجبها الناخبون على ما إذا كان الرئيس يستحق إعادة تنصيبه.
هل قام الرئيس بالأشياء التي وعد -أو “وعدت” في يوم ما قريبًا- بفعلها عندما خاض حملته في المرة الأولى؟
هل استجاب باقتدار للأزمات غير المتوقعة التي تنشأ حتمًا أثناء ولايته؟
وماذا يقترح أن يفعل إذا ما أعطيناه أربع سنوات أخرى؟
في المسألة الأولى، عندما يتعلق الأمر بالوفاء بالوعود، فإن لدى ترامب حجة جيدة جدًا. هل فعل كل ما وعد به؟ بالتأكيد لا، كما هو واضح من برنامجه الضخم والجميل -وغير الموجود في الحقيقة- للبنية التحتية.
لكن ترامب تعهد أيضًا بأن يُمطِر الإزعاج وقلة الراحة عن النخبة الحاكمة والإعلامية في واشنطن، وقد نفذ ذلك. وتضمنت أجندته “أميركا أولاً” تبني سياسة تجارية قتالية، وقمع الهجرة، والانسحاب من مناطق الحرب ومن الالتزامات متعددة الأطراف -وقد أعطانا كل هذه الأشياء.
وقد أوفى ترامب بتعهده بخفض الضرائب وتعيين المزيد من القضاة المحافظين (بما في ذلك ثلاثة في المحكمة العليا)، وترأس اقتصادًا مستقرًا، إن لم يكن مذهلاً، لمعظم فترة ولايته.
قد يعتبر الديمقراطيون (وعدد قليل من المستقلين) أن هذه السياسات متهورة ومضللة، لكن السؤال ليس ما إذا كانت أجندة ترامب حكيمة أم لا؛ إنه يتعلق بما إذا كان قد فعل ما هدد بأن يفعله. وقد فعل، إلى حد كبير.
ثم هناك السؤال الثاني حول معالجة الأزمات. ربما كان جورج دبليو بوش ليخسر إعادة انتخابه في العام 2004 لولا قيادته في الأيام التي أعقبت هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 مباشرة. ومن ناحية أخرى، دفع جيمي كارتر ثمناً باهظاً لافتقاره إلى رد على أزمة الرهائن الإيرانية، من بين أمور أخرى.
بالنسبة لترامب، فإن السجل في هذه النقطة كارثي. من الواضح أن الأزمة الحاسمة في ولايته الأولى هي الجائحة العالمية التي تستعر في أميركا -جزئياً على الأقل لأن الاستجابة الفيدرالية لتفشي فيروس كورونا تراوحت في مكان ما بين العجرفة والإجرام.
وفقًا لتحليل استطلاعات الرأي الذي أجراه هذا الأسبوع موقع “فايف ثيرتي فايف” الإلكتروني، فإن حوالي 57 بالمائة من الناخبين لا يوافقون على استجابة ترامب الغريبة والفوضوية لفيروس كورونا، في حين أن حوالي 40 بالمائة يوافقون على نهجه.
ولا يقتصر الأمر على أن ترامب لم يمارس أي قيادة بينما لاقى أكثر من 225 ألف أميركي حتفهم؛ بل كان الأمر أنه أساء القيادة في الحقيقة. بطريقة ما، تمكن الرئيس من تحويل الأزمة الصحية التي تؤثر على الجميع إلى ساحة معركة أخرى في حربه المستمرة ضد التنوير، بينما كان اقتصاد البلاد ينهار.
وهذا فشل ذريع، بأي تعريف.
وهو ما يترك لنا المعيار الثالث؛ نوع الخطة التي يعرضها الرئيس لإدارة فترة ولاية ثانية. هل تتذكرون قصة بيل كلينتون عن “الجسر إلى القرن الحادي والعشرين؟” أو توسيع بوش لـ”الحرب على الإرهاب؟”.
كانت هذه شيئًا على الأقل. لكن ترامب لا يملك شيئاً على الإطلاق. صفر. وهو ما يخبرنا بأن الحزب الذي يتزعمه لم يهتم حتى بالتحركات الروتينية المتعلقة بكتابة برنامج انتخابي.
في آب (أغسطس)، قبل أن يعقد الجمهوريون مؤتمرهم الوهمي في البيت الأبيض، أصدرت حملة الرئيس نقاطاً بدلاً من أجندة ولاية ثانية. وكانت النقطتان الأوليان على القائمة هما: “إنشاء 10 ملايين وظيفة جديدة في 10 أشهر”؛ و”إنشاء مليون من الأعمال الصغيرة الجديدة”.
حسناً، بالتأكيد. سوف تكون أولويتي القصوى للعام المقبل هي إنشاء “قلعة للعزلة” في القطب الجنوبي. لكنك تحتاج إلى نوع من الخطة نوعاً ما.
إذن إليك قضية ترامب لإعادة انتخابه، سواء كنت تعتقد أنه يشكل نموذجاً جيداً لأطفالك أم لا: لقد وعدنا بالفوضى والانعزالية، وقد فهمنا ذلك.
في مواجهة أزمة تحدث مرة واحدة في القرن، كان يسافر إلى الولايات وينفق معظم طاقته في التحريض على الأجانب والنخب الثقافية. وحيثما طُلب منه تقديم مخطط لولاية ثانية، فقد راوغ وتملص، كما لو كان حتى التفكير في الحكم ليوم آخر يصيبه بالكثير من الملل بحيث لا يستطيع حتى أن يتأمله.
قد يكون ترامب لائقًا أخلاقيًا لولاية ثانية أو لا يكون. (أعتقد أنه ليس كذلك). وربما يتحدى الاستطلاعات ويحصل على ولاية. (لا أعتقد ذلك أيضًا).
ولكن، عندما يتعلق الأمر بالسؤال الأكثر موضوعية حول ما إذا كان يستحق إعادة استخدامه لشغل المنصب، فإن الإجابة هي لا.
*كاتب رأي مساهم في صحيفة الواشنطن بوست.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: What is Trump’s case for reelection?