“عادة ما يخلط الناس بين المبنى العظيم والمبنى الكبير”. إنها مقولة لـ”جاك هيرزوغ”، وهو معماري حاصل على جائزة بريتزكر المعمارية أهم جائزة معمارية في العالم، وأحد أهم وأشهر المعماريين في التاريخ الحديث، لكن ما الذي يقصده عندما يقول إننا نخلط بين المبنى الكبير والمبنى العظيم؟
المثال الأشهر في منطقتنا العربية لمبنى كبير هو برج خليفة في مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة، وهو مبنى ينطوي على كثير من الإبداع التقني في جوانب مثل دقة التنفيذ ومعادلة تأثيرات الرياح، وغيرها من التفاصيل التقنية التي أقل ما يُقال عنها هو أنها مذهلة، لكنه لا ينطوي على فكر فني أو تأثير ثقافي كبير، لذلك نلاحظ أن المشهور والمعروف عن المبنى عالميا هو الإعجاز التقني، بينما لا يعرف أغلب الناس -حتى من المعماريين- من هو مُصممه.
وعلى الجانب الآخر افتتحت مدينة أبو ظبي فرعا لمتحف اللوفر الفرنسي من تصميم الفرنسي “جان نوفيل”، وهذا المبنى على الرغم من الإبداع التقني الذي ينطوي عليه، فإن العنصر الأكثر أهمية وتأثيرا فيه هو لغته التصميمية الملهمة وتأثيره الثقافي على المدينة. ومن المهم أن نلاحظ أن الإعجاز التقني هو إعجاز فقط عند مقارنته بزمنه، لكن المعنى الفني عابر للزمن، فليس من الصعب إنتاج ألف نسخة بالغة الدقة من لوحة الموناليزا على سبيل المثال، لكن هذا لا يقلل من شأنها، لأن العنصر الأهم في اللوحة ليس الصعوبة التقنية، بل المعنى الفني والقصة الخاصة بها.
في هذا المقال نقدم دليلا لمجموعة من المباني العظيمة في مدينة الدوحة عاصمة دولة قطر، وليس هذا المقال إلا دليلا معماريا لهواة التصميم ومحبي المباني الملهمة، وسيكون في نهايته إهداء خاص للمهتمين بالمباني.
برج الدوحة.. أنبوب معماري دائري تزينه الزخرفة الإسلامية
“جان نوفيل” المعماري السابق ذكره الذي صمم لوفر أبو ظبي هو مصمم هذا البرج، وهو معماري فرنسي حاصل على جائزة بريتزكر، وله عدد كبير من المباني المميزة حول العالم، ومن الملفت بالنسبة لي أن برج الدوحة لم يحصل على القدر الذي يستحقه من التقدير بين أوساط المعماريين.
يتميز التصميم الهيكلي للأبراج حول العالم بأسلوب ثابت ومحدد، سببه الأساسي هو مواجهة الرياح، وهي قوة تتسبب في حدوث اهتزازات أفقية في المبنى ذات تأثير تصعب معادلته مقارنة بتأثير الجاذبية.
يلجأ مصممو الأبراج إلى حل معتاد، وهو التعامل مع المبنى بوصفه أنبوبا، ويعتمد هذا الحل على وجود قلب صلب في مركز المبنى يتحمل العبء لكل القوى التي تهدد صموده. هذا الحل الإنشائي حل ذكي وكفء، ولهذا السبب يلجأ له أي مصمم أبراج، لكن على الرغم من ذكائه التقني، فإن عيبه هو الفراغ الداخلي الناتج عنه، إذ يصبح الفراغ الذي يستخدمه الناس في الداخل فراغا ضيقا بعض الشيء يدور في شكل دائري حول هذا القلب الصلب.
ارتأى “جان نوفيل” أن هذا الحل غير مناسب لمدينة الدوحة التي تتميز بسطوع عال للشمس ودرجات حرارة مرتفعة، لذا قرر أن يقدم تصميما يوفر مساحة فراغية كبيرة مركزة ناحية الشمال، حيث لا تتعرض إلى درجات حرارة مرتفعة.
قام “جان نوفيل” بوضع أعمدة خرسانية في صورة خطوط متقاطعة على أطراف المبنى، مما أدى إلى أن الفراغ الداخل المستخدم أصبح فراغا شديد الاتساع دون أن يعوقه أي أعمدة، ويوفر إطلالة مميزة على مياه الخليج العربي.
لا يتوقف تميز هذا المبنى على الحل الفراغي الداخلي بالطبع، بل إن العنصر الأكثر ظهورا هو تصميم الغلاف الخارجي، وعادة ما يشار إليه بجلد المبنى، بينما يُشار إلى النظام الإنشائي بالعظام. في هذا الغلاف تأثر “نوفيل” بعدد من الخصائص الجوهرية في الزخارف الإسلامية، وذلك لعدة أسباب، أولها أنها زخارف هندسية مجردة لا توجد بها حيوانات أو أشخاص، وثانيا أنها بالكامل مشتقة من شكل المربع، ولهذا السبب نلاحظ انتشار الشكل المثمن أو الثماني لأنه شكل مشتق عن المربع، والأخير -وهو الأكثر أهمية- هو أن هذه الزخارف إذا رسمت بأحجام مختلفة فإنها تتكامل مع بعضها دون أي مشكلة.
قام “جان نوفيل” بتصميم غلاف معدني -وهو خيار لا أحبه لأسباب بيئية- مُكوّن من عدة طبقات من الزخارف، كل طبقة بها زخارف بحجم أصغر من التي تليها، ثم قام بتوزيعها بحيث تكون الأجزاء المفتوحة أو الفارغة صغيرة الحجم في اتجاه الشمس المباشرة، فتقلل من شدتها، بينما تكون هذه الأجزاء في أكبر حجم لها في اتجاه الخليج العربي حتى توفر إطلالة جميلة وضوء غير مباشر.
متحف الفن الإسلامي.. تصميم بعيد عن الطابع العلماني المعتاد
إذا نظرت من برج الدوحة باتجاه مياه الخليج ستتمكن من رؤية مبنى صنع على جزيرة صناعية داخل مياه الخليج على بعد كيلومترات قليلة، هذا المبنى هو مبنى متحف الفن الإسلامي دُرّة مباني الدوحة، وواحد من أفضل وأعظم المباني الحديثة في الدوحة والمنطقة العربية كلها.
مصمّم هذا المبنى هو المعماري الصيني الأمريكي “إيوه منج باي”، والمعروف اختصارا بـ”آي إم باي” (I. M. Pei)، وهو واحد من أقدم معماريي الحداثة، فقد ولد عام 1917، وهو من الجيل الأول لمعماريي الحداثة العظماء، وحتى تدرك أكثر ما أقصده يكفي أن تعلم أن “باي” هو نفسه مُصمم متحف اللوفر في باريس، نعم ليس لوفر أبو ظبي بل لوفر باريس، المبنى الذي أصبح واحدا من أشهر متاحف العالم، ثم قام بعد ذلك بافتتاح فرع في أبو ظبي، وتوفي منذ ثلاث سنوات فقط عام 2019، عن عمر ناهز 102.
يقول “باي” إن تصميم المتحف كان تحديا كبيرا بالنسبة له، لأنه بطبيعة الحال ليس ابنا لسياق مسلم، ومن ثم فمن المهم أن يفهم كيف يصمم المسلمون مبانيهم.
المشكلة الكبيرة بالنسبة له هي أن دراسة عمارة المجتمعات الإسلامية تركز بدرجة كبيرة على تصميمات المساجد وعناصرها التصميمية المميزة مثل القبة، لكن “باي” لم يرغب أن يصمم مبنى يحاكي مباني المساجد لسبب بسيط، وهو أن مبنى المتحف علماني بطبعه، وهو غير مرتبط بممارسات مقدسة أو حتى معنى مقدس، ومن ثم فإن استخدام العناصر المألوفة في تصميم المباني الإسلامية الشهيرة لن يكون الأنسب.
فما الذي فعله “باي” إذن؟
مسجد ابن طولون.. إلهام مستوحى من المباني الإسلامية
يقول “باي” إنه استلهم لغة المبنى التصميمية من كيفية تفكير المسلمين في إنشاء مبانيهم، فقد لفت نظره أن المسلمين عندما ينشئون مبنى مربع الشكل ويرغبون في تغطية سقفه فإنهم يحولون هذا المربع إلى شكل ثماني، ثم بعد ذلك يستخدمون المقرنصات كي يتحول هذا الشكل إلى دائرة ترتكز عليها القبة.
وكان من مصادر إلهامه قبة صحن مسجد ابن طولون في القاهرة، فقد استخدم “باي” هذه اللغة لكن بأساليب حداثية في إنشاء المبنى، والمبنى في واقع الأمر ينتهي بقبة بالفعل، لكن هذا القبة مغطاة بمبنى مُكعّب الشكل حتى لا يظهر أن المبنى ذو طابع مقدس. في هذه القبة فتحة تدخل منها أشعة الشمس، وتنعكس على أسطحها لتنيرها بألوان مختلفة تتغير بتغير الوقت أثناء اليوم.
قام “باي” بتصميم الثريا المعلقة في بهو المتحف بنفسه لترسم دائرة واسعة تؤكد على نسب تصميم المبنى نفسه، لكن تنفيذها لم يكن أمرا سهلا بسبب كبر حجمها وصعوبة تعليقها، مما دفعه إلى اللجوء إلى مؤسسة “ناسا” لأبحاث الفضاء كي يقوموا بتصميم سبيكة معدنية تتميز بالمتانة وخفة الوزن وسهولة التركيب.
ويعتمد أسلوب “باي” في تصميماته على الأشكال الهندسية الخالصة أو النقية، وما يعنيه هذا واضح في حالة متحف اللوفر مثلا، فقد استخدم شكل الهرم مباشرة دون أن يقوم برسم أشكال هندسية معقدة أو متداخلة، وكذلك هو الحال مع مبنى المتحف الذي يظهر بشكل مجموعة من المكعبات الواضحة المتراصة بترتيب محدد، لكن هذه الأشكال النقية لا تظهر لنا بهذا الشكل في كثير من أوقات اليوم، لأن انكسار ضوء الشمس أو الإضاءات الصناعية في المساء على حدود المكعبات ينتج درجات مختلفة من الظل تتداخل مع خطوط المبنى نفسها، مما يجعل حدود المبنى متداخلة مع حدود الظل، وهو تأثير متعمد من قبل “باي” تأثر فيه بهندسة المقرنصات التي تتميز بهذه الخاصية حال سقوط الضوء عليها.
مكتبة قطر الوطنية.. نظرة فلسفية وفضاء للقاء محبي المعرفة
لا تقع أعظم مباني الدوحة بالقرب من الكورنيش فقط، فعلى أطراف الدوحة وبالقرب من الصحراء نجد مكتبة قطر الوطنية. نبدأ الحديث عن هذا المبنى بملاحظتين، الأولى هي أن الهولندي “ريم كولهاس” يعد في أوساط المعماريين أعظم معماري على قيد الحياة، أما المعلومة الثانية هي أننا في هذا العصر الرقمي لم نعد بحاجة إلى مبان خاصة للمكتبات، وإن احتجنا فإن هذا الاحتياج يقل ويتلاشى بمرور الوقت.
يجب إذن أن نفك الاشتباك بين هاتين الملاحظتين، الملاحظة الأولى هي أن أهمية “كولهاس” في عالم التصميم المعماري تعود إلى شيء هام، وهي أن كثيرا من المعماريين المشهورين على مستوى العالم في الوقت الحالي مثل المعمارية العراقية الإنجليزية زها حديد كانوا يوما متدربين لديه، ومباني “كولهاس” لا تتميز بالتصميم الجميل بصريا، بل إنها لا تهتم به، وبدلا من ذلك فإنها تهتم بالنقد، أي أن “كولهاس” الذي كان يوما ما صحفيا قبل ممارسة التصميم المعماري، لا يزال يستخدم المبنى وكأنه مقولة نقدية.
بدأ اهتمام مكتب “أو إم إيه” (OMA) الذي يقوده “ريم كولهاس” بتصميم المكتبات في عام 1989، وذلك عندما شارك في مسابقة تصميم مكتبة فرنسا الوطنية الجديدة، وعلى الرغم من فوز المكتب بجائزة شرفية فقط، فإن هذا المشروع جعل “كولهاس” يدرك شيئا مهما، وهو أن المكتبات على أعتاب تغيير راديكالي، لأن المسابقة طلبت من المصممين أن يقدموا حلولا تصميمية تستخدم وتتيح الفرصة لتوظيف آخر التطورات التكنولوجية في هذا الزمن، وقد لاحظ “كولهاس” أن التكنولوجيا تتحرك في اتجاه الرقمنة، وأن هذا يعني بالضرورة إلغاء كل ما هو مادي.
والمكتبة في جوهرها التاريخي مبنى جامع لحفظ وأرشفة المعرفة في صورة كتب ومخطوطات ووثائق، لهذا السبب بدأ “كولهاس” بتطوير فكرته عن المكتبات الحديثة التي يرى أنها لا يجب أن تكون مخزنا للمعرفة، بل ملتقى اجتماعيا لمحبي المعرفة، أي أن قيمة الذهاب إلى المكتبة لا تكون في البحث عن المعلومات، لأن هذا لا يحتاج إلى مبنى خاص في ظل وجود الإنترنت، لكن الذهاب إلى المكتبة تكمن قيمته في لقاء الآخرين الذين يبحثون أيضا عن المعلومات ويرغبون في مناقشتها.
انعكست هذه الفلسفة في مبنى المكتبة الوطنية في قطر، لكونها حجرة واحدة كبيرة، فلا حاجة إلى تصميمات لغرف متعددة ومسارات متشابكة، علاوة على ذلك فإن الولوج إلى فراغ المكتبة يقود إلى مركزها مباشرة، على العكس من المكتبات التقليدية التي تدخل فيها من خلال المرور عبر عدد من الصالات. ويحتوي هذا الفراغ الرئيسي الكبير على مساحات متنوعة مقسمة بين ممرات وساحات للجلوس، وأخرى للوقوف والحركة، ومناطق لاستخدام المكاتب وبالطبع أماكن تخزين الكتب.
“ريكاردو ليغوريتا”.. بصمة الخامات الأرضية تعانق جامعات الدوحة
توفي المكسيكي “ريكاردو ليغوريتا” عام 2011 في نفس عام افتتاح جامعة “جورج تاون” في الدوحة، مما يجعل هذا المبنى آخر مبنى عمل عليه بنفسه، لكننا في هذه الحالة تحديدا نتحدث في الواقع عن ثلاثة مبان، وهي مبنى جامعة “جورج تاون”، ومبنى “كارنيجي ميلون” ومركز الطلاب بجامعة حمد بن خليفة.
“ريكاردو ليغوريتا” معماري مكسيكي له طابع مميز للغاية، والسبب في ذلك هو هيمنة التصميم المعماري الغربي الذي يعتمد على ما يسمى بـ”جماليات الآلة”.
لقد تأثر الغرب تأثرا بالغا بالثورة بالصناعية، مما عزله بعض الشيء عن الخامات الأرضية مثل الحجر والرخام والأخشاب وغيرها، واتجه إلى الخامات المعدنية والأسطح المصقولة والخطوط الهندسية المنتظمة والدقيقة، وقد أدى ذلك بالتبعية إلى تفضيل الألوان المحايدة مثل الأبيض والرمادي والأسود، في هذا السياق يظهر “ليغوريتا” بحبه للخامات الأرضية وملمسها وتباين ألوانها وعلاقتها بضوء الشمس، لهذا تعد تصميماته من أكثر التصميمات الغربية تميزا، خاصة بسبب عدم خوفه من الألوان الزاهية.
يستخدم “ليغوريتا” أشكالا هندسية بسيطة، لكنه يخلق فيها بعض الفراغات، ورغم بساطتها فإنها مفاجئة وتعطي للمبنى طبيعة نحتية، فقد تسير في ممر لتجد تجويفا لا تتوقع وجوده، وعندما تدخله تجد أنه ليس له استخداما وظيفيا، بل هو فراغ في مركزه شجرة، وسقفه مفتوح في شكل دائري منتظم فوق هذه الشجرة. إن دور هذا الفراغ هو الراحة، وأخذ وقت مستقطع من السير في المبنى وتأمل الشجرة وضوء الشمس.
في مكان آخر يضع “ليغوريتا” السلم في واجهة المبنى، والسلم هو واحد من العناصر التي عادة ما يخفيها المعماريون، لكن “ليغوريتا” لا يضع السلم فقط، بل ينحته من كتلة المبنى وكأنه يقوم بتفريغ مساحة للحركة، مما يعطي شكل المبنى الهندسي البسيط إيقاعا ديناميكيا وبعدا أعمق للواجهة.
شعور الألفة الحميمية.. سحر يجري في أرجاء المباني الجامعية
تتميز المباني الثلاثة بالحجم الضخم للمبنى الذي عادة ما يتسبب في الشعور بالانفصال عنه، كما هو الحال مع البهو الضخم لمتحف الفن الإسلامي مثلا، فالزائر يشعر فيه بأنه مجرد زائر، ولا يتواصل مع المبنى على مستوى حميمي كما هو الحال مع بيته الشخصي مثلا، لكن “ليغوريتا” يدرك أن الجامعة مختلفة عن المتحف، فالطالب الذي يرتاد الجامعة أو يقيم في مبانيها السكنية يتواصل مع المبنى بصورة يومية، لهذا يفكك “ليغوريتا” المبنى إلى كتل أصغر حجما تخلق مساحات حميمية يمكن لمستخدمي المبنى الشعور فيها بالراحة والألفة.
كنت قد زرت هذه المباني التي تقع في المدينة التعليمية بالدوحة عام 2015، ولم أكن أعلم أن “ليغوريتا” هو المصمم، وبينما كنت أنتقل بين فراغاتها المختلفة علقت قائلا إن هذه المباني تشعرني وكأنني أمشي في واحد من مباني “ليغوريتا”، حتى علمت بعد ذلك أنه هو المصمم بالفعل.
أذكر هذه الواقعة لسبب واحد، وهو التأكيد على أن هذا الكلام ليس كلاما إنشائيا عاما يتغزل بالمباني، لكنه حقيقي تماما، والمعماري الجيد هو من لديه القدرة على التحكم في شعور مستخدمي مبانيه، ويستطيع أن يتحكم في مساحات الفراغات التي يخلقها والمواد التي يستخدمها، وعلاقة المبنى مع الضوء والظل، وأن ينتج لدى المستخدم شعورا بالضخامة والعظمة عندما يريد، وشعورا بالألفة والراحة متى رغب، و”ريكاردو ليغوريتا” لا يحتاج تأكيدا من شخص مثلي يشهد بجودة أعماله بالتأكيد.
الدوحة.. مدينة شابة ومركز ثقافي لم يكشف عن ألقه بعد
إن الدوحة مدينة شابة، وهي تعمل بنشاط على اجتلاب مصممين معماريين من جميع أنحاء العالم، فقد ذكرنا في هذا المقال أربعة مبان لأربعة مصممين من أربع دول مختلفة تماما، وهي فرنسا والصين وهولندا والمكسيك، وإذا أضفنا لهما مركز قطر الوطني للمؤتمرات للياباني “آراتا إيسوزاكي”، ومتحف قطر الوطني للفرنسي “جين نوفيل”، فإن هذه المجموعة ستصبح أكبر. أضف إلى هذا أن مؤسسة متاحف قطر أعلنت عن ثلاثة متاحف أخرى، مما يضيف إلى قائمة الدول دولتين أخريين هما سويسرا وتشيلي.
هذا التجمع المذهل لهذه الأسماء العالمية هو حلم لكل معماري شاب، وزيارة هذه المباني تمثل متعة لمحبي التصميمات المعمارية المميزة، وقد نجحت الدوحة في استقطاب قدر غير هيّن من الجودة، على الرغم من وجود كثير من المباني الأخرى التي تخلو منها مثل أبراج منطقة اللؤلؤة على سبيل المثال، ومما يؤسفني أن الدوحة لم تنجح في تسليط الضوء على هذه الأعمال المميزة حتى الآن.
ربما تحصل هذه المباني على الاعتراف والتقدير الذي تستحقه بعد أحداث بطولة كأس العالم المرتقبة، فمن المنتظر أن تجعل الدوحة أكثر حضورا ووضوحا على الساحة العالمية خارج إطار عالم السياسة الضيق. إن الدوحة في رأي الشخصي هي مركز ثقافي لم يكشف عن قدراته بعد.