محاولة جديدة للنظام السوري لسلخ جبل العرب عن سهل حوران عبر نشر ميليشياته في المنطقة

دمشق - «القدس العربي»: سمحت الخصوصية الدينية والاجتماعية التي تتمتع بها محافظة السويداء جنوب سوريا، بالحصول على حالة سياسية وأمنية فريدة، حالت دون قدرة النظام

Share your love

محاولة جديدة للنظام السوري لسلخ جبل العرب عن سهل حوران عبر نشر ميليشياته في المنطقة

[wpcc-script type=”2cf40421ff4b611ce464cf87-text/javascript”]

دمشق – «القدس العربي»: سمحت الخصوصية الدينية والاجتماعية التي تتمتع بها محافظة السويداء جنوب سوريا، بالحصول على حالة سياسية وأمنية فريدة، حالت دون قدرة النظام السوري على فرض سيطرته الفعلية على المحافظة، رغم أنها تصنف نظرياً ضمن المناطق الخاضعة لنفوذ الأسد.
الحالة الفريدة هذه، منعت قوات النظام من التوغل في المنطقة، وحافظت على شبان محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، بعيداً عن الخدمة العسكرية الإلزامية خلال السنوات الماضية، وبالتالي عدم تلوث أيديهم بدماء أهلهم من السوريين، وهو ما يفسر مساعي النظام السوري الحثيثة لإشعال الفتن وخلق حالة من التوتر فيها، بهدف إحداث ثغرة يمكن من خلالها اختراق المحافظة، القريبة من درعا والتي لم تعرف الاستقرار يوماً وتعيش حالة من الغليان الشعبي، ومظاهرات مناوئة للنظام رغم اتفاق التسوية المبرمة فيها، وهو ما يفسره حقد النظام وسياسة الانتقام الممنهجة التي ينفذها ضد المحافظتين الجارتين «درعا مهد الثورة» وجارتها السويداء.

قوات فصل

ويترجم مراقبون، من أهالي جنوب سوريا، ما يجري بأنه محاولة جديدة من النظام لإشعال الفتنة بين درعا والسويداء بهدف سلخ الجبل عن السهل، وإحداث خرق يسمح باجتياح الجنوب السوري ككل. لكن ما يزيد التعقيد والتوتر الأمني، ثمة مجابهة صريحة وتنافس محموم لم يعد خافياً على أحد، بين روسيا وإيران على الجنوب السوري، القريب من الحدود التي ينتشر خلفها الكيان الإسرائيلي، فبينما ترغب موسكو في تقديم أوراقها للغرب عبر مراعاة المحاذير الأمنية الإسرائيل، حيث أنشأت الفيلق الخامس من أبناء محافظة درعا ومقاتليها السابقين، كأداة لتنفيذ أجندتها، استشعرت إيران التي تنشر أذرعها في السويداء وعلى رأسهم حزب الله، أنها المستهدف لاسيما بعد مطالبتها بالانسحاب إلى ما لا يقل عن 80 كيلو متراً بعيداً عن الحدود.

وسط مشاورات و«وساطة أهلية» لوأد «الفتنة الطائفية»

ميدانياً، شهدت المنطقة الجنوبية، اشتباكات بين «الفيلق الخامس» التابع للجانب الروسي المتمركز في بلدة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي، وميليشيا «الدفاع الوطني» في السويداء، فيما نشر النظام السوري قواته على الحدود الإدارية بين المحافظتين.
ووفقاً لمصادر لـ«القدس العربي» فإن المنطقة الممتدة بين بلدة القريّا في ريف السويداء وبصرى الشام في ريف درعا، تشهد انتشاراً لفصائل السويداء المحلية من جهة والفيلق الخامس من جهة أخرى، في ظل حالة استنفار من الطرفين.
وأكد مدير صفحة «السويداء 24» ريان معروف لـ«القدس العربي» أن «السلطات السورية قررت نشر نقاط للجيش السوري في مناطق متفرقة بين محافظتي درعا والسويداء، بعد الاشتباكات التي وقعت الأسبوع الماضي قرب بلدة القريّا».
وأضاف، أن وحدات عسكرية من الفيلق الأول، ستنتشر في مواقع عدة بين محافظتي درعا والسويداء، عقب الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها المنطقة الواقعة جنوب غربي محافظة السويداء، وأوضحت أن عناصر من قوات النظام والجهات الأمنية، وصلوا إلى قرية «صما الهنيدات» الواقعة في ريف السويداء الغربي، والمتاخمة لريف درعا الشرقي، حيث سيتم تثبيت نقاط عدة على الطرقات الواصلة بين المحافظتين من هذه المنطقة خلال الأيام القليلة القادمة.
ووفقاً للمصدر أن قوات النظام تنوي أيضاً تثبيت 4 نقاط في الأراضي الواقعة بين بلدتي بصرى الشام والقريّا، جنوب غرب محافظة السويداء، وهي المنطقة التي شهدت مواجهات دامية الثلاثاء الماضي، بين فصائل السويداء المحلية من جهة والفيلق الخامس من جهة أخرى، نتيجة توغل الأخير في أراضي بلدة القريّا منذ أشهر.
وكانت «السويداء 24» قد كشفت في تحقيق نشرته قبل أيام، أن مشايخ عقل الطائفة الدرزية وزعماء المحافظة رفعوا برقية إلى القيادة السورية، طلبوا فيها انتشار الجيش السوري بين محافظتي درعا والسويداء، وإجبار الفيلق الخامس المدعوم من روسيا والذي يتبع للجيش السوري أيضاً، على الانسحاب من أراضي بلدة القريّا، موضحة أن عملية انتشار تأتي بهدف الحد من الحوادث الأمنية في المناطق الواصلة بين المحافظتين.
الباحث السياسي رشيد الحوراني اعتبر أن الطاقة البشرية في الجنوب السوري، أحد أهم العوامل التي تؤرق النظام وحلفاءه في أماكن سيطرتهم. لذلك لجأوا إلى تهجير السكان من مناطقهم الأصلية الى الشمال السوري في مختلف المناطق السورية التي خضعت للمصالحات.

فتنة طائفية

ونظراً لعدم قدرة النظام وحلفائه على بسط السيطرة على محافظة درعا، رغم وقف الأعمال العسكرية الواسعة التي شهدتها المنطقة قبل اتفاق التسوية في أيلول 2018، يقول الحوراني إن النظام عمل على التخلص من مناوئيه من أبناء المنطقة الذين فضلوا البقاء على التهجير باتباع سياسة الاغتيالات والتصفيات لأبناء المنطقة المنضوين تحت ميليشياته كالفرقة الرابعة وذلك لتخوفه منهم، أما السويداء فهي على الرغم من أنها لم تشهد أعمالاً عسكرية ضد النظام على يد أبنائها لكنها منعت الشبان من الالتحاق بصفوف الجيش الذي يقتل المدنيين، وهذا ما شكل حالة عداء لكلا المدينتين وأبنائهما من قبل نظام الأسد وحلفائه، وعمل جاهداً على السيطرة عليهما بأساليب متعددة وعلى رأسها الفتنة الطائفية من خلال أذرع له هناك وهناك.
ما يدور في جنوب سوريا منذ مطلع العام الحالي يقع تحت أحد احتمالين، وفقاً للمتحدث، إما أنه صراع على النفوذ بين الروس والإيرانيين ويسهل هذا الأمر النظام السوري الذي بات معروفاً بمناوراته معتمداً على معرفته بسيكولوجية المجتمع هناك، ليكون هو الرابح في النهاية.
وإما أن ما يدور هو باتفاق الطرفين الروسي والإيراني بهدف التخلص من هذه الكتلة البشرية القتالية المسلحة في كلا المدينتين والتي تشكل خطراً كبيراً على نظام الأسد نظراً لعدم ولائها له، وعدم ثقته بها.
المعارض السوري، والمتحدث باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي اعتبر أن ما يجري في السويداء هو نتيجة لحقد حقيقي على المحافظة التي منعت شبابها من الخدمة العسكرية. وبرأي المتحدث فإن النظام السوري حاول عبر مجموعة مخططات إخضاع المنطقة وإعادتها تحت سيطرته، كما فعل ذلك مع جارتها درعا، وذلك عبر إشعال الفتنة بين المنطقتين وتحريك جماعاته والعناصر المرتبطة به عبر عمليات الخطف والقتل، كما عملت إيران وأدواتها على نشر المخدرات وغيرها.
وقال العريضي في مقالة له إن المنطقة تشهد مساعي حثيثة من قبل الجهات العاقلة لوأد الفتنة وتوفير دم السوريين وأضاف «المشايخ والجهات المحترمة في السهل والجبل يسعون إلى قطع دابر هذه الفتنة، رغم مساعي النظام المتكررة بإشعالها وآخر فصولها، نشر ما سمي بالدفاع الوطني والجيش السوري بين السويداء ودرعا، من أجل إبقاء السيطرة على المنطقة».

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!