إن المصادر الطبيعية للإشعاع المؤين، تتمثل بالنظائر المشعة الموجودة بشكل طبيعي مثل اليورانيوم والثوريوم الموجودين على سطح الأرض، وغاز الرادون الموجود في مواد البناء، الذي يشارك مع نواتج تفككه المصدرة لأشعة ألفا، في تكوين المصدر الإشعاعي الذي يتعرض له الجسم البشري داخليا، سواء عن طريق الجهاز التنفسي أو الهضمي.
وهذه النظائر المشعة توجد في الطبيعة بتراكيز متفاوتة تختلف من منطقة إلى أخرى. وتتركز هذه النظائر بعد أن تنقل من موطنها إلى مواقع تكثر فيها الحياة البشرية بفعل بعض الصناعات غير النووية، مثل صناعات الأسمدة الفوسفاتية والنفط والغاز والكهرباء التي تستخدم الفحم كوقود.
كما أن جسم الإنسان يحتوي ، بشكل طبيعي، على كميات من هذه النظائر المشعة الطبيعية، مثل البوتاسيوم 40.
أما عن المصادر الصناعية، فهي تتراوح بين التجارب النووية وتوليد الطاقة من المفاعلات النووية، إلى الاستخدامات الطبية والزراعية والصناعية والبحث العلمي. إن جميع هذه الاستخدامات الصناعية بحاجة، أثناء التعامل معها، إلى اتباع قواعد وتعليمات الوقاية الإشعاعية والأمن النووي.
هذا إضافة إلى وجود مصادر أخرى تحتوي على مواد مشعة أو تنتج إشعاعات، ومنها المنتجات الاستهلاكية، مثل: الساعات المضيئة، اليورانيوم في السيراميك والزجاج، مستشعرات الدخان، البطاريات الذرية، ومولدات الإشعاع بما في ذلك المعدات المتنقلة للتصوير بالأشعة.
التشخيص الطبي ويصنف التعرض للإشعاع إلى:
· تعرض طبي: إما لكامل الجسم أو لجزء منه أو تعرض موضعي للإشعاع بهدف تشخيص أو معالجة حالة مرضية.
· تعرض مهني: للعاملين في المجالات الإشعاعية.
· تعرض عموم الناس: بواسطة حادث طارئ قد يعرض فرداً أو مجموعة من السكان.
مراحل التشخيص الطبي للأذى الإشعاعي تنقسم إلى:
أ) تعرض كامل الجسم، وهو على ثلاث مراحل:
1- المرحلة المبدئية: تظهر خلالها الأعراض الأولية، وأهمها: تعب، فقدان شهية، قيء، إسهال، ارتفاع درجة الحرارة، وحمامي جلدية.
2- المرحلة الكامنة: ليست عرضية، وهي مرحلة ما بين حدوث التأذي وظهوره سريريا.
3- مرحلة ظهور الحالة المرضية: وهي المرحلة التي تظهر فيها الأعراض، سواء نتيجة لتأذي الجهاز الدموي (نزوف وإنتانات)، أو نتيجة لتأذي الجهاز المعدي والمعوي (آلام بطنية، إسهال)، وتكون ناجمة عن التعرض لجرعات اكبر.
ب) تعرض بعض أعضاء الجسم: تظهر الأعراض نتيجة تعرض جزء كبير نسبيا من الجسم إلى الأشعة، وبشكل خاص (الرأس أو الصدر أو البطن). وتكون عموما على شكل ارتفاع في درجة حرارة الجسم أو ظهور طفح جلدي عند المنطقة التي تم تعرضها للإشعاع.
ج) التعرض الموضعي للإشعاع: تحدث الإصابات الإشعاعية الموضعية عندما تتعرض منطقة محددة من الجسم إلى جرعة إشعاعية كبيرة خلال فترة زمنية تتراوح بين عدة أسابيع إلى عدة أشهر، حيث تظهر علامات وأعراض تشخيصية في تلك المنطقة كالاحمرار والوذمة والتقشر الجلدي والبثرات والتنخر وتساقط الشعر. ويمكن أن يعاني الشخص المتعرض من ألم حاد جدا في المنطقة، التي يصعب في ما بعد معالجتها بالطرق الاعتيادية.
الظواهر السريرية يتوقع حدوث أذية إشعاعية في الحالات التالية:
· وقوع حادث إشعاعي.
· أعراض تشخيصية، كوجود حالة غثيان أو قيء، خاصة عندما تكون مصاحبة باحمرار جلدي مع تعب وإسهال وأعراض أخرى غير مفسرة بأسباب أخرى كالإنتان المعوي أو التسمم الغذائي أو التحسس.
· ظهور اذيات جلدية من دون حدوث حروق كيميائية أو حرارية أو لدغة حشرات أو لمرض جلدي أو تحسس، لكن مترافقة مع تساقط الشعر وتقشر الجلد في المنطقة المتعرضة مسبوقة باحمرار جلدي قبل ثلاثة أسابيع وسطيا.
· مشكلات نزفية (رعاف)، أو تساقط شعر مسبوقة بغثيان وقيء.
المساعدة الطبية في حالة الحوادث الإشعاعية تنقسم بحسب مسبباتها المختلفة ووفق مستويات متميزة وهي:
الإسعاف الأولي: يتم أولا تحويل مكان الحادث الإشعاعي إلى منطقة محاطة وخاضعة للمراقبة وعليها إشارات تحذير لعدم الاقتراب.
ثم يتم في مكان الحادث أو في مكان مجاور للحادث، إجراء العمل الاسعافي الأولي، إما من قِبل ممرض أو فني متخصص أو من قِبل رجال الإطفاء أو الدفاع المدني.
تتضمن الإسعافات الأولية في هذه المرحلة التنفس الاصطناعي ومعالجة النزيف والجروح والحروق وتثبيت الكسور.. الخ.
ثم يتم البدء بالإجراءات العامة لإزالة التلوث الإشعاعي من منطقة الحادث بعد الانتهاء من تقديم الإسعافات الأولية.
الفحص الطبي الأولي: يتم نقل المصاب إلى المستشفى المتخصص بالتعامل مع هذه الحالات، وتقدم المعالجة المناسبة لإصابات الحروق والكسور والجروح. كما تتم معالجة التلوث الإشعاعي، سواء الخارجي أو الداخلي، ويتم إجراء عزل وفرز المصابين إلى مجموعات بحسب شدة الأذى الإشعاعي الحاصل. وفي هذه المرحلة يشارك في هذا الفحص مسؤول الوقاية الإشعاعية.
الفحص الطبي الدقيق والمعالجة: تتم معالجة المصابين بشكل دقيق وتعطى المعالجات المناسبة لكل حالة من الحالات. ويجب أن تكون لدى المستشفى خطة مفصلة للتدخل في حالات الطوارئ وعناصر مؤهلة ومدربة على تنفيذ خطة الطوارئ، وان يتوفر لدى المستشفى مكان خاص لاستقبال ومعالجة تلك الحالات، وأن يكون ذلك المكان مجهزا بكافة المعدات والأدوات والأدوية اللازمة لتنفيذ إجراءات التخلص من حالة التلوث بالشكل الأمثل.