مخاوف من دخول لبنان مرحلة الفوضى

خبرني - قبل نحو ثلاثة أشهر من اليوم، كان توصيف وزير الداخلية اللبناني، محمد فهمي، للوضع الأمني في البلاد بأنه "بدأ في التلاشي".  وفي

Share your love

مخاوف من دخول لبنان مرحلة الفوضى

خبرني – قبل نحو ثلاثة أشهر من اليوم، كان توصيف وزير الداخلية اللبناني، محمد فهمي، للوضع الأمني في البلاد بأنه “بدأ في التلاشي”. 

وفي آخر تصريحات صحفية له قبل أيام قال فهمي: “الآن الأمن تلاشى، وكل الاحتمالات مفتوحة”. 

تختصر تصريحات الوزير مع المدة الفاصلة بينهما، المسار الذي يسلكه لبنان في ظل أزمته التي بدأت انهيارا اقتصاديا شاملاً، ولم تعد تداعياتها تتوقف عند حد.

اليوم، شهدت بيروت اشتباكاً مسلحاً بين عناصر من حركة أمل ومتظاهرين كانوا قد عمدوا إلى قطع الطريق احتجاجاً على الوضع المعيشي. 

ظهورٌ مسلح علني وسط التجمعات وإطلاق نار عشوائي بين المدنيين أدى إلى وقوع إصابات، وإقفال المحال التجارية والمؤسسات في المنطقة إضافة إلى التزام المواطنين منازلهم وسط حالة من الهلع.

قبل يومين، لاقت وثيقة أمنية مسربة طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، صادرة عن جهاز الأمن العام، تنقل معلومات عن “التحضير لتصعيد كبير في الشارع، بالتزامن مع التدهور الاقتصادي، ومن الممكن أن يتطور إلى حصول عمليات ظهور مسلح وتوجه إلى منازل السياسيين”. 

وتشير المعلومات بحسب الوثيقة إلى أن “الأمور ذاهبة نحو فوضى وتخريب واستخدام السلاح في الشارع، وأعمال نهب وسرقة وتصفية حسابات، بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء المعيشي، تنفيذا لأجندات سياسية وأن التوقيت أصبح بين ليلة وضحاها”.

الأجهزة الأمنية في تراجع مستمر

يؤكد وزير الداخلية السابق، العميد مروان شربل، على أن “قدرة الأجهزة الأمنية على أداء مهامها في تراجع مستمر، هناك آليات معطلة لا يمكنهم إصلاحها، هناك لوجستيات ومعدات ناقصة ومفقودة، المحروقات تصلهم بالقطّارة، ناهيك عن تأثيرات الأزمة على الخدمات التي يتلقاها الضباط والعناصر، كالطبابة والمواصلات والمصاريف… والراتب نفسه الذي خسر 80 في المئة من قدرته الشرائية، كل ذلك يؤثر على أداء الأجهزة الأمنية وعناصرها الذين يحتاجون ظروفاً وتقديمات لتساعدهم على أداء واجبهم”.

ويعقّب شربل على كلام فهمي، بالقول: “الساحة الاجتماعية في لبنان هي المكشوفة، وتهدد الأمن، بسبب الأزمة المعيشية والانهيار الاقتصادي وسط عجز سياسي عن إيجاد حل الأمر الذي ضاعف الجرائم والسرقات والعنف والإشكالات الأمنية، بهذا المعنى البلد مكشوف وليس على مخاطر خارجية”.

يؤكد شربل على “أن الوضع الأمني عموماً لا يزال ممسوكاً من قبل الأجهزة الأمنية، لكن واجب الأحزاب السياسية أن تساهم في تماسكه عبر تشكيل حكومة إنقاذ سريعاً لتدارك الأزمة الاقتصادية ما سينعكس تلقائياً على الأمن. 

وتعليقاً على ما تشهده المدن اللبنانية من فوضى أمنية وإشكالات متنقلة، يحذر العميد شربل من أن هذه المشاهد ستزداد أكثر فأكثر كلما تأخر المسؤولون عن معالجة الأزمة.

كل هذه الأرقام التي تؤشر للعام الماضي (٢٠٢٠)، لم تشمل الأشهر الثلاثة الأولى للعام الجديد، حيث تستفحل الأزمة الاقتصادية أكثر فأكثر وتظهر تأثيراتها الاجتماعية والأمنية بشكل بارز وأكبر، إنما تفسر حجم الأزمة الأمنية والاجتماعية التي تقبل عليها البلاد.

سوق السلاح في أنشط أحواله

تعتبر سوق السلاح السوداء خير مؤشر على الوضع الأمني في لبنان ومدى ثقة المواطنين به وشعورهم بالأمان، حيث يشهد إقبالاً هو الأكبر منذ الحرب الأهلية بحسب ما يؤكد “طالب”، وهو أحد تجار الأسلحة الذي يعمل بين محافظتي بيروت والبقاع.

“آخر مرة كان سوق الأسلحة بهذا النشاط بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٦، في زمن خطر داعش على لبنان والأحداث الأمنية التي شهدها البلد حينها”، يشير “طالب” في حديث نقلته قناة “الحرة”، لافتاً إلى أن الإقبال اليوم أكبر بكثير، “إلى حد بات فيه الناس يوصون مسبقاً على الأسلحة التي يريدونها بحسب الدور والحجز.”

ويضيف “لم يعد هناك سلاح لا سوق له، كل الأسلحة تباع وكل سلاح له زبائنه بحسب سعره والحاجة إليه حتى الأسلحة التركية والمشغولة والمعدلة محلياً تباع بسرعة كبيرة وبأسعار مرتفعة. 

الطلب الأكبر على المسدسات والبنادق الصغيرة، لكون الإقبال الأكبر على أسلحة الحماية الفردية التي يلجأ إليها التجار ورجال الأعمال وأصحاب المصالح والمؤسسات وكل من يضطر إلى التنقل في الشارع حاملاً أموال كصرافي السوق السوداء الذين حركوا مؤخراً سوق المسدسات بشكل كبير.”

يملك محمد صيدلية على إحدى الطرق العامة في منطقة زحلة. يروي كيف اضطر لأول مرة في حياته إلى اقتناء مسدس حربي يضعه في صيدليته خلال ساعات العمل ويحمله معه في طريق عودته إلى المنزل.

“تعرضتُ لثلاث سرقات في عامين، إضافة إلى تهديدات وإشهار أسلحة من أجل الحصول على أدوية إدمانية دون وصفات طبية” يقول محمد، ويضيف “في كل المرات كنت أتصل بقوى الأمن للإبلاغ وفي كل مرة يحضرون لتسجيل المحضر، طالبنا بتسيير دوريات أمنية في الشارع الذي أعمل فيه، لكن شيئاً لم يتغير، حتى أن وزير الداخلية في تصريحات ماضية له، دعانا خصيصاً كأصحاب صيدليات إلى حماية أنفسنا والدفاع عن صيدلياتنا، بالتأكيد لم يكن يقصد اقتناء عصاة في هذه الأيام، كان يقر بعجز الدولة عن حمايتنا ويدعونا للتسلح، وهذا ما حصل، لم أكن اتخيل أن أصل يوماً ما إلى هذا الحد”.

لا يقبل “طالب” أي عملة غير الدولار في تجارته، لا ليرة لبنانية ولا شيكات. 

أما أسعار المسدسات فتبدأ من 500 دولار وتصل إلى عشرة آلاف، فيما الطلب أقل على الكلاشينكوف الذي يتراوح سعره من 400 دولار إلى 1600 حسب دولة التصنيع، أغلاها الروسي وأرخصها الصيني والإيراني، فيما الطلب يقل على “إم-16″ و”إم-4” بسبب ارتفاع ثمنها.

وتعتبر ثقافة السلاح الفردي قديمة العهد في لبنان، زادت من نفوذها الحرب الأهلية وتوالي الخضات الأمنية في البلاد على مدى تاريخه. 

وتعتبر سوريا المصدر الرئيسي اليوم لقطع الأسلحة حيث يتم تهريبها عبر المعابر غير الشرعية “بمعيّة المسائيل”، بحسب ما يقول “طالب” في إشارة إلى المسؤولين في حزب الله الذين يسهلون عمليات تهريب الأسلحة ويستفيدون من تجارتها.

يؤكد “طالب” أن “شكل السوق تغير كثيراً، لم يعد السلاح حكراً على هواته أو أصحاب المشاكل أو المقتدرين، بل بات كل مواطن لبناني اليوم يسعى لامتلاك سلاح يحمي نفسه به، بعض الأشخاص الفقراء أعرفهم أمّنوا أسلحة لحماية أنفسهم رغم عجزهم عن تأمين قوت يومهم، إلى هذا الحد الناس خائفة والوضع مقلق”. 

Source: khaberni.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!