يعتمد الإنسان على وسائل المواصلات لكي يتمكن من نقل البضائع والأفراد من مكان إلى مكان آخر، وقد مرت بسلسلة طويلة من التطورات على مر العصور، ولكن في القرون الأخيرة حدثت قفزة في تطورها سريعة ومتلاحقة متزامنة مع ظهور العلم والتكنولوجيا فبعد أن كان البشر ينتقلون سيراً على الأقدام ثم عن طريق استخدام الحيوانات بلغ الأمر لاختراع المركبات الفضائية والسفر من خلالها إلى الفضاء وزيارة القمر، ولذلك فلنذهب في رحلة معاً للتعرف على مراحل تطور وسائل المواصلات.
مراحل تطور وسائل المواصلات
كانت وسائل المواصلات والانتقال فيما مضى بالعصور القديمة في غاية البطء والصعوبة فكان الأشخاص يتنقلون على أرجلهم حاملين بضائعهم على أكتافهم ورؤوسهم، أو أنهم كانوا يقومون بجرها على الأرض وسحبها باليد والحبال وقد كان ذلك منذ أكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد، ومن ثم استخدام الحيوانات للركوب على ظهورها ونقل البضائع بواسطتها، ولكن التطور الحقيقي بوسائل النقل قد حدث منذ حوالي ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد حينما بدأ اختراع الزوارق والعربات المكونة من عجلات أربع ولكنها لم تكن متضمنة محركات ولم تكن فكرة العمل بواسطة الوقود معروفة في ذلك الوقت، كذلك وفي محاولاتهم استغلال الموارد الطبيعية حولهم بدأت صناعة المراكب الشراعية يدوياً لنقل البضائع ثقيلة الحجم.
وفي الوقت ما بين نهاية القرن الثامن عشر إلى بدايات القرن التاسع عشر الميلادي تم اختراع أولى المركبات التي تعمل بواسطة المحرك وكانت تلك بمثابة الانطلاقة في عالم صناعة وسائل المواصلات الحديثة التي وصلت إلى ما لم يكن الإنسان الذي يسير على قدمه يصدقه أو يتوقعه كصناعة الطائرات والمركبات الفضائية وغيرها الكثير من وسائل النقل المختلفة والمتنوعة ما بين البرية، البحرية، والجوية وكذلك الفضائية.
وسائل النقل بين الماضي والحاضر
كان الشكل الأول من وسائل النقل هو القدم البشري تلاها الاعتماد على الحمير والخيول ومن ثم كان الإعتماد في السفر والانتقال على الإبل بشكل رئيسي وذلك في الفترة ما بين ثلاثة آلاف حتى ألفان قبل الميلاد، وفي أثناء تلك الفترة تم اخترع العجلات والتي كانت بدايةً مصنوعة من قطع الخشب الصلب المثبت مع بعضه البعض بطريقة دائرية، وعقب انقضاء عام ألفين قبل الميلاد بدأ استخدام المكابح.
في وقت لاحق تم اختراع الزوارق والقوارب، كما قام الفراعنة القدماء في عام (2700) قبل الميلاد بصناعة السفن الخشبية من أجل الأغراض التجارية ما بين المدن المصرية والبلاد المجاورة عن طريق البحر والتي كان يتم توجيهها بواسطة المجاديف الطويلة.
النقل في العصر الروماني
في العصر الروماني والإمبراطورية الرومانية اشتهر الرومان بما قاموا ببنائه من شبكة طرق حيث قاموا بإنشاء الفيلق الروماني لكي يتمكن الجيش الروماني من التقدم ما بين أجزاء الإمبراطورية بسرعة وسهولة، بينما أغنيائهم كانوا يتنقلون بواسطة الأحصنة والعربات المغطاة خاصة في الرحلات الطويلة.
كذلك فإن الانتقال عبر البحر والماء هاماً للغاية بالنسبة لهم مما جعلهم يسارعوا إلى بناء السفن التجارية ذات الحجم الكبير حيث كانت قادرة على حمل ما يقرب من ألف طن من البضائع، وكان للسفن الرومانية سارية واحدة رئيسية يرفع أعلاها شراعاً مستطيل، وفي الوقت ذاته لم تكن تمتلك الدفة حيث كانت توجه بواسطة المجداف كما بنوا المنارات لكي تساعدهم في شحن البضائع.
في زمن التيودور بالقرن السادس عشر كانت المواصلات لاتزال غير مريحة كما كانت بطيئة أما الطرق فقد كانت ترابية، ولذلك فرض القانون على الرجال قضاء عدد من الأيام في إصلاح الطرق المحلية، وفي الواقع كانت الأحصنة هي وسائل النقل الرئيسية سواء للانتقال الداخلي أو من مدينةإلى أخرى.[1]
تاريخ وسائل النقل في أوروبا
بحلول القرن الثامن عشر كانت وسائل المواصلات قد تطورت بشكل كبير حيث تم منح السلطة لكبار الرجال الأغنياء في أوروبا بمسئولية تحسين بعض الطرق وصيانتها ولكن كان على من يرغب في السفر عبرها إلى دفع النفقات مقابل ذلك، وبالتزامن مع ذلك قام الإخوة مونتغولفير في فرنسا باختراع منطاد الهواء الساخن وهو ما تم عام (1783م) كما تك اختراع بالون الهيدروجين، وفي عام (1789) تم صناعة أول قارب نجاة بانجلترا.
وبحلول القرن التاسع عشر أحدثت السكك الحديثة ثورة في عالم النقل ووسائل المواصلات مما جعل السفر يتم بسرعة إلى جانب النجاح في إزالة مخاطر الطرق السريعة، حيث تم افتتاح أول خط للسكك الحديدية ستوكتون ودارلينجتون في عام (1825م)، ولكن كانت أولى خطوط السكك الحديدية الرئيسية تمر من ليفربول حتى مانشستر وقد تم افتتاحها عام (1830م).
بحلول عام (1863م) في بريطانيا تم افتتاح أولى خطوط السكك الحديدية المارة من تحت الأرض وكانت العربات يتم سحبها من خلالها بالقطارات البخارية، وفي عام (1890م) بلندن تم تشغيل قطار مترو الأنفاق الأول الكهربائي، وبحلول عام (1815م) كانت البواخر قد بدأت في العبور عبر القنوات الإنجليزية،ظ وفي عام (1885م) تم صناعة أول السيارات كما حصلت الدراجات النارية على براءة الاختراع.[1]
تطور وسائل النقل البري
كانت الانتقال بداية سيراً على الأقدام يليه الانتقال بواسطة الحيوانات ومن ثم بدأ الاتجاه لصناعة عربات بسيطة تجرها الخيول والحمير لنقل كلاً من الإنسان والبضائع وكان الدافع وراء ذلك الأغراض التجارية وقد ورد أن الحضارة السومارية والسوماريين كانوا أول من صنع تلك العربات في الفترة ما بين عامي خمسة آلاف قبل الميلاد وأربعة آلاف قبل الميلاد ومنها أخذت في الانتشار ببلاد الهند والصين والدول الأوروبية.
بينما الدولة الإسلامية فقد عكفت على توسعة الطرقات الخاصة بها عبر أرجاء الدول الإسلامية حيث كان التطور السريع في الطرق الإسلامية أكثر مما كان يحدث بغيرها من الطرق الأخرى إذ أنهم لجأوا لاستخدام القطران في تزييت الطرق وقد جاء بعدها النقل البري والتطورات الآلية وعملوا على تزفييت الطرق بواسطة الآليات الحديثة وكذلك القطران حتى بمناطق الريف تمت صناعة الأرصفة الخشبية، ومع تقدم العلم والتقدم التكنولوجي تمت صناعة القطارات والدراجات والسيارات وهو ما يسر على الناس الانتقال حول بلاد العالم جميعها.
تطور وسائل النقل الجوي
ورد الكثير من الأساطير والقصص حول ما كان يقوم به الإنسان من محاولات مضنية للطيران والتحليق بالسماء، تلك الرغبة التي انبعثت إليه من مراقبة الطيور مما جعله يجرب الكثير من الوسائل البدائية والطرف لكي يتمكن من الطيران، وكانت المحاولة الأولى عن طريق الطائرة الورقية والذي قام بتلك المحاولة يوان هونج تو عام (559م)، تلاه في ذلك عباس بن فرناس عام (852م)، ثم في عام (1630م) حاول أحمد جلبي الحضرفان القيام بذلك بواسطة الأجنحة الشراعية، ليأتي بعده حسن شابي العقري ليقوم بذلك عن طريق مدفع القذيفة سنة (1633م).
وفي باريس عام (1783م) كان هناك محاولة للطيران امتدت لمسافة خمسة أميال بواسطة المنطاد الهوائي الذي قام الإخوة (مونقولفيي) باختراعه، ولكن ما يشغلنا أكثر هو الطائرة الحديثة والتي تم اختراعها عام (1903م) بواسطة الأخوان رايت والتي اعتمدوا في تشغيلها على المحرك لرفعها تلاها الكثير والكثير من محولات تحديثها وتطويرها إلى أن بلغت ما بلغته الآن من تطور مذهل مثل الطائرات الحربية وطائرات الهليكوبتر الحديثة.[2]