‘);
}

مراحل ما بعد الموت

خروج الروح وصعودها إلى السماء

بعد مَوت الإنسان تُفارق رُوحه جسده وتَصعد إلى السَّماء؛ فإن كان من أهل الصَّلاح والتَّقوى تُفتح له أبوب السَّماء حتى تصعد إلى الجِنان، ويَأمر الله -تعالى- أن تُوضع في طُيورٍ خُضر، وإن لم تكن كذلك عَادت إلى أسفل سَافلين، وهذا ما يُعرف بحركة الرُّوح من الصُّعود إلى السَّماء أو النُّزول إلى أسفل سافلين بحسب حال صَاحبها.[١][٢]

وقد أخبر الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن لحظاتِ قبضِ الرُّوح وصُعودها، فقال: (إنَّ العبدَ المؤمنَ إذا كان في إقبالٍ مِنَ الآخِرةِ وانقِطاعٍ مِنَ الدُّنيا نزَلَتْ إليه ملائِكةٌ بِيضُ الوُجوهِ كأنَّ وُجوهَهمُ الشَّمسُ، معَهم كفَنٌ مِن أكفانِ الجنَّةِ، وحَنوطٌ مِن حَنوطِ الجنَّةِ، فيجلِسُونَ مِنه مدَّ البصرِ، ثمَّ يجيءُ مَلَكُ الموتِ حتَّى يجلِسَ عند رأسِه فيقولُ: أيَّتُها النَّفسُ الطَّيِّبةُ اخرُجِي إلى مغفرةٍ مِنَ اللهِ ورِضوانٍ، قال: فتخرُجُ تَسيلُ كما تَسيلُ القطرةُ مِن فِيِّ السِّقاءِ، فيأخُذُها فإذا أخَذَها لم يَدَعُوها في يدِه طَرْفةَ عينٍ حتَّى يأخُذُوها، فيجَعُلونَها في ذلك الكفَنِ وذلك الحَنوطِ، فيخرُجُ منها كأطيَبِ نَفحةِ مِسكٍ وُجِدَتْ على وجهِ الأرضِ، قال: فيصعَدُونَ بها فلا يمرُّونَ بها على ملأٍ مِنَ الملائِكةِ إلَّا قالوا: ما هذه الرُّوحُ الطَّيِّبةُ؟ فيقولونَ: فلانُ بنُ فلانٍ، بأحسَنِ أسمائِه الَّتي كانوا يُسمُّونَه في الدُّنيا، فينتَهُونَ به إلى السَّماءِ الدُّنيا فيستَفتِحُونَ له فيُفتَحُ له)،[٣] فتقوم الملائكة برفع الأرواح وتجعلها بين يديِّ الله -سُبحانه وتعالى-؛ فإن كانت من أهل الفلاح والسَّعادة يأمرهم الله -سبحانه- بأن يسيروا بها ليرى الإنسان الصالح مقعده من الجنَّة.[٤]

فتسير بها الملائكة في الجنَّة على قَدرِ ما يُغسل الميِّت، وعندما ينتهي تَغيسل المَيت وتَكفينه تعود إليه الرُّوح بين جسده وكَفنه، ولكنه عودٌ آخر غير التَّعلُّق الذي كان بين الجسد والرُّوح قبل مفارقته إياه في الدُّنيا، وغير تعلُّق الرُّوح بالجسد خلال النَّوم، وغير التَّعلُّق الذي يكون في القبر، وعندما يُحمل في النَّعش يَسمع الكلام من حوله، سواءً كان خيراً أم شرَّاً، وعند وُصوله إلى المُصلَّى ودَفنه تُردُّ إليه الرُّوح، ويُقعَد في قبره بروحه وجسده، ويَدخل عليه المَلكان مُنكَر ونَكِير ليَسألاه،[٤] وبِخروج الرُّوح يكون اليوم الآخر للإنسان -الذي فارقت رُوحه جَسده- قد بدأ، أمَّا البَعث ويوم الحَشر فيكونان لجَميع البشر في وقتٍ واحد. ويبدأ اليوم الآخر لكلِّ إنسان من لحظة بداية النَّزع، ولحظات سَكرات المَوت، ومفارقة الدُّنيا والإقبال على الآخرة، ولذا يقول العلماء: “من مات فقد قَامت قِيامته”؛ أي انتهت مَحطَّة الُّدنيا بالنسبة إليه وبدأ مشوراه في طريق الدَّار الآخرة.[٥]