يعرف مرض التحسس للقمح أو للغلوتين (أو السلياك) بأنه مرض ناتج عن خلل في المناعة الذاتية يصيب بشكل رئيسي الأمعاء الدقيقة فيتسبب بضمور وتلف الخميلات خصوصاً تلك الموجودة بالإثنى عشر(Duodenum) والصائم (Jejunum) مما يؤدي إلى نقص ملحوظ في القدرة على هضم وامتصاص معظم العناصر الغذائية. وعلى عكس ما كان يعرف سابقاً بأن مرض السلياك يصيب الأطفال، فقد تبين أن هناك تزايداً واضحاً بحدوثه في البالغين خصوصاً الإناث مابين 30-60 سنة. وتظهر أعراض هذا المرض على شكل إسهال وتقيؤ وفقر دم (ناتج عن نقص الحديد) وضعف وإرهاق ووهن في الجسم وفقد في الوزن، وعادة ما يحدث إسهال دهني وسوء امتصاص وانتفاخ في الجهاز الهضمي وعدم تحمل الحليب أو أي طعام يحتوي على سكر اللاكتوز. وغالباً ما تظهر أعراض المرض بالأطفال مع بداية إدخال الأطعمة الصلبة والمحتوية على القمح لذلك يفضل تأخير إدخال هذه الأطعمة إلى ما بعد الشهر الثامن وذلك حسب توصية العديد من الدراسات. ويمكن تشخيص تحسس القمح عن طريق قياس مستوى بعض الأجسام المناعية المضادة الناتجة عن التحسس أو أخذ خزعة من الأمعاء الدقيقة.

        وتنتج هذه الحساسية ليس فقط من استهلاك القمح ومشتقاته (كالمعجنات والبرغل والفريكة والشعيرية والسميد والمعكرونة والششبرك والمفتول وأطعمة الفطور والتبولة والفتوش والأطباق التي تحضر بالقرشلة أو الطحين مثل البروستد والحلويات العربية: كالكعك والكنافة والمعمول والقطايف والعوامة والبقلاوة والمهلبية بالسميد وغيرها والشيبس الذي يدخل فيه دقيق القمح والبسكويت والموالح والبتيفور وغيره والسكاكر والتوفي المضاف إليها طحين) بل أيضاً من تناول الشعير والشيلم والأطعمة المحتوية على أي منها. أما بالنسبة للشوفان فقد أكدت العديد من الدراسات الحديثة بأن الشوفان نفسه قد لايثير هذا التحسس إلا إذا كان ملوث ببعض القمح، لذلك في حال التأكد من أن هذا الشوفان لا يحتوى على القمح أو أحد مشتقاته فإنه باستطاعة المريض تناوله. ويعتبر بروتين الغلوتين الموجود في هذه الحبوب ومنتجاتها (وخصوصاً القمح) هو المسؤول الرئيسي للإصابة بهذه الحساسية وظهور أعراضها، وعليه فإن من أهم الطرق العلاجية الابتعاد عن أي مصدر غذائي يحتوي على الغلوتين حتى ولو كان موجوداً بكميات صغيرة، وقد تمتد هذه الحمية مدى الحياة. ولكي يتم بناء خميلات جديدة عوضاً عن تلك المدمرة فقد تحتاج الأمعاء إلى عدة أشهر لإتمام عملية البناء، مما يتطلب المتابعة مع الطبيب واختصاصي التغذية خلال هذه الفترة. ويعتبر الأرز والذرة والبطاطا والفاصوليا البيضاء والخبز الخالى من الغلوتين (خبز الذرة) من أهم الأطعمة التي يمكن أن يتناولها المريض. كما يمكنه تناول الحليب بأنواعه، واللبن والمخيض والجبن قليل الدسم العصير الطازج في حالته الصحية المستقرة، إلا أنه يفضل تجنب الحليب ومشتقاته في حالات المرض وضمور الخملات خوفاً من عدم تحمل اللاكتوز. ويفضل تناول اللحم الأحمر الخالى من الدهن والسمك والدجاج بدون جلد وبياض البيض والتونا والسردين بدون زيت والبقوليات والبازيلاء إذا تحمّلها المريض. ومن أهم الارشادات الغذائية لمرضى السلياك ضرورة زيادة كمية الطعام المتناول بما لا يقل عن 20% مقارنة بالاحتياج الطبيعي لشخص في نفس العمر غير مصاب بالمرض. كما يستحسن تناول كمية معتدلة من الدهون خصوصاً الأنواع سهلة الهضم كالموجودة في صفار البيض والتي قد تساعد في اعطاء الأحماض الدهنية الهامة وكذلك تكثيف معدل الطاقة المتناول، ويفضل تناول الكربوهيدرات (النشويات) البسيطة الموجودة في الفواكه خاصة التين والعنب والتمر، إلا في حالات الإسهال والإسهال الدهني فإنه من الأفضل تناول الفواكه الخالية من البذور والألياف غير الذائبة كالموز والإجاص ولب التفاح ولب البرتقال. كما يفضل تقسيم وجبات المريض 5-6 وجبات صغيرة بدلاً من 2-3 كبيرة. وفي حال استمرار الأعراض لفترة طويلة وعدم كفاية الطعام المتناول يجب تزويد المريض بحبوب فيتامينات وأملاح معدنية وذلك بعد استشارة الطبيب.
ولقراءة بطاقة البيان دور هام جداً وفعال في التأكد من خلو أو احتواء هذا المنتج على الغلوتين، إذ قد يتم إضافة القمح للعديد من المنتجات بكميات ضئيلة للاستفادة منه كمادة مثخنة تزيد من كثافة المنتجات كالشوربات وصلصات المعكرونة والصلصات الأخرى ومكعبات مرق الدجاج، لذا فإنه من الضروري جداً قراءة بطاقة البيان والتمعن فيها قبل تناول أي منتج جاهز، كما يجب تعليم الأطفال الذين يعانون من تحسس القمح كيفية قراءة بطاقة البيان ومحتويات المنتجات قبل تناولها. يجب أن يكون الأباء والمرضى المصابون بمرض السلياك حذرين من الأطعمة المصنعة غير المعبأة أو المعبأة ولم تكتب على عبواتها المعلومات اللازمة المفيدة. ومن الهام جداً للأباء التحدث إلى معلمي المدرسة لتوضيح الوضع الصحي لولدهم وحاجته إلى اهتمام أكثر، خصوصاً لاطفال الروضة والصفوف المبكرة، إذ من الممكن أن يتناول الطفل المصاب بتحسس القمح عن طريق الخطأ شيء من منتجات القمح من أحد زملائه مما يتسبب في اثارة جهاز المناعة وبالتالي ظهور الأعراض. ومن المفيد الالتقاء بأشخاص آخرين مصابين بالمرض والنقاش معهم لكي لا يشعر الطفلأنه الطفل الوحيد المصاب بالمرض وهو الوحيد المحروم من بعض الأطعمة.