مسألة النوع الاجتماعي

Share your love

ويلاحظ أن طرح أو تبنيالدول لمسألة النوع الاجتماعيقد قصد منه أن تكون هناك فرص متساوية للمرأة كما الرجل فيالحقوق والواجبات،إلا أن تبنيالدول للاتفاقية النافية للتمييز ضد المرأة والمسماة باتفاقية »السيداو« لايعنيالقفز على الواقع الثقافيوالاجتماعيوالدينيالقائم فيالمجتمعات المتبنية لهذه الاتفاقيات. فهذه الاتفاقية كما الاتفاقيات الدولية الأخرى تتيح للدول الموقعة عليها حق التحفظ على النصوص التيتعتقد هذه الدول أنها تتناقض مع سياقاتها الدينية والثقافية والاجتماعية. وبالتاليفإن تبنيالبحرين أو أيدولة خليجية أخرى لقضايا النوع الاجتماعيوتوقيعها على اتفاقية السيداو كما هو تبنيالمجلس الأعلى للمرأة لمسألة إدماج النوع الاجتماعيفيالتنمية لايعنيالبتة خروجا عن هذا السياق الحاكم لمنظومة السلوك الاجتماعيومواقع الأفراد فيالمجتمع.

وقد عقدت فيالبحرين الأسبوع الماضيندوة عن إدماج النوع الاجتماعيفيالتنمية نظمها المجلس الأعلى للمرأة فيالبحرين الذيباتيمثل أحد الجهات المتبنية لمسألة إدماج المرأة فيالمجتمع. وعملية الإدماج هذه قد تسبقها متطلبات اجتماعية وثقافية كما هيقد تحمل بعض المتطلبات السياسية ولربما القانونية على صعيد المجتمع قبل أن تلامس المرأة..

فالمرأة فيالمجتمعات العربية بشكل عام تواجه معضلات مجتمعية عديدة تحد من إمكانية اطلاعها بدور كبير ومتصاعد داخل المجتمع. وعلى الرغم من أن المرأة البحرينية قد احتلت بفعل عامل الضرورة وليس الاختيار موقعاًمهماًمن حيث حجم المساهمة فيالنشاط الاقتصادي،كما هيقد احتلت أدوارا مهمة على صعيد المساهمة فيقضايا الشأن العام،إلا أن عمليات إدماجها،أيالمرأة فيالبحرين كما فيباقيمناطق الخليج،فيالتنمية تواجه معضلات شتى قديكون من أهمها:

أولاً: غياب قانون موحد للأحوال الشخصيةيعطيالمرأة حقوقا اجتماعية أقرتها الشريعة السمحاء. وهيمسألة لربما طال انتظارها أما بفعل ما أثير من لغط حول ما إذا كانت هناك حاجة لقانون للأحوال الأسرية،أو حول ما سميهنا بضرورة وجود »الضوابط الشرعية« لأيقانون مرتقب.

ثانياً: غياب ما قد اسميه بالفهم والاتساق الثقافيلمفهوم النوع الاجتماعي. فعلى الرغم من أن المفهوم حديث النشأة من حيث استخدامه وتوظيفه فيالأوساط النسائية والثقافية العربية ولا تعكس الأدبيات العربية القليلة حول المفهوم من مقاربات مهمة له من الواقع الاجتماعيوالثقافيالعربي،إلا أن المحاضرة التيعقدت قبل أشهر،لإحدى المنظمات الإسلاموية الدعوية،لإحدى الداعيات العربيات والتيأدارها أحد الدعاة العرب حديث المعرفة بالمجتمع البحريني،وما أثير فيها من »تهويل« وفزع حول المفهوم وأبعاده قد دفع ببعض رجال الدين والدعاة لرفض المفهوم أو على الأقل تبنيتلك »التهويلات« التيطرحتها الداعية العربية ومدير الندوة السابقة الذكر. بل إن المقاربة بدت حاملة لقدرغير عاديمن التضخيم والتخويفغير المستند للواقع من ناحية والتوظيفات العلمية للمفهوم من ناحية أخرى. وأعتقد إأن ما طرح فيهذه المحاضرة وما قيليدخل فيإطار العمل السياسيوالدعويأكثر منه فيإطار العمل الاجتماعيأو الثقافي.

وأعتقد أنه سيكون مفيدا للمجتمع لو أن المجلس الأعلى للمرأة قام بعقد ندوات تثقيفية تخترق فيها تلك الفضاءات الاجتماعية التيلازالت تعتقد إن كلاما مثل كلام الواعظة العربية رغم ما قديبدو فيطرحها من إلمامغير كافٍبالمفهوم وتوظيفاته،يحتل مكانة وقوة تأثير أكبر من أحاديث وكتابات المتخصصين من العلماء وأحاديث المتنورين من علماء الدين.

ثالثاً: أعتقد أن تحقق مسألة العدالة فيالنوع الاجتماعيقديكون من المفيد فيظل اللغط المثار حوله،طرقه من مدخل مجتمع المواطنة الذيتتساوى فيه حقوق وواجبات الأفراد بعيدا عن انتماءاتهم العرقية والدينية والمذهبية والثقافية والجنسية (الذكر والأنثى) والجهوية. فعدالة توزيع المنافع والمكاسب بين النوع الاجتماعيهيجزء من العدالة العامة فيالمجتمع الذييقوم عليها مجتمع المواطنة.

رابعاً: واتساقا بالسابق فإن البعض قديطرح حساسيته من توظيف المصطلح الذيكمايبدو لم تستقر حوله الترجمات العربية للمصطلح: فأحيانايسمى بالجندر أوالجندرية وأخرى بالجنوسة أوالجنسانية وحتى مصطلح النوع الاجتماعيبات عند البعض ونتيجة لدرجة الشحن الوعظيأوالشحن المُسيّسيحمل قدرا من الحساسية،التيلا تختلف فيبعضها عن حساسية مصطلح العلمانية الذيرغم التطور الذيلحق بالمفهوم فيأوروبا المعاصرة إلا أنه لا زاليحمل عند قطاع مهم من القوى الاسلاموية ذلك الفهم القديم القائم ليس فحسب على فصل الدين عن السياسية وإنما فيإضعاف الدين وهيالمسألة التيتتنافى مع الحالة المعاصرة للمجتمعات الأوروبية والتيتعتبر فيها حرية الممارسة الدينية جزءا من الحريات الشخصية والمدنية القائمة فيالمجتمع.

وخلاة القول إن مسألة النوع الاجتماعيهيمن المسائل والقضايا التيلايمكن الهروب منها بخلق حالة من الفزع المصطنع حول المفهوم،أو الادعاء باغترابه أو اختراقه لخصوصياتنا الدينية والثقافية فهيفيذلك أحد أهم أركان قيام المجتمع الديمقراطيوأساسا لقيام مجتمع المواطنة،الذيلا تقتصر عدالة توزيع الفرص والخيارات بين الرجل والمرأة،وأنما فيأن تكون الحقوق متكافئة بين كل مكونات المجتمع الذيلايمكن أنيتأسس إلا عبر تكافؤ فرص التمتع بالموارد والخيارات للرجل كما المرأة كمكونات أساسية للمجتمع.

المصدر: بوابة المرأة

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!