معرض «خلف الشكل» للمصري سعيد أبو رية: التهكم من خلال اللعب

القاهرة ــ «القدس العربي»: «خلف الشكل» عنوان معرض الفنان سعيد أبو رية، المقام حالياً في غاليري أوبنتو في القاهرة. ويبدو من العنوان أنه يدعو إلى محاولة تفحص اللوحات والتفاعل معها، وصولاً إلى معنى غير ظاهر، خاصة أن الفنان يتعمد التهكم واللعب من خلال المعهود من الأشكال، بتحويرها، أو استخدام العديد من الألوان والخطوط الطفولية، التي […]

معرض «خلف الشكل» للمصري سعيد أبو رية: التهكم من خلال اللعب

[wpcc-script type=”0e1bb0cea846a60c45f1cf86-text/javascript”]

القاهرة ــ «القدس العربي»: «خلف الشكل» عنوان معرض الفنان سعيد أبو رية، المقام حالياً في غاليري أوبنتو في القاهرة. ويبدو من العنوان أنه يدعو إلى محاولة تفحص اللوحات والتفاعل معها، وصولاً إلى معنى غير ظاهر، خاصة أن الفنان يتعمد التهكم واللعب من خلال المعهود من الأشكال، بتحويرها، أو استخدام العديد من الألوان والخطوط الطفولية، التي تسخر من أي نظام يظن أنه مستقر، هذا من ناحية، أما الأهم فهو فكرة اختلاق التنميط ــ تنميط البشر ــ التي يسخر منها الفنان بشدة، فما من ثابت تراه وتحسبه حقيقيا إلا وتكسر اللوحة توقعاته، فالأمر غير ذلك تماماً.

فكرة اللعب

تبدو المفارقات من خلال وجهة نظر اللهو أو اللعب، فحتى لوحة لعبة الطاولة المعروفة، ورغم أن اسمها (لاعبا النرد) إلا أنه لا يوجد نرد من الأساس، وكل الشخوص، سواء اللاعبين أو آخر بينهما يمثل الجمهور يجلسون في استرخاء وكأنهم في انتظار سماع التعليمات من جهاز تلفزيون لمذيع مقطوع الرأس، هذا الجمهور الذي يجلس في بيت، ويتوهم أنه يحمل رأسه فوق كتفيه، يجلس مستمعاً لما يوحى من كائن غير مُكتمل، تكفي الصورة لتوحي بالثقة والتصديق. حتى الحائط المواجه لهم، يحمل صورة غير مكتملة لشخص مهيب، وهم يرتدون ملابسه نفسها، الأمر أقرب إلى الاستنساخ من (الأخ الأكبر)، وما بينه وبينهم هو جهاز التلفزيون. هذه اللوحة تكتمل بدورها في عدة لوحات ــ كحكاية ــ عن رجال برؤوس مقطوعة، فقدوا عقولهم، فقط صخب الألوان. ورغم ذلك لا يخلو الأمر من محاولة التفكير في ما يحدث، ولك أن تتفكر بينك وبين نفسك، ولكن لا مفر من أن تصبح رأسك بين يديك، حالة الانفصال الدائم هذه أو التشويه المقصود تكشف مدى تفاهة (النمط) ومأساته، وكيفية صياغة الإنسان في صورة المواطن الصالح، الفاقد عقله والمتنازل عنه بإرادته.

المكان

تتنوع الأماكن التي تدور فيها أحداث اللوحات، لا توجد تهويمات للمكان، بل تتراوح ما بين المنزل/بيت الفنان ــ كما أُطلق على بعض اللوحات ــ أو حجرات تشبه السجن إلى حدٍ كبير، بخلاف بعض اللوحات التي تتخذ من الساحات مكاناً لها، وهي هنا بمثابة استعراض طقس شعبي في شكل كاريكاتيري كبهلوانات الشوارع ونافخي النار في الموالد، هنا أيضاً نجد المبالغات في نِسب الأشكال والتكوينات، فيتصدر هؤلاء المشهد وكأنهم أبطال لعرض مسرحي.
وبالعــــودة إلى بيت الفنان، الذي تتمــــثله عــــدة لوحات، نجد أشــــياء تعــــود إلى زمن مضـــى، أكسســـوارات المكان وطريقة تأثيثه، كلها قديمة، حتى أنها تطغى على الموديل النائمة، التي من المفترض في مثل هذه الحالة أن تتصدر اللوحة، إلا أنها أكثر انزواء وتكاد تختفي، هذا الاختفاء الذي يزداد عند ظهور صورة زعيم وهمي مكتمل الملامح في عمق اللوحة.

السخرية

الأمر الآخر الذي يتجاوز به سعيد أبو رية المألوف، هو زاوية النظر في التقاط اللقطة، فالزاوية المسيطرة من أعلى دوماً، وبخلاف أنها جيدة لاستعراض المكان ككل، إلا أن نِسب الشخوص والأشياء تبدو وقد تم التقاطها من خلال عدسات تساعد على تشوية أو تحريف المنظور قليلاً، بالإضافة إلى الإدهاش البصري، إلا أن فكرة النظر من أعلى توحي بحال من المراقبة التي لا تغيب، هناك عين ترى وتترصد حتى لحظة إتمام العمل الفني، لكن الفنان يحاول، وهو الوحيد هنا الذي يحتفظ برأسه مكانه، ربما يستطيع إكمال اللوحة قبل أن يفقدها في لحظة. النهج الساخر الذي يتخفى وراء الشكل الكاريكاتيري يكشف عن معاناة شديدة، وحالات من الوحدة مهما ادّعت غير ذلك ــ صخب لوني ومجموعات الشخوص ــ إضافة إلى فكرة القطيع والتنميط الإجباري، والإيحاء بأن كل شخص لديه من الحرية أن يفعل ما يشاء، فهو لا يدرك أنه صورة مستنسخة عن صورة أخرى، وهكذا يشعر بيقين زائف أنه مواطن صالح للحياة.

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *