‘);
}

أصول مفهوم التجربة في الفلسفة

إن الأصول التاريخية لمفهوم التجربة في الفلسفة ظهر كرد فعل على التيار المثالي الذي يعتقد بأن العقل هو الطريقة الصحيحة للوصول إلى الحقيقة وما دون ذلك لن يكون حقيقة، فالعقل قاسم مشترك بين البشر ويمكن عد هذا النوع من المعارف بالمعرفة الفلسفية التي يتأمل الإنسان بعقله الأفكار، وتتسم بالتجريد الكلي، وهي بعيدة كل البعد عن الواقع، وتعرف بالتيار العقلاني (Rationalism).[١]

ومن خلال إغلاق الفلاسفة في التأمل بالاستعانة عقولهم نتج عن ذلك الوصول إلى المعرفة بالحدس، ويقصد به المعرفة المباشرة، وهذا النوع من المعارف شائع عند المتصوفين، وفي الفلسفة الأفلاطونية عرفت المرحلة التي يصل فيها إلى الحقيقة بالتعقل، وهذه المرحلة التي يعقل فيها الفيلسوف برؤية المثل، وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من المعارف تتجاوز المعرفة العلمية، أي أن العلماء لا يستطيعون تحصيلها إذا انتهجوا النهج العلمي.[١]

ومن جانب آخر ظهر تيار معاكس للتيار العقلاني، وهو التيار التجريبي (Empiricism)، ويعرف بأنه التيار الذي يعتمد على الملاحظة والتجربة كمصدر رئيسي للمعرفة، وهذا التيار بعيد عن التأمل، والتصوف، وارتبط بالعلوم التجريبية، وكان له جذور تاريخية منذ الفلسفة اليونانية، وتعرف التجربة بأنها الطريقة التي يسعى من خلالها الإنسان للوصول إلى المعارف ابتداءً من الملاحظة التي يكتسبها الإنسان من خلال الحواس.[١]