‘);
}
مفهوم السلام في الفلسفة
إن السلام من أهم المفاهيم الفلسفية، وفي اللغة يعد حالة من الأمن، جذرها سلم، ويتعني أمن على نفسه،[١] وفي الفلسفة ازدهر مفهوم السلام في الحقبة اليونانية، وفي العالم الهلينستي، ويندرج تحت عنوان السعادة، والسعادة مشكلة فلسفية، حاول الفلاسفة من خلالها صياغة المبادئ والأسس التي تجعل من الإنسان مستقرًا، وسليمًا، بدنيًا وعقليًا.[٢]
الفلسفة الرواقية
إن الفلسفة الرواقية من الفلسفات التي ظهرت في الفترة الهلنستية، ومن فلسفات ما بعد الأرسطية، واشتق اسمها من كلمة رواق، وتعني الساحة الجميلة، وهي إحدى الساحات التي كان يدرس فيها الفلاسفة الرواقيون الفلسفة في أثينا، اعتقد الرواقيون أن الحكيم يجب أن يكون محصنًا من الأحوال السيئة، فلا تؤثر في نفسه إطلاقًا.[٣]
‘);
}
والفضيلة لا تتحقق إلا من خلال السلام الداخلي، وهي حالة من السكون والطمأنينة تجعل من الإنسان غير مكترث للأحوال المحيطة به، إيمانًا منه بأنه إنسان حر داخليًا، ولا أحد يستطيع أن ينتزع حريته الداخلية، وبهذا لا يكون العبد إلا من فسد سلامه الداخلي وخضع لما هو خارج عن إرادته.[٣]
قدم الرواقيون فلسفتهم في السلام الداخلي كرد فعل على فساد الفلسفة الأبيقورية، فالسعادة حالة يطلق عليها اسم “Eudaimonia”، وهي حالة متقدمة من الرفاهية، وهذا المفهوم له جذور أرسطية، فعندما تساءل الفلاسفة اليونان عن مفهوم السعادة، تعددت الإجابات، فقد أجاب الأبيقوريون أن السعادة تكون في تحقيق أكبر قدر ممكن من الملذات، وهذا ليس بالأمر السهل.[٣]
أما الفلاسفة الرواقيون، فذهبوا إلى أن هذا القول فاسد، وأجمعوا على أن العيش وفق الطبيعة هو أهم أسس السلام الداخلي وتوسع الفلاسفة الرواقيون في هذا المفهوم، فالسلام يكون بالنسبة لكريسيبوس العيش وفقًا لخبرة الإنسان بما يحدث بفعل الطبيعة، وبهذا نجد أن الطبيعة كانت مرجعًا هامًا بالنسبة للرواقيين، ولكن قام فلاسفتها بتعديل بعض المفاهيم لاحقًا.[٣]
مفهوم الأتراكسيا في الفلسفة الرواقية
عبر الفلاسفة الرواقيون عن السلام الداخلي من خلال مفهوم يوناني الأصل يدعى الأتراكسيا “Atraxia”، ويقصد به عدم وجود أي اضطراب داخلي، وهي الطمأنينة والسكينة القصوى، ومن خلالها يحقق الإنسان الاتزان الأخلاقي، وعرفت لاحقًا بدواء النفس، وعرفها الفلاسفة اللاحقون، كديكارت بأنها الرضا، أما اسبينوزا، فقد ذكر أن السلام هو الغبطة.[٤]
ويرى أبيكتيتوس، وهو أهم الفلاسفة الرواقيين، أن أصل الاضطراب عند الإنسان هو الشعور بنقص ما، ورجح أن هذا النقص يرتبط بالمكانة الاجتماعية، والشرف والجاه والنبل، أما النقص الآخر فسببه الرغبات غير المشبعة، ويقدم أبيكتيتوس إجابة على السؤال المطروح وهو كيف للإنسان أن يتخلص من هذا الشعور؟[٥]
يدعو أبيكتيتوس إلى عدم الانصياع إلى الرغبات، كما دعا إلى تغيير النظرة للأحداث المحيطة بالإنسان، فليست المشكلة بالعالم الخارجي بكل ما فيه من قهر وظلم إنما المشكلة في توقعات الإنسان التي تفوق الواقع، وأول خطوة لهذا التغيير أن يبحث الإنسان في نفسه.[٥]
المراجع
- ↑“تعريف وشرح السلام “، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 28/1/2022. بتصرّف.
- ↑“مفهوم السلام”، الموسوعة السياسية، اطّلع عليه بتاريخ 21/3/2022. بتصرّف.
- ^أبتث“Stoicism”, Stanford, Retrieved 28/1/2022. Edited.
- ↑“المُفكّر المَغربي سعيد ناشيد: عندما يرقد العقل تستيقظ الغرائز البدائية وتضمر طاقة الإنسان”، الجريدة، اطّلع عليه بتاريخ 21/3/2022. بتصرّف.
- ^أب“Epictetus (55–135 C.E.)”, iep.utm, Retrieved 21/3/2022. Edited.