‘);
}

الفلسفة والعلم

يعتقد الناس أن هناك فرقاً كبيراً بين الفلسفة والعلم، وإن الفلسفة لا تعدو كونها دراسة نظريّة غير مرتبطة بالواقع، أما العلم فهو عبارة عن سلسلة من المعارف التجريبيّة، يعتمد على القوانين العمليّة، والتجربة الواقعيّة، والاستقراء، يستطيع تحديد الوقائع الحقيقيّة وغير الحقيقيّة بدقّة، ويفرق بين المنهج النظري والعملي، ولكن هذه الاعتقادات خاطئة تماماً، وليس لها أي أساس أو دليل علمي صحيح، فالحقيقة تقول إن الفلسفة هي الوعاء الكبير، الذي تنبثق منه كل المعارف، والعلوم على اختلافها، وهي التي تحكم على العلم، إن كان حقيقياً أم لا.

لقد أوضح علماء الفلسفة أن الفلسفة هي علم الكليات، والفيلسوف هو شخص لديه مخزون كافٍ من المعارف التي يستطيع به وصف الأحداث التي تجري في الكون من منظور واسع جداً، وإن سئل التاريخ عن أصل المعارف، فإنه سيقدم إجابة شافية مفادها أن الفلسفة أم المعارف، ومنها خرج العلم، وجميع فروعه.

يعد أرسطو، وسقراط، وفيثاغورث، وابن سينا، والبيروني، وابن رشد، وغيرهم من أعلام الفلاسفة، ولكنهم أيضاً برعوا في عديد من العلوم الطبيّة، والكيميائيّة، والفلكيّة، والفيزيائيّة، والجيولوجيّة، وغيرها من المجالات العلميّة المتعددة، فعلى سبيل المثال: ابن سينا كان في الأصل فيلسوفاً، ولكنه برع في الطب، والصيدلة، وألف كتباً لا زالت تُدرَّس إلى الآن في الكليات، والجامعات العالميّة، وفيثاغورث برع في الرياضيّات، والهندسة، وحساب المثلثات، ووضع جدوال اللوغرتيمات، إذن فالفلسفة شملت العلم، واحتوته قروناً طويلة، حتى جاء من أفرغ جعبتها من تلك العلوم، وصعد بها إلى حيّز الدراسة، والتطبيق.