‘);
}

صلة الرحم

تُعَدّ صلة الرحم من أفضل ما يتقرّب به العبد إلى الله -عزّ وجلّ-، وهي تُعدّ من الأمور الواجبة على كلّ مسلم، كما أنّها تحقّ له؛ وذلك بأن يصل رحمه ويصلوه، وقد ربط الله -تعالى- بين صلة الرحم، والبركة في الوقت، والرزق، وجعلها سبباً لهما، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)،[١] فيجلس المسلم مع أقاربه، ويتسامرون، ويتناقشون في المواضيع المختلفة، والمُتنوّعة، ممّا يؤدّي إلى صفاء صدر كلٍّ منهم تجاه الآخر، وزيادة الألفة والمَحبّة فيما بينهم، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأرحام من أحقّ الناس وأولاهم بالإحسان، والرعاية، قال الله -تعالى-: (وَأُولُو الأَرحامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ).[٢][٣]

وقد كانت صلة الرحم من الأخلاق المعروفة قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وعُرِف بها أيضاً، كما يتّضح ذلك من قول أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- له حين نزل عليه الوحي أوّل مرّةٍ: (كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ)،[٤] وكان رسول الله يمدح أرحامه، ويدعو لهم، ويُوصي بعضهم ببعضٍ، ويفخر بهم، ويقدّم لهم المساعدة المادّية، والمعنويّة، وممّا كان أنّه دعا لعبدالله بن عباس بأن يُفقِّهه الله في الدين، ويُعلّمه التأويل، ومن أجلّ وأعظم المواقف التي تدلّ على حرص الرسول على رَحِمِه ما حصل عند موت عمّه أبي طالب؛ فقد جاءه رسول الله، وكان عنده أبو جهل، وعبدالله بن المغيرة، فطلب منه الرسول أن ينطق الشهادة فأبى، ولمّا مات أراد النبيّ أن يستغفر لعمّه، روى الإمام البخاريّ قول الرسول في ذلك: (أمَا واللهِ لأستَغفِرَنَّ لكَ ما لم أُنْهَ عنكَ)،[٥] فأنزل الله قوله ناهياً عن ذلك: (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولي قُربى مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُم أَصحابُ الجَحيمِ).[٦][٧]