‘);
}
إقامة الأدلة على قدرة الله ووحدانيته
قال الله -سبحانه-: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِق* النَّجْمُ الثَّاقِبُ).[١]
سورة الطارق من السور المكية باتفاق العلماء،[٢] وتدور مقاصدها حول بعض مقاصد السور المكية العامة، إذ تبين هذه الآيات الكريمات شيئا من قدرته -سبحانه وتعالى-، فمن تأمل قدرته الباهرة سيعلم أنه لا مثيل له ولا ندّ له، وأنه واحد لا شريك له.[٣]
وهو -عز وجل- يضرب لنا مثلا على قدرته بالسماء والنجوم، فهو يقسم بالسماء المحكمة الواسعة، ثم يقسم بشيء مما فيها -بالطارق-، ولتعظيم شأن الطارق يسأل عن كنهه سؤالاً يبين عدم قدرة البشر على معرفته، ثم يجيب عن السؤال -سبحانه وتعالى- فيبين أنه النجم الذي يثقب ظلام الليل بنوره.[٣]
‘);
}
بيان حفظ الله للإنسان
قال الله -سبحانه-: (إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ).[٤]
أقسم الله -سبحانه وتعالى- بالسماء وبالنجم ليبين أمراً في غاية الأهمية، وهو حفظه -سبحانه وتعالى- للإنسان، حيث حفظه بالملائكة من الآفات والشرور، وهم يحفظون كذلك أعماله وأقواله وتصرفاته، فيحصونها عليه ليحاسب عليها؛ إن خيراً فخير وإن شراً فشر، والحافظ الحقيقي هو الله -عز وجل-، وما الملائكة إلا أدوات.[٥]
إثبات قدرة الله على البعث
قال الله -سبحانه-: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ* يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ* إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ* يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ* فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ).[٦]
يلفت النص القرآني الكريم نظر الإنسان إلى كيفية بدء خلقه، فيبين -سبحانه وتعالى- أن الإنسان خلق من المني الذي يخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة؛ وهي ثدييها، فالذي أوجد الإنسان وخلقه بهذا الشكل المعجز قادرٌ على إرجاعه حيّاً مرة أخرى في الآخرة.
حيث يُحيِيه في الآخرة ليظهر ما كان يسرّه الإنسان في صدره، وما كان يخبّئه في قلبه من خيرٍ وشرٍ، فيظهر برّ الأبرار، وفجور الفجّار، وتصير كل الأمور علانية، وفي هذه الأثناء لا يملك الإنسان قوة من نفسه يدافع بها عن نفسه، ولا يجد أحداً غيره ينصره.[٧]
بيان أن القرآن منزل من عند الله
قال الله -سبحانه-: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ* وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ* إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ* وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ).[٨]
بعد أن بيّن -سبحانه وتعالى- قدرته على بعث الإنسان يوم القيامة كما خلقه أول مرة، يبين أن القرآن الكريم الذي أنزله قوله فصل وصدق، وما أخبر به عن البعث بعد الموت حق وسيقع، وما أنزل فيه من الهدى أحق أن يتبع، ولزيادة تأكيد الأمر أقسم الحق -سبحانه وتعالى- مرة أخرى بالسماء التي ترجع الغيث إلى الأرض بعد أن يتبخر.
وقد سمّاها ذات الرجع ليتناسب مع إرجاع الناس أحياء بعد موتهم، ثم أقسم -سبحانه وتعالى- بالأرض التي تتصدع شقوقاً فيخرج منها النبات، وفي إخراج النبات من الأرض الميتة كذلك دليل على قدرته -سبحانه وتعالى- على بعث الناس بعد موتهم.[٢]
وقد أقسم الحق -سبحانه وتعالى- بالسماء ذات الرجع، وبالأرض ذات الصدع، ليُبَرهِن على صدق القرآن، وأن كلامه فصل، نفى عن القرآن الكريم أنه هزل وهذيان كما ادعى المشركون عندما لم يقبلوا عودة الحياة للإنسان بعد موته التي أخبر بها، وعجزوا عن مواجهة حجته البالغة.[٢]
تهديد الكافرين بسوء العاقبة
قال الله -سبحانه-: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا* وَأَكِيدُ كَيْدًا* فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا).[٩]
يبين الله -سبحانه وتعالى- أن رؤوس الشرك في مكة المكرمة وأعوانهم يحيكون المكائد بهدف إيذاء النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للوقوف في وجه دينه الحق، وليصدوا الناس عن سبيل الله -سبحانه وتعالى- وعن القرآن، فيدّعون حيناً بأن القرآن أساطير الأولين، وأخرى بأن محمدا -صلى الله عليه وسلم- ساحر أو مجنون أو شاعر.
ووصل بهم الأمر أن يتآمروا على قتله، ولكن كيدهم مهما بلغ فلن يصمد أمام كيد الله -سبحانه وتعالى-، فالله -عزت قدرته- يدبر لهم تدبيراً، ويستدرجهم في عصيانهم، ويمدّ لهم ثم يجازيهم جزاء كيدهم الجزاء الذي يستحقونه،[١٠] وأمر الله -سبحانه وتعالى- لنبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- أن يتركهم مهلة من الزمن، وعد له بالنصر؛ فالله -سبحانه وتعالى- هو من سيتولى أمر المعركة معهم.[١٠]
المراجع
- ↑سورة الطارق، آية:1-3
- ^أبتابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس:الدار التونسية للنشر، صفحة 257، جزء 30. بتصرّف.
- ^أبمحمد طنطاوي (1997)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 353، جزء 15. بتصرّف.
- ↑سورة الطارق، آية:4
- ↑الزحيلي (1991)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 1)، دمشق:دار الفكر، صفحة 176، جزء 30. بتصرّف.
- ↑سورة الطارق، آية:5-10
- ↑عبد الرحمن السعدي (2000)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (الطبعة 1)، صفحة 919. بتصرّف.
- ↑سورة الطارق، آية:11-14
- ↑سورة الطارق، آية:15-19
- ^أبالزحيلي (1422)، التفسير الوسيط للزحيلي (الطبعة 1)، دمشق:دار الفكر، صفحة 2860، جزء 3. بتصرّف.