‘);
}

صدّ قريش عن دعوة الإسلام

كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- صاحب مكانةٍ رفيعةٍ في قريش، حيث كان من بني هاشم؛ أفضل الناس نسباً في مكّة، بالإضافة إلى محبّةٍ خاصّةٍ سببها حُسن خلقه، وكرم نفسه، وطهر قلبه، فقد كان يلقّب بالصادق الأمين قبل البعثة، ولكن لمّا جاءهم برسالة الإسلام، تحوّلت المحبّة إلى حربٍ ضروس بكلّ أنواعها ومعانيها، وكانت تلك الحرب تشتدّ كلّما دخلت دعوة الإسلام مرحلةً جديدةً، كما تنوّعت أساليب صدّهم عن سبيل الله، فتارةً بالترهيب والتهديد، وتارةً بالسياسة والترغيب، وأخرى بالقتل والتعذيب، وتارةً بالمقاطعة التي سنذكرها في هذه المقالة.

وكانت بداية حربهم وصدّهم عن الإسلام عندما بيّن لهم رسول الله -عليه الصلاة والسلام- حقيقة آلهتهم المزعومة، وأنّها حجارة لا تضرّ ولا تنفع، فظهر ما كانوا يُخفون في صدورهم، وأصبحوا يقولون عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كاذب ومجنون، بعد أن كانوا يقولون صادق أمين، كما قال الله تعالى:(بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ)،[١] وقوله:(وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ )،[٢] وقوله أيضاً:(وَقالوا يا أَيُّهَا الَّذي نُزِّلَ عَلَيهِ الذِّكرُ إِنَّكَ لَمَجنونٌ)،[٣] ولكنّ رسول الله لم يلتفت إلى أقوالهم، واستمرّ في دعوته حتى آمن به مجموعةً من الناس، فتتطوّر أسلوب قريش، وأصبحت تثير الشبهات حول الإسلام ودعوته؛ ليشكّكوا الناس فيها، كما كان يفعل أبو لهب عندما يذهب رسول الله ليدعوا الناس في السوق فيمشي خلفه ويقول: (إنّ هذا قد غوى فلا يغوينّكم عن آلهة آبائكم).[٤]