
يرى كاتب مقال في صحيفة الغارديان (The Guardian) البريطانية أن الرئيس الأميركي جو بايدن سينجو من تداعيات الانسحاب من أفغانستان، لكن فكرة أن على الغرب واجب القيام بمهام في أحلك الظروف للانتصار للمبادئ الليبرالية قد دُفنت تحت الركام في أفغانستان والعراق.
ونفى كاتب المقال جوناثان فريدلاند ما يردده المحافظون من أن بايدن أراد بالانسحاب أن يكون مثل الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت، لكنه صار مثل الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، كما شكك في ما يعتقده الجمهوريون من أن “كارثة أفغانستان” ستطيح برئاسة بايدن مثلما أطاح احتجاز الرهائن الأميركيين في طهران 1979 بكارتر.
النقطة الأساسية
وأوضح فريدلاند أن النقطة الأساسية تكمن في أن الناخبين الأميركيين تقبلوا الأساس الذي بنى عليه بايدن رؤيته بأن الوقت قد حان لإنهاء “الحرب الأبدية” والخروج من أفغانستان، وأن بايدن وسلفه الجمهوري دونالد ترامب كلاهما وافق على الانسحاب الكامل من أفغانستان في سبتمبر/أيلول الجاري، مشيرا إلى أن بايدن دافع بقوة عن قرار الانسحاب بقوله إنه فعل ذلك التزاما بالوعود التي قطعها على نفسه.
وأما عن الجدل الدائر الآن حول طريقة الانسحاب، فيقول الكاتب إن للبيت الأبيض الكثير مما يمكن قوله؛ مثل أن الإجلاء الجوي لـ120 ألفا مصحوبا بخسائر قليلة نسبيا خلال أسبوعين يمثل إنجازا غير عادي.
ويرى الكاتب أن أزمة الرهائن الأميركيين في إيران كانت قاصمة لظهر كارتر بسبب أن الرهائن الـ52 كانوا جميعهم أميركيين، وأن فترة الأسر التي بلغت 444 يوما كانت إهانة كبيرة.
ضجيج الجمهوريين
وقال إن الجمهوريين أحدثوا ضجيجا خلال الأسبوعين المنصرمين، لكن ليس باستطاعتهم مهاجمة بايدن بسهولة على قيامه بما خططوا هم للقيام به من قبل، وسيتعذر عليهم القول إن الانسحاب كان عملا متسرعا جدا؛ فقد أبلغ ترامب الرئيس بايدن في أبريل/نيسان المنصرم أن عليه الانسحاب مبكرا.
ووصف فريدلاند القول إن بايدن أخطأ سياسيا بأنه أمر خطير، مشيرا إلى أن قائليه يريدون عودة ترامب في 2024.
وأوضح أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان ربما لا يشير إلى نهاية المطامع الاستعمارية في هذا البلد؛ فهناك إمبراطوريات أخرى تحوم حوله، وعلى رأسها الصين التي تضع نصب عينيها ثروات أفغانستان المعدنية، التي تقدر بتريليون دولار.
رفض مبررات التدخلات
وقال إن خوض أميركا الحرب في أفغانستان والعراق بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 تم تحت مبررين اثنين: الأول هو الدفاع عن النفس ضد تنظيم القاعدة، وضد أسلحة الدمار الشامل (رغم عدم وجودها)، والثاني هو مصالح شعوب الدول التي يتم التدخل فيها؛ فالولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا تدخلتا بزعم حماية الأفغان في مواجهة حكومة دينية معادية للنساء، وفي حالة العراقيين فإن التدخل كان لمواجهة الحكم الاستبدادي، وهكذا نشر صناع الحروب مبدأ “التدخل الليبرالي”.
وانتهى إلى أن المبررين المتشابكين هما الآن محل رفض، فلا شكلت هذه التدخلات حماية للأميركيين، ولم تساعد شعوب الدول التي تم التدخل فيها، مضيفا أن هذه التدخلات كان يشوبها دائما النفاق بشكل واضح، وتعطي انطباعا بأنها قد ظلت دائما تقف في الجانب الخاطئ؛ فإذا كان الغرب يريد المساعدة فيمكنه المساعدة بوسائل غير عسكرية، مثل بدء الإسهام في جهود التطعيم العالمية.
وختم الكاتب قائلا إنه عقب هجمات “11 سبتمبر” تدخل الغرب بصورة عمياء وبطريقة متهورة وبثمن باهظ، لكن العالم الآن أصبح مختلفا؛ فهو أكثر حذرا، لكنه ليس أقل وحشية.
