ملخص كتاب أيقظ قدراتك واصنع مستقبلك للدكتور إبراهيم الفقي

يبيِّن لنا الدكتور "إبراهيم الفقي" في هذا الكتاب القدرات اللامحدودة التي وضعها الله سبحانه وتعالى في داخل كل فردٍ من البشر، والروعة التي خلقنا الله تبارك وتعالى فيها، وقد قام الكاتب بتقسيم هذا الكتاب إلى جزأين هما:

Share your love

وقد قام الكاتب بتقسيم هذا الكتاب إلى جزأين هما:

  1. الجزء الأول: أيقظ قدراتك، وفيه يكتشف الإنسان القدرات اللامحدودة التي وهبها له الله سبحانه وتعالى، ويعرف أنَّه أكبر وأقوى من أي تحدٍ من تحديات هذه الحياة.
  2. الجزء الثاني: اصنع مستقبلك، ويركز هذا الجزء على كيفية استخدام هذه القدرات الرائعة، لكي يحقق أهدافه ويبني مستقبلاً رائعاً.

وفي السطور القليلة القادمة سنغوص مع الكاتب في أعماق النفس البشرية ونكتشف روعتها، ونشاهد العجائب، والروعة، ومعجزات الخالق؛ لذا تابعوا معنا فيما يلي:

أيقظ قدراتك:

يشبِّه الكاتب العوائق التي توقف عقل الإنسان عن التفكير في إمكاناته واحتمالات النمو والتقدم لديه بـ “فرامل السيارة”، ولكنَّ الفرامل هنا هي فرامل التفكير السلبي والاعتقاد السلبي عن نفسه وعن الآخرين؛ بل وحتى عن الدنيا كلها، فهذه الفرامل هي التي تمنعه من التقدم، ويبشرنا الكاتب بأنَّ كل إنسان على وجه الأرض يستطيع أن يُبطل عمل فرامل عقله، ويستخدم قدراته، ويحقق أهدافه.

أنواع الفرامل الذاتية التي تمنع معظم الناس من استخدام قدراتهم:

فرامل الأعذار، وتتكون من:

  • عذر الحالة النفسية.
  • عذر الحالة العائلية.
  • عذر الحالة الاجتماعية.
  • عذر الحالة المهنية.
  • عذر الحالة المادية.
  • عذر الخوف.
  • عذر العادات.
  • عذر العمر.
  • عذر الحالة الجسمانية.
  • عذر الحرص الشديد.

ودورة الأعذار هي كالتالي: القرار، ثمَّ الاختيار، ثمَّ الاستخدام، ثمَّ التعديل، ثمَّ التكرار، ثمَّ الاعتقاد، ثمَّ التدعيم، ثمَّ العادات.

والكثير من الناس ما تلبث أن تضعه في مكانٍ معيَّن إلا وتجده قد اعتاده، فيعتاد على الأعذار، ويكرر هذه الدورة ويقنع بها نفسه والآخرين، حتى يصل إلى منطقة الراحة، وهنا تحدث العادات وتتكون الآلام الذاتية بسبب الفرملة العقلية.

ويذكر الكاتب هنا أنَّه مع الألم تحدث نقطة هامة جداً كان قد ذكرها في علم ديناميكية التكيف العصبي – إبراهيم الفقي من قام بتأسيس هذا العلم – هذه النقطة هي “ساعة الحياة”، وهي أنَّ الإنسان حين يولَد إنَّما يولَد في براءةٍ تامة، ثمَّ بعد ذلك يبدأ بمواجهة التحديات في هذه الحياة، كأن يمرض مثلاً، أو يخشى السقوط على الأرض، أو يشعر بالوحدة، ويريد أن تكون والدته معه، ومن ثمَّ تكون عنده تحديات حتى يكبر وتصبح عنده تحديات من نوعٍ آخر وأكبر.

وتحديات الإنسان تكون مستمرةً معه طوال حياته، وبعد ذلك تحدث نقطة التحول، وهي عندما يصل الإنسان إلى مرحلة الإدراك، فهو يدرك تماماً أنَّه كان يمرُّ بمرحلةٍ صعبة، وأنَّه كان يستخدم فرامل عقله، وكان يدرك أنَّه يستخدم مرض الأعذار، مثل: مرض الحالة النفسية، أو مرض الحالة المادية، أو الاجتماعية، فبمجرد أن يدرك الإنسان أنَّ هناك شيئاً غير طبيعي لا بُدَّ أن يتغير، فيبدأ تحوُّل الألم إلى قوة وقدرات.

1. إيقاظ القدرات:

إيقاظ القدرات هو الإدراك، فابدأ بالإدراك أولاً واعرف مَن أنت، ثمَّ بعد ذلك تقبَّل نفسك كما أنت؛ وذلك لأنَّ التقبُّل الذاتي جزء من التقدير الذاتي، فلا بُدَّ أن تتقبل نفسك ذاتياً، فالتقدير الذاتي يتكون من ثلاثة أشياء:

  1. التقبل: أن تتقبل نفسك كما أنت.
  2. التقدير: أن تُقدِّر نفسك، وخبراتك، وأفكارك، وتجاربك.
  3. الحب الذاتي: طالما أنَّك تحب الله سبحانه وتعالى، فلا بُدَّ أن تحب هديته كما هي؛ أي أن تحب نفسك كما أنت، وأن تتقبل نفسك، وشكلك، ولونك، وطولك، وعرضك، وتتقبل والدك ووالدتك، وتتقبل اسمك كما هو تماماً، وإن لم يوجد هذا التقبل والتقدير لأحد، فلن يوجد تقبُّل لنفسك، أو تقدير، أو حب لها، وسيوجد ضعف في صورتك الذاتية، وفي تحقيق الذات، وفي التقدير الذاتي، فلا بُدَّ بعد الإدراك مباشرةً من التقبل الذاتي، وأنَّك أفضل مخلوقٍ عند الله سبحانه وتعالى.

لا بُدَّ أن تفصل بين نفسك وبين سلوكك، ولا بُدَّ أن تتقبل نفسك، ليس بطولك أو عرضك، ولا بوالدك أو والدتك، ولكنَّك أفضل مخلوقٍ عند الله، ولقد سخَّر لك السماء والأرض وما بينهما، وهذا التقبل الذاتي يُعَدُّ دفعةً لك للأمام؛ وذلك لأنَّك تصبح بغير عقدٍ حسية، فإذا ما عيَّرك شخص بأنَّك طويلٌ أو قصير، أو عريض، أو باسمك، أو والدك، أو باسم العائلة، أو غير ذلك، فكل ذلك ينبغي ألا يؤثر فيك إطلاقاً؛ بل تقول لنفسك: “سوف أغيِّر الذي أستطيع تغييره، والذي لا أستطيع تغييره فسأتركه وأتقبَّله”، ومن جميل ما يقال في هذا المعنى ما قيل: “اللهم أعنِّي على تغيير ما أستطيع تغييره، وتقبُّل ما لا أستطيع تغييره، ومعرفة الفارق بينهما”.

شاهد بالفديو:11 وسيلة لتعزيز القدرات العقلية والذاكرة والتحفيز

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/W4ike_GJiVI?rel=0&hd=0″]

2. تفاءل بالخير تجده:

قول “تفاءلوا” هو فعل أمر مباشر مستمر في الزمن بالخير؛ أي إنَّ الخير هو الوسيلة، فما هي النتيجة؟ هي: “تجدوه” فتفاءلوا بالخير تجدوه؛ أي عندما تتفاءل بشيء تجد هذا الشيء، وهذا من قوانين نشاطات العقل الباطن الذي يقول: إنَّ أي شيءٍ تفكر فيه يتسع وينتشر من النوع نفسه، وينجذب إليك من النوع نفسه، فعندما تفكر بالتفاؤل ينجذب إليك من النوع نفسه؛ أي تدخل في قانون الانجذاب، وقانون الرجوع، وقانون جوانب الخواطر، والله سبحانه وتعالى يجعل هذه القوانين تنجذب إليك.

فإنَّ الله سبحانه وتعالى يقول للشيء كن فيكون، فلا بُدَّ أن تطيعه، وتخلص له، وتحبه وبوفاءٍ تام، وسوف يعطيك ما تريد، وأن تتقرب منه، وتحب الناس وتمد لهم يد العون والمساعدة، وتتقرب بهؤلاء الناس إلى الله تبارك وتعالى؛ حيثُ يقول الله عزَّ وجل: {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلَاْ} [سورة: الكهف، الآية: 30]، ويقول: {وَبَشِّرِ الصَّاْبِرِيْن} [سورة: البقرة، الآية: 155]، فلا بُدَّ من أن تتذكر كل ذلك، فلقد حان الوقت أن تقول: “يا رب أنا أتقبل نفسي كما أنا”، وحان الوقت أن تدرك أنَّه لا يوجد أي شخص في الدنيا يستطيع أن يؤثر فيك دون إذنك، ولا يوجد شخص يمكن أن يجعلك تشعر بأي شعور دون إذنك، فأي مؤثر خارجي يؤثر فيك، فإنَّه يؤثر فيك بإذنك أنت، وأنت الذي تفكر فيه وتجعله يؤثر فيك، وأنت الذي تعطي له ردة فعلك، وتفصل نفسك تماماً عن العالم الخارجي، وتخرج لنا، وتتصل بنا، وأنت في كامل روعتك، وتتأكد أنَّ الذي يسخر منك سوف يأتي إليك ويقف وراءك حتى تقضي له حاجته، وهذا هو القانون الموجود في الكون، فأي شخص عنده قدرات وأهداف يجري إلى تحقيقها.

ويعود الكاتب ليذكِّرك مرةً أخرى أنَّ أول شيءٍ يجب عليك القيام به هو إدراكك لقدراتك اللامحدودة، والتقبل التام لما أنت عليه الآن، ثمَّ بعد ذلك القرار القاطع بأن تستخدم قدراتك الآن، ولا تضيِّع وقتك في الكلام غير المجدي، أو في “القتلة الثلاثة” وهي: “اللوم، والنقد، والمقارنة”، وكلما استخدمتَهم، زادت قوَّتهم عليك ويضيع وقتك، فبدلاً من أن تستهلك وقتك في اللوم فاستهلكه بالفعل، وبدلاً من أن تضيِّع وقتك في المقارنة، فكن أنت الأفضل والأحسن، وبدلاً من أن تضيِّع وقتك في النقد، فتقبَّل الناس كما يكونون، وحاول أن تُغيِّر من السلوك، وقد يكون ذلك في تغيير سلوكك أنت. 

بعد ذلك الاختيار، هل يا ترى تحب أن تعيش سعيداً أم تعيساً؟

اسأل الناس، واسأل نفسك، فلا تجد أحداً يقول لك: إنَّه يحب أن يعيش تعيساً، أو يحب المرض والمستشفيات، وستجد أنَّ الناس كلهم يحبون أن يكونوا سعيدين.

وبعد ذلك اسأل السؤال الثاني: هل ما تقوم بفعله يوصلك إلى السعادة؟

فطالما الذي تفعله لا يوصلك إلى الذي تريده فسيحدث لك الاكتئاب؛ وذلك لأنَّ هذه كلها انعكاسات نفسية فلا بُدَّ من أن تفكر في شيءٍ أنت تريده وتختاره فعلاً، وعندما تختاره تبدأ بوضعه حيز الفعل؛ وذلك لأنَّ هذا هو الاختيار، فالقرار يجب أن يكون معه الاختيار، عندها نصل إلى النتيجة التالية: إدراك، وقبول، وقرار، واختيار، ولكنَّ هذه النتيجة ليست كافيةً لنوقظ قدراتنا، فبعد ذلك لا بُدَّ من أن تتحمل مسؤولية حياتك؛ وذلك لأنَّ تحمُّل المسؤولية هو بداية القوة الذاتية، وبعد ذلك يأتي تنظيف الماضي، والسؤال المطروح هنا: هل يوجد إنسان ينظف الماضي؟

الجواب: بالطبع نعم، ويسأل الكاتب عدداً من الأسئلة:

هل حدثَت لك تجربةٌ سلبية في الماضي؟ بالتأكيد نعم، فكل واحد منا حدثَت له تجربةٌ سلبية.

هل إذا رجع الماضي وحدثَت التجربة نفسها، فهل ستتصرف بالطريقة نفسها؟ بالطبع لا، فما السبب؟ إذا حدث لك الموقف نفسه في الوقت الحاضر، فسوف تتصرف بشكلٍ أفضل، وإذا حدث لك الموقف نفسه وتصرَّفتَ تصرُّفاً خاطئاً، فسوف تلوم نفسك، وتنقد، وتقارن، وتحزن، ولكنَّك بمجرد أن تعود إلى الماضي للموقف نفسه وتتصرف تصرُّفاً مختلفاً، فسوف تجد أنَّ الماضي تحوَّل إلى مهارة، فلا بُدَّ أن ترجع إلى تجربةٍ سلبيةٍ حدثَت لك في الماضي، وارجع بذهنك إلى هناك، فذهنك عنده القدرة على الرجوع إلى الماضي، وعِش التجربة للحظات، فستلاحظ الآتي: تفكيرك؛ أي كيف فكَّرتَ؟ ووضع جسمك؛ أي كيف تقف أو تجلس؟ وتعبيرات وجهك؛ أي كيف كانت تعبيرات وجهك؟ والتنفس؛ أي كيف تتنفس؟ وسلوكك، فماذا تفعل؟ وإحساسك، فكيف كنتَ تشعر؟ والآن اترك هذه التجربة السلبية، وخذ نفساً عميقاً، ثمَّ اتركه ببطء وانظر حولك إلى اليمين واليسار، وهذا يسمى كسر الحالة.

وهذا عين ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند الغضب، فعن “أبي ذر” رضي الله عنه قال: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).

ويمكنك تنظيف الماضي باتباع ما يلي: “تخلَّ عن الأحاسيس السلبية واستخدم المهارة”، فهاتان الجملتان قويتان جداً، فكيف تتخلى عن الأحاسيس السلبية وتستخدم المهارة؟ فمع استخدام المهارة يكون لديك إحساس إيجابي، وأنت لا يمكن أن يكون عندك إحساسان، فإما إحساس سلبي، أو إحساس إيجابي، فعندما تستخدم المهارة وتفكر في التجربة نفسها، تجد أنَّ الإحساس السلبي يختفي، ويظهر الإحساس الإيجابي، وبهذه الطريقة يمكنك أن تنظف الماضي.

والخطوة التي تأتي بعد تنظيف الماضي هي “ترتيب الحاضر” فبعد أن قمتَ بتنظيف الماضي، لا بُدَّ أن ترتب الحاضر، فكيف نرتب الحاضر؟ أي ترتيب القيم والأولويات، وتنظيف محيط بيئتك، فيجب على الناس أن ينظفوا أنفسهم أولاً، وينظفوا أفكارهم؛ وذلك لأنَّ المفكر هو الذي يوجد فكرةً في ذهنه، والفكرة هي السبب في التفكير، والتفكير هو السبب في التركيز، والتركيز هو السبب في الانتباه، والانتباه هو السبب في الإحساس، والإحساس هو السبب في السلوك، والسلوك هو السبب في النتائج، والنتائج هي السبب في المصير، فإذا أردتَ أن تغيِّر مصيرك فارجع وغيِّر أفكارك، وإذا كنتَ تريد أن تغيِّر في حياتك فابدأ بتنظيف نفسك من الداخل، ورتب ما بداخلك وخارجك، فعندما ترتب أفكارك اسأل نفسك أولاً: ما هي أولوياتك؟ ما الذي تريد أن تفعله أكثر من أي شيءٍ آخر في حياتك؟ واكتب كل ذلك، بعدها لاحظ ماذا ستشعر؟

وبعد ذلك نأتي إلى مرحلة “الاستعداد التام للمستقبل” فعندما تضع نفسك في حيز الفعل فتجد التحديات، فلا بُدَّ أن تكون مستعداً، وتعرف أنَّك متوكل على الله سبحانه وتعالى، وأنَّ النتائج في يد الله عزَّ وجل.

3. الرؤية:

ماذا تعني “رؤية”؟ وماذا تعني “غاية”؟ وماذا يعني “الهدف”؟ وماذا يعني “الصراط المستقيم”؟ وماذا يعني “تفاءلوا بالخير تجدوه”؟ وماذا يعني {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [سورة: آل عمران، الآية: 159]؟ وماذا يعني {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [سورة: البقرة، الآية: 153]؟

فعندما تفكر بهذه الطريقة لا بُدَّ أن تكون مستعداً، ومن ضمن الاستعدادات لا بُدَّ أن تكون مستعداً استعداداً جيداً للمستقبل.

4. النية:

أي إنَّك تنوي أن تستخدم قدراتك، وتنوي أن تستخدم حواسك كلها، وأن تساعد أكبر عدد من الناس، وأنَّه مهما حدث فإنَّك لن تترك أحلامك وأهدافك، وأن تتوكل على الله سبحانه وتعالى؛ هذه هي النية، وكما قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِيْن}، فإذا نويتَ الطاعة التامة، فلا بُدَّ من الإخلاص، أن تخلص لله سبحانه وتعالى، ولا يوجد هناك شيء أفضل من الإخلاص التام لله عزَّ وجل، وطالما أنَّك تطيع الله سبحانه وتعالى وتحبه وتؤمن به، فلا بُدَّ أن تخلص له.

وطالما أنَّك تعلَّمتَ الإخلاص، فأنت إنسانٌ مخلص لله، ومخلصٌ لنفسك، ومخلصٌ للآخرين، ومخلصٌ في عملك، وعندما تخلص في شيء يخلص لك ويحبك، وتذكَّر شيئاً هاماً، وهو أنَّ الذي تريده يريدك، والذي تخلص له يخلص لك، والذي تتفانى له تجده يتفانى لك، وطالما أنَّك فكَّرتَ في شيء ودخل في إدراكك يصبح موجوداً في وجدانك، وعندما تضعه في حيز الفعل يصبح موجوداً في مصيرك.

والخطوة التالية هي: “الوفاء”

والوفاء مرتبط بالعرفان، والعرفان شيءٌ مستمرٌ في الزمن، فتخيَّل أنَّ الله عزَّ وجل الذي خلقك بيده الكريمة، وسخَّر لك السماء والأرض وما بينهما، فهذا العرفان يدخل فيه الحمد لله سبحانه وتعالى وشكره، ويقول الله سبحانه وتعالى بعد أن تفعل كل ذلك: {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [سورة: إبراهيم، الآية: 7]، وهذه روعة جمال وحكم الله سبحانه وتعالى.

كيف تصنع مستقبلك؟

لكي تصنع مستقبلك تذكَّر جيداً أنَّك تعيش اللحظة الآن وكأنَّها آخر لحظة في حياتك، فعِش بحب الله، وبطاعته، والإخلاص والوفاء له، وحبه من كل قلبك، واشعر بلذة الإيمان؛ وذلك لأنَّها تنتشر في كل مكانٍ من جسمك، فاشعر بها، وتخلَّق بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي قال له الله عزَّ وجل: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [سورة: القلم، الآية: 4]، ومن بعد ذلك تعلَّم من الرسل والأنبياء والصحابة والأولياء والصالحين أنَّك تعيش بالأخلاق، وبعدها تقرأ، كما قال الله سبحانه وتعالى: {اقرَأ} [سورة: العلق، الآية: 1]، وهو فعل مباشر مستمر في الزمن، فلا بُدَّ أن تقرأ وتُنمِّي نفسك باستمرار، وأن تُدخِل معها المرونة التامة، فعندما نزل سيدنا جبريل بالوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أخذه وضمه وقال له: {اقرَأ}، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أنا بقارئ”، فضمه أكثر وقال له: {اقرَأ}، فقال: “ما أنا بقارئ”، فضمه أكثر وقال له: {اقرَأ}، فقال: وماذا أقرأ؟ قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [سورة: العلق، الآيات: من (1- 5)]، فهذه مرونة؛ وذلك لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يريد هنا أن يعرف ماذا يقرأ، فهذا هو حب العلم والمعرفة.

1. اصنع مستقبلك:

الاستراتيجية الكاملة لصنع مستقبلك:

أول شيء لا بُدَّ أن تفكر فيه هو “الرؤية” وهي تعني أن تعرف ماذا تريد بالتحديد، سواء على الأمد القريب أم الأمد البعيد، ومعظم الناس لا تعرف الفرق بين الهدف، والرؤية، والغاية.

فالهدف مستمر في الزمن، والرؤية: هو الشيء الذي تريد أن تصل إليه، قال “عبد الله بن عمر” رضي الله عنه: (أحرِز لدنياك كأنَّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنَّك تموت غداً)، لو نظرتَ إلى هذه الحكمة الرائعة لوجدتَ أنَّك لكي تعمل لدنياك فيجب عليك أن تتصل بها بأحاسيسك، وأهدافك، وسلوكاتك، ولكن لو فكَّرتَ في أنَّك قد تموت غداً وتعيش بهذا الاعتقاد فستجد أنَّك يجب أن تنفصل عن الدنيا وتركز انتباهك، وأحاسيسك، وتصرفاتك، واتصالك بالآخرة، فكيف نعيش متصلين ومنفصلين في الوقت نفسه؟

إنَّ معنى ذلك هو أنَّك تتصل بالدنيا وتتمتع بها على أن تفكر في الآخرة، وأنَّ الموت قد يكون في هذه اللحظة فتعيش باتزان فتتخذ الدنيا طريقاً إلى الآخرة، وتتخذ الآخرة طريقاً روحانياً للدنيا، وبذلك تعيش نجاحاً متزناً ومستمراً في الدنيا والآخرة؛ ولذا فإن لم تكن الرؤية واضحةً تماماً ومرتبطة كلياً بغرض روحاني وهو الارتباط بالله سبحانه وتعالى، فأصبحَت رؤية مرتبطة بالمادة وقتها في الدنيا.

2. الرغبة المشتعلة:

فالرؤية: هي وقود السلوك، والرغبة المشتعلة: هي وقود جبار مشتعل يدفع الإنسان إلى الفعل.

كيف تستطيع الحصول على الرغبة المشتعلة؟

الإجابة بسيطة، وهي الأسباب، فعندما تكون الرؤية واضحةً، فذلك يعطيها قوةً ودفعة إلى الأمام، وعندما تكون مرتبطةً بطاعة روحانية عالية تزداد الرغبة في تحقيقها، وعندما تعطى الرؤية على الأقل بخمسة أسباب لتحقيقها تزداد الرغبة وتشتعل وتدفعك إلى السلوك.

3. الاعتقاد الذاتي:

إنَّ الاعتقاد لا يشترط أن يكون حقيقةً أو خيالاً واقعاً أو غير واقع، ولكن كل ما يشترطه الاعتقاد هو أن تعتقد فيه، كما أنَّ الاعتقاد الذاتي القوي هو المدعم للرغبة المشتعلة، والتي بدورها تدعم الرؤية الواضحة، والتي هي الأخرى عندما تكون مرتبطةً بمرضاة الله سبحانه وتعالى تصبح مستمرةً في الزمن، وتمنح النجاح في الدنيا والآخرة.

4. الأهداف:

إنَّ الصورة الذاتية هي الصورة التي ترسمها لنفسك بسبب اعتقادك عن نفسك، وبسبب آراء الناس عنك، فلو أنَّ مُدرِّسك شجعك، فسوف تجد لنفسك صورةً ذاتية قوية، فأغمض عينيك وخذ نفساً عميقاً، واعمل صورةً عنك، وضع في هذه الصورة جميع الألوان التي تحبها، وأدخِل عليها النور، ثمَّ ادخل بنفسك داخل الصورة، وأنت تحقق هدفك ورؤيتك، واجعلها واضحةً تماماً، ثمَّ اخرج منها وأعطِها طاقةً بنفسك، وفي كل يوم، وقبل النوم خاصةً انظر إلى هذه الصورة، واضحةً وقوية، ثمَّ في كل يوم صباحاً أغمض عينيك وانظر إلى الصورة حتى تسطع في ذاكرتك، وتكون موجودةً في عقلك الباطن حتى تصبح عادةً، ودون الصورة لا يمكن أن تتغير، فلا يمكنك أن تُغيِّر العالم الخارجي إلا بعد أن تُغيِّر ما في داخلك.

5. الشجاعة:

إنَّ الإنسان الذي يمتلك الشجاعة يعرف بالتحديد ماذا يريد، ويعرف بالتحديد كيف يفعل، ويعرف بالتحديد متى يفعل.

ما الذي يوقف الشجاعة؟

إنَّه الخوف، الخوف من المجهول، والاعتراض، والاستهزاء، والفشل؛ بل هناك الخوف من النجاح، فهناك أناسٌ تقول: إنَّ الناس الناجحين قد يكونون لصوصاً أو نصابين، أو بعيدين عن الله سبحانه وتعالى، أو أنَّ النجاح قد يجعلني إنساناً أنانياً، فإنَّ كل هذا الكلام غير صحيح طبعاً.

6. التخطيط الاستراتيجي:

في التخطيط الاستراتيجي أنت تأخذ الهدف وتضعه في الاحتمالات، فماذا يمكن أن يحدث لو أنَّك وضعتَه في الفعل المباشر؟ كيف أقاوم التحديات التي قد توقفني؟ إنَّ قانون التحكم يقول: “حين تفكر في احتمالات حل أزمةٍ مستقبلية، فيكون عندك أكثر من بديل”، ولو لم تفعل ذلك لما استطعتَ أن تواجهها، فأول شيء في التخطيط الاستراتيجي هو أن تفكر في كل الاحتمالات التي قد توقفك عن تحقيق هدفك.

يُقسَم التخطيط الاستراتيجي إلى مرحلتين هما:

  • المرحلة الأولى: التخطيط، والتقييم، والتعديل، والتعلم، والتنفيذ.
  • المرحلة الثانية: القوة الثلاثية وتتكون من: الالتزام، والإصرار، والانضباط.

7. المرونة:

غير ممكن إطلاقاً أن تصنع مستقبلك دون أن تكون مرناً إذا لم يتحقق شيء من هذه الأشياء.

إنَّ المرونة كما في قانون من قوانين العقل الباطن يقول: “إنَّ الشخص الأكثر مرونةً يستطيع التحكم بأحاسيسه، ويحقق أهدافه أكثر من الشخص الذي ليس عنده مرونة”؛ وذلك لأنَّ الشخص المرن يعرف كيف يفكر تفكيراً مختلفاً.

8. الصبر:

لا تستطيع أن تصنع مستقبلك دون أن يكون عندك الصبر؛ وذلك لأنَّك سوف تواجه تحدياتٍ.

9. الاستحقاق:

فأنت الآن تُحقِّق أهدافك، ومن أهدافك تصل إلى الرؤية، ثمَّ بعد ذلك إلى الاستحقاق، وكلمة الاستحقاق؛ أي إنَّك تستحق، فأنت فعلتَ كل ذلك من رؤية، وغاية، وغرض، واعتقاد ذاتي، وصورة ذاتية، وبدأتَ تنفذ وتخطط استراتيجياً، وحقَّقتَ أهدافك، وبعد كل هذا التعب تقول لنفسك: أنا أستحقها، أنا تعبتُ وأستحق كل ذلك النجاح، اللهم لك الحمد والشكر.

10. مساعدة الآخرين:

فبعد أن وسع الله سبحانه وتعالى عليك، ووسع أهدافك، وأعانك على تحقيقها، فلا بُدَّ أن تساعد الناس، فإذا أردتَ أن تستمر أفكارك في الزمن، فلا بُدَّ أن تعطيها للآخرين.

في الختام:

هل من الممكن أن تفعل كل ذلك ثمَّ لا تستطيع أن تُحقِّق هدفك؟

بالتأكيد ممكن؛ وذلك لأنَّك إذا لم تُحقِّق هدفك، فهناك سبب من اثنين، إما أنَّك أخذتَ بالأسباب دون أن ترجع إلى مُسبِب هذه الأسباب، أو أنَّك أُصِبتَ بالغرور؛ لأنَّ النجاح يمكن أن يوصل إلى النجاح، ويمكن أن يوصل إلى الفشل، وهذا الفشل مطلوب كي تركز على قدراتك الحقيقية التي أعطاك الله سبحانه وتعالى إياها، وترجع إلى الله عزَّ وجل، وتتوكل عليه، وتساعد أكبر عدد من الناس، وهنا “قانون الرجوع”، فلا يمكن أن تساعد أي شخص دون أن تشعر بالسعادة، وفي الوقت نفسه تجد أنَّ الله سبحانه وتعالى يعطيك أكثر فأكثر.

في مشوارك في هذه الدنيا لا بُدَّ أن تتذكر دائماً مَن أنت، وتتذكر أنَّك أفضل مخلوق عند الله سبحانه وتعالى، واعرف دائماً قيمة نفسك.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!