ملخص كتاب نظرية الفستق للكاتب فهد عامر الأحمدي (الجزء الثاني)

كنَّا قد لخصنا سابقاً كتاب (نظرية الفستق) للكاتب "فهد عامر الأحمدي"، والذي لاقى إقبالاً وانتشاراً غير مسبوق في العالم العربي، وحقق مبيعات هائلة؛ وعدنا إليكم اليوم مع ملخص للجزء الثاني من الكتاب، والذي لا يختلف عن اتجاه الجزء الأول، بل يعدُّ امتداداً له، ويستكمل الحديث عن طرائق التفكير وأخطاء التعامل ودوافع التصرف وعلاقتنا بالناس والمجتمع، وغيرها من المواضيع التي يعتقد الكاتب أنَّها ستُحدِث تغييراً في طريقة تفكيرك وحكمك على الأشياء؛ لذا، سنحاول في هذا المقال أن نلخص بعض أهم الأفكار التي وردت فيه.

Share your love

1. أكثر إنسان محظوظ في الدنيا:

قبل أن أخبرك بالأشياء الجميلة التي أعرفها، دعنا نتعرف أولاً على الأشياء الجميلة التي تمتلكها، ونراجع الأشياء المميزة في حياتك، والتي أصبحت واقعاً يسبق أمنياتك.

دعنا نتذكر أولاً كم أنت محظوظ بوجودك في هذه الدنيا، ووصولك إلى هذا اليوم؛ ولنتذكر حقيقة أنَّك الفائز الوحيد من بين 56 مليون حيوان منوي تنافسوا على تلقيح بويضة، وأنَّك لم تتعرض إلى حالة إجهاض طبيعية مبكرة، ولم تكن ضمن 15 مليون جنين يُولَدون كلَّ عام أمواتاً أو خُدَّجاً، وأنَّك تمتلك عينين ولساناً وشفتين، وتستطيع رؤية والديك وأطفالك وجمال الطبيعة حولك، وهو ما يفتقده 120 مليون كفيف حول العالم.

دعنا نتذكر أنَّك تستيقظ كلَّ صباح وقد مُنِحت يوماً جديداً تستمتع فيه بكلِّ النعم السابقة، وأنَّك لن تتردَّد في دفع أموال الدنيا لتعيش يوماً إضافياً مماثلاً.

تكمن مشكلتنا الحقيقية في تحول جميع هذه النعم إلى مسلَّمات لا نشعر بقيمتها؛ لذا قبل أن تندب حظَّك في الدنيا، تذكر أنَّك أنت المعني بعنوان الموضوع.

شاهد بالفيديو: 5 فوائد مثبتة للشعور بالامتنان

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/SOcw8jBPTiI?rel=0&hd=0″]

2. كن أنت التغيير الذي تريده:

يطالب جميعنا بالتغيير، ولكنَّ معظمنا يعجز عن تغيير نفسه، أو بالأحرى نتجاهل دائماً أنفسنا ونحاول إصلاح أو انتقاد غيرنا.

التغيير هو اتخاذ قرارٍ شجاع بالانتقال إلى طريقٍ جديدٍ مختلفٍ ومبتكَرٍ لم يسلكه الآخرون، وقد لا يقبلون أن تسلكه أنت أيضاً؛ وهو أصل الإبداع والتميز؛ لكونه يتطلَّب تبنِّي طرائق غير مسبوقة في التفكير والتنفيذ؛ ولهذا السبب يسبق العظماء زمانهم؛ ذلك لأنَّ التغيير يعني انتقالهم إلى مستقبل مجهول، ومغادرة مجتمع يألف الحاضر ويستقي من الماضي.

يمكنك أن تتغيَّر بين يوم وليلة، إذ يكفي أن تصغي إلى صوت عقلك الداخلي وتتخذ قراراً حاسماً بتغيير كلٍّ من أفكارك وتصرفاتك وآرائك وعلاقتك بالناس؛ على أن يحدث ذلك بالاتجاه الصحيح، ويتضمَّن إضافة إيجابية ترتاح إليها.

تحتاج لتحقيق هذا إلى وقفةٍ صادقةٍ مع نفسك، تتخذ بعدها -وبكلِّ شجاعة- قراراً نهائياً بخصوص وضعك الحاضر وما ستكون عليه خلال الأعوام القادمة؛ ذلك لأنَّه إذا لم تتضمَّن حياتك مراجعات دورية، فستتراجع أفكارك وآراؤك بسبب الجمود والركود، لا بسبب الشيخوخة وتقدمك في السن؛ لذا كن أنت التغيير الذي تريد رؤيته في العالم.

3. نحن نتعلَّم من الاختلاف:

حين تقضي حياتك مع أصدقائك ومعارفك المقربين، لن تتعلَّم شيئاً جديداً؛ وذلك لكونك لا تلقى غير التأييد، ولا تسمع غير ما تريد؛ لذا ستزداد قناعتك رسوخاً وأفكارك تشدداً بمرور الزمن واستمرارية التوافق، دون أن تتصوَّر احتمال خطئها منذ البداية.

لكن في المقابل، ستتعلَّم الكثير ممَّن يختلفون معك؛ ذلك لأنَّهم يصححون أو يثرون أفكارك، أو يخففون من حدة آرائك؛ وحتى حين تكتشف أنَّهم على خطأ، تتأكَّد في المقابل أنَّك على صواب.

يتقبَّل الشخص الحكيم -مهما ارتفعت مكانته- المشورة، ولا يغضب حين يختلف معه أحد، ولا يأخذ الأمور على محملٍ شخصي.

4. من يعرفك صغيراً:

هناك مثل شعبي يقول: “من عرفك صغيراً، حقَّرك كبيراً”، وهي مقولةٌ تؤكد ارتفاع مستوى تطاولنا كلَّما ارتفع مستوى قربنا من غيرنا، حيث تجعلنا علاقتنا القديمة مع صديق الطفولة نتجاوز أو نستخف بآرائه وأفكاره وإنجازاته، ولا يعترف عقلنا الباطن بنجاحه وتفوُّقه علينا؛ ذلك لأنَّ اعترافنا بهذا يعني تلقائياً اعترافنا بتخلفنا عنه، ونحن الذين انطلقنا معه من البداية نفسها.

يحدث ذلك على مستوى المجتمعات والدول والشخصيات العظيمة، فلو تأمَّلت سيرة العباقرة والمبدعين، ستلاحظ أنَّ الكثير منهم قد حظي بالتكريم والتقدير في غير المجتمع الذي وُلِدَ فيه، من أمثال: البخاري، وابن سينا، والرازي، ودافنشي؛ كما وتتكرَّر هذه الظاهرة مع الأنبياء، حيث تلاحظ دائماً أنَّه لا قبول لنبي في وطنه؛ حتّى أضحت مثلاً تتناقله ألسنة الناس: “لا كرامة لنبيٍّ في قومه”، وربَّما الشيء العجيب أنَّ هذه الظاهرة ملاحظة حتى بين أفراد العائلة الواحدة.

لماذا أخبرك بهذا؟

  • كيلا تبحث عن التقدير ضمن دائرتك الاجتماعية الضيقة.
  • كيلا تصطدم بمستوى التثبيط الذي تلمسه من أصدقائك وأفراد عائلتك.
  • كيلا تحمل همَّ انتقاداتهم أو تحتسبها ضمن العناصر التي تقيس بها إنجازاتك.
  • كي تتقبَّل تطاولاتهم واقتحامهم حدودك الشخصية بصدرٍ رحبٍ وروحٍ رياضية.
  • كيلا تقع أنت في الخطأ نفسه، وتخلط بين علاقاتك الشخصية وإنجازات أصدقائك الفردية.

5. ما لا يقتلك يقويك:

تذكر معي عدد العقبات والمعوقات التي مَرَّت بك ثمَّ خرجت بعدها أكثر شعوراً بالقوة والانتصار.

سيتكرر لديك هذا الشعور كلَّما تقدَّمت بالعمر ونظرت إلى الخلف لتكتشف أنَّها كانت صاحبة فضلٍ عليك في ما وصلت إليه الآن، وتكتشف أنَّ أعداءك الذين لم ينجحوا في كسرك وتحطيمك، كان لهم الفضل في تغيير حياتك، وشحذ مواهبك، ومنحك مناعة مستقبلية ضدَّ جراثيم بشرية تنتمي إلى الفصيلة نفسها.

لهذا السبب، أنصحك بتبني مبدأ (ما لا يقتلك يقويك)، والإيمان به، وتذكُّره كلَّما مرَّ بك موقف صعب؛ وذلك لكي لا يفاجئك شيءٌ مستقبلاً، وتصبح على يقينٍ أنَّ ما تكرهه اليوم سيتحوّل إلى صالحك غداً.

6. خمس لغات لا يتقنها الجميع:

اسمح لي بتذكيرك بخمس لغات -عدا الإنجليزية- تسمح بتواصلك في هذه الأيام مع أيِّ إنسانٍ على كوكب الأرض:

  • الأولى: الابتسامة التي تغنيك عن الحديث في معظم المواقف.
  • الثانية: لغة الأدب والتعامل الراقي التي يفهمها الجميع، ويقدِّرها الأطفال حتى.
  • الثالثة: لغة الاحترام التي تخبر الناس عن أصلك وفصلك وطبيعة مجتمعك.
  • الرابعة: تسامحك الديني والثقافي، وهذه ليست لغة عالمية مشتركة فحسب، بل الديانة الوحيدة التي يعتنقها جميع البشر.
  • الخامسة: ألَّا تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك، بل كما هي أخلاقك وتربيتك وما نشأت عليه؛ سواءً مع من تحب أم تكره.

أتقن هذه اللغات قبل التفكير بإتقان أيِّ لغة أجنبية منطوقة.

7. لا أحد يراقبك مثل أطفالك:

أكاد أجزم أنَّك تتذكر مثلي مواقف نبيلة وجميلة لوالديك أثرت فيك إلى يومنا هذا، ومواقف لم يُحدِّثاك عنها أو ينصحاك بفعلها لكنَّها تركت فيك أثراً لا يمحى؛ وهذا ما أدعوه التربية من خلال القدوة الحسنة، أي بمعنى أن تتصرَّف أمام أبنائك بأخلاق رفيعة تُغنيك عن ألف نصيحة وخطبة بليغة.

مهما ادعيت لنفسك، فلا قيمة لدعواك قبل تطبيق ذلك في حياتك وتصرفاتك اليومية؛ فما نفع الكلمات والنصائح إن كنت تفعل أمام أطفالك ما يناقضها؟ وما فائدة حثِّهم على الصدق والنزاهة والأمانة وأنت تعجز عن تطبيق ذلك بينهم؟ وكيف تتوقع منهم المحافظة على القيم والأخلاق، أو حتى النظافة وعدم التدخين؛ دون أن يروك تفعل ذلك أولاً؟

سيعتبرونك منافقاً وضعيف الإرادة وتطالبهم بما تعجز عن فعله أمامهم، وسينتهي هذا التناقض بين أقوالك وأفعالك حتماً بتأثير معاكس فيهم؛ لذلك فإنَّ ابنك الصغير هو أهمُّ شخصٍ يجب أن تحرص على عدم التصرف أمامه بشكلٍ خاطئ؛ فنحن لا نرث من آبائنا صفاتهم الوراثيَّة فحسب، بل جزءاً كبيراً من أخلاقهم وتصرفاتهم ومواقفهم الشخصية.

8. كيف توفر حياتك؟

يرغب جميعنا بتجاوز سن المئة، ولكنَّ القليل منَّا يعيش حياة تستحقُّ الذكر.

صحيح أنَّنا قد ننشغل باحتياجات لا يمكن تلافيها، وبأنَّ هناك ساعات تضيع من حياتنا بحكم تركيبتنا الجسدية، مثل قضائنا ثلث أعمارنا نياماً؛ ولكنَّ هناك أيضاً ساعات تضيع دون حاجة أو ضرورة أو حتى متعة حقيقية.

لا أطالبك بعدم الاستمتاع بوقتك، ولكنَّني ألفت انتباهك إلى مبدأ العيش بفاعلية وإمكانية توفير حياتك من خلال اختصار الممارسات غير الضرورية فيها.

إليك استراتيجيتين يمكنهما تعويض قصر أعمارنا وجهلنا بمقدار الحياة التي كُتِبت لنا:

  • الأولى: تعتمد على عيشك بطريقة صحية وآمنة ولا تودي بك إلى التهلكة في سنٍّ مبكرة، وهذه استراتيجية تكفل لك تجاوز معظم مسببات الوفاة في عصرنا الحديث.
  • أمَّا الاستراتيجية الثانية: فتعتمد على توفيرك عمرك من خلال اختصار الممارسات غير الضرورية، واستغلال يومك بطريقة نوعية وذكية.

اكتشفت مثلاً أنَّ عشر دقائق نقضيها يومياً في فعل أيِّ شيء تساوي يومين ونصف اليوم في العام، وأنَّ ساعتين نقضيهما أمام التلفاز تعني ضياع شهر في السنة، ويعني نومك لثماني ساعات في اليوم قضاءك -حتى تصل إلى سن الثمانين- سبعة وعشرين سنة من عمرك غائباً عن الوعي، ويعني هذا أنَّك ستوفر 365 ساعة في السنة إن اكتفيت بالنوم لسبع ساعات فقط في اليوم، وهو توفير ما يعادل 30 شهراً خلال حياتك.

أخبرك بكلِّ هذه الأرقام كي تنتبه إلى كيفية تسرُّب عمرك بطريقة لم تفكر فيها من قبل، وتختصر الأوقات المهدورة في يومك، وتعيش عمراً نوعياً أطول من غيرك.

9. قانون الإضافة البسيطة:

كنت قد فتحت مرة التلفاز على قناة تركتها ابنتي “رُسَيل” من الليلة الفائتة، وشاهدت أربعة خبازين يتنافسون على صنع أفضل كعكة أمام حكَّام أكبر سنَّاً، وقد كانت جميعها جميلة ورائعة؛ ولكن قبل أن ينتهي الوقت بثانيتين، وبعد أن توقف الجميع عن العمل، أضاف أحدهم بسرعة خاطفة زهرة لوتس فوق كعكته، وكانت زهرة صغيرة لا يمكن أكلها، ولكنَّها زادتها جمالاً ومنحتها تميزاً، واعتبرها الحكَّام بمثابة الفارق الذي حسم النتيجة وحدَّد المسيرة المهنيَّة لثلاثة طبَّاخين.

لقد كان ذلك تطبيقاً غير مقصود لقانون “الإضافة البسيطة”، أو ما ندعوه “القشة التي قصمت ظهر البعير”، حيث تتسبَّبت إضافة بسيطة بحسم نتيجة كبيرة.

تلاحظ في كلِّ انتصار من هذا النوع أنَّ المهزوم لم يكن سيئاً أو أقلَّ كفاءة من الفائز، ولكنَّ المنتصر أضاف فوق إنجازه شيئاً بسيطاً كسر حالة التساوي بين الطرفين؛ وهذا هو الفارق بين التفوق والتميز.

لهذا السبب يجب أن تكون مميَّزاً بموهبة أو مهارة فريدة؛ ذلك لأنَّ كثرة المتسابقين وتساوي الأماكن يمنعان الناس من رؤيتك في الازدحام.

ولكن ماذا لو لم تكن أنت صاحب هذه الإضافة البسيطة؟

فكر في هذه الحالة في ترك المجال بأكمله لبقية المتنافسين حين يصبح المضمار مزدحماً، وفكر في صنع مضمار جديد تتسابق وتنتصر فيه وحدك، تماماً مثل معظم الناجحين والعصاميين الذين صعدوا من الصفر.

10. قوانين هيل للنجاح:

لم يكن أحد يظن أنَّ للنجاح قوانين حتى عام 1928، حين نشر نابليون هيل كتابه المشهور “قانون النجاح” (The Law Of Success)، حيث التقى هيل بـ 500 ثري معروف مثل: فورد، وأديسون، ومورجان، وبيل روكفلر؛ ونشر بعد عشرين عاماً من العمل 16 مجلداً تتضمَّن دروساً كثيرة استخلصها من حياة العصاميين الأثرياء، وما تزال حتى اليوم مرجعاً لمعظم الكتب التي تتحدَّث في هذا المجال.

إليكم أبرز الخصائص المشتركة التي اكتشفها هيل بين العصاميين:

  • معرفة الهدف بوضوح في عمر مبكر لكي لا تدور في حلقة مفرغة أو تركض في اتجاه خاطئ.
  • امتلاك رؤية وثقة بالنفس تكتسح أيَّ عقبات تحول دون تحقيق ذلك الهدف.
  • التميز في القيادة والمبادرة، إذ يقود الناجحون مشاريعهم، ويبادرون إلى فعل أشياء مبتكرة بأنفسهم.
  • القدرة على التفكير لمدى طويل، ورؤية فرص لا يراها أغلب الناس.
  • التصرف بسرعة وقسوة، حيث يجعل التأخر لخطوة الفرصة تنتقل إلى منافس آخر.
  • القدرة على نقل الحماسة والإيمان بالفكرة إلى مَن يعملون حولهم.
  • القدرة على الادخار والاستعداد ماليَّاً لأيِّ فرصة جديدة تلوح في الأفق.
  • النظر إلى الفرص المستترة خلف المال حين يتطوَّعون للقيام بالأعمال الخيرية.
  • الترويج لأنفسهم كمستثمرين مضمونين؛ حيث يجذبون بذلك أموال المساهمين والمستثمرين الصغار.
  • امتلاك موهبة التفكير العملي وتصيُّد المعلومات والمستجدَّات والمتغيرات التي تفيد أعمالهم.
  • الإصرار على متابعة فكرة أو فرصة حين يقتنعون بها حتى يقطفوا ثمارها.
  • القدرة على التسامح، وتهدئة الاعتراضات؛ ولكنَّهم لا يترددون في الضرب تحت الحزام.
  • عدم ارتكاب الخطأ نفسه مرتين، وغالباً ما ينجزون المحاولة الثانية بشكل أفضل وأسرع.
  • القدرة على تشكيل فريق يحمل الرؤية والهدف والحماس نفسه.
  • القدرة على الصعود فوق الخلافات الدينية والعرقية والإيديولوجية والسياسية التي تعوق إنجازاتهم أو تمنع استفادتهم من الفرص الجديدة.
  • امتلاكهم انضباطاً ذاتياً وسيطرة إدارية تسمح لهم بالتحكم بكلِّ العناصر السابقة.

رغم أهمية هذه الإرشادات، لا تضمن لك معرفتها لوحدها تحقيق النجاح؛ إذ تتطلَّب المعرفةُ التطبيقَ، والثروةُ الاجتهادَ، والخبرةُ تجربةَ النجاحِ والفشل.

لم يصبح مؤلف الكتاب نفسه ثريَّاً، رغم أنَّه كان أعلم من الأثرياء بأسباب ثرائهم، ومات في النهاية أستاذاً جامعياً متقاعداً؛ وسأخبرك لماذا في البند التالي.

11. القراءة وحدها لا تكفي:

هل تعرف لماذا لم يصبح نابليون هيل ثريَّاً؟ للسبب نفسه الذي منع الملايين ممَّن اشتروا كتابه من أن يصبحوا أثرياء، فهناك فارق كبير بين النظرية والتطبيق، وبين المعرفة وامتلاك الإرادة وترجمتها أفعالاً على أرض الواقع.

تحتاج دائماً إلى تحويل النص إلى فعل، والفعل إلى عادة، والعادة إلى بناء إنجاز ملموس؛ وهذه مهمَّتك، وليست مَهمَّة المؤلف.

لا يحقق أغلب الناس أهدافهم من المعرفة التي يمتلكونها؛ ذلك لأنَّهم لا يمارسونها فعلياً، ولا يطبقونها عملياً، ولا يتقيَّدون بإرشاداتها لأكثر من فترة محدودة يعودون بعدها إلى وضعهم السابق؛ كما هو حالك مع النادي الرياضي.

نتعلَّم من ذلك أنَّ القراءة وحدها لا تكفي، وأنَّنا نحتاج دائماً إلى خطة عمل تضمن تطبيقها وممارستها على أرض الواقع، بحيث تتحوَّل إلى طبيعة حياة وعادة شخصية.

12. تحتاج إلى عادة يومية:

تحتاج إلى محفز لتبدأ، وإلى عادة يومية لتستمرَّ في العمل؛ إذ يمتلك الناجحون عادات ناجحة تضمن تفوقهم في أيِّ مجال، ولا يشعرون أنَّهم يفعلون شيئاً مميزاً أو خارقاً؛ ذلك لأنَّ أفعالهم أصبحت بالنسبة إليهم مجرَّد عادات روتينية يمارسونها يوميَّاً.

تكمن المشكلة في كونك حين تضع في ذهنك تخصيص فترة محدَّدة لأيِّ برنامج، تعود إلى سابق عهدك بعد فترة انتهاء البرنامج نفسه، فمثلاً: قد يبلغ الحماس بنا لاتباع ريجيم أو تعلم لغة أجنبية حدَّ استحواذ الفكرة علينا؛ ولكن بعد فترة من الاندفاع، تتبدَّل الأولويات، وتتراجع الفكرة إلى آخر اهتماماتنا، ونُفاجَأ بنسيانها تماماً.

يمكنك طبعاً البقاء في معسكر العزيمة والتحمل والإرادة القوية، ولكنَّك ستكتشف لاحقاً -ربَّما اكتشفت فعلاً- أنَّها مجرَّد دوافع مؤقتة وغير مضمونة تبقيك متأرجحاً طوال حياتك بين حالات شدَّة وفتور، والحل في نظري هو أن يتحوَّل برنامجك الشخصي الجديد إلى عادة يومية وممارَسة عفويَّة تمارسها بلا إرادة أو طول تفكير، كيلا تتسبَّب برد فعل عكسي لاحق؛ فحين يندمج “الفعل” ضمن عاداتك اليومية، تمارسه طوال حياتك دون سابق تفكير أو استعداد، أو حتى الانتباه إلى وجوده.

لن تحمل بهذه الطريقة همَّ البدء به أو التحضير له، ولن تشعر بوجوده أصلاً، وسيتحوَّل إلى عادة تلقائية وتصرفات روتينية؛ تماماً مثل تنظيف أسنانك، وشرب قهوتك، وتفحص جوالك فور استيقاظك.

13. كيف تعتذر بذكاء؟

الاعتذار المثالي فَنٌّ لا يجيده معظم الناس، ولا شكَّ أنَّ الاعتذار صعب على النفس كونه يتضمَّن إقراراً وتنازلاً واعترافاً بحقّ الآخر؛ ولكنَّه في المقابل يحوّل أعداءك إلى محبين، ويمنحك فرصةً جديدةً مع الآخرين.

المشكلة التي لا ينتبه إليها معظمنا أنَّنا نرتكب حتى حين نعتذر أخطاء تقلل من قيمة الاعتذار ذاته؛ فمن الخطأ مثلاً أن تعتذر مبرراً أفعالك، أو رامياً وِزرها على الطرف الآخر. لا تقُل شيئاً مثل “آسف، ولكنَّك أجبرتني على فعل ذلك” أو “سبق وأخبرتك أنَّ هذا طبعي”، ولا تمزج أعذارك بالنصائح المستهلكة، مثل: “لماذا لم تخبرني لمساعدتك” أو ” لماذا لم تتصرَّف بشكل أفضل”.

لا تقل أشياء كهذه؛ ذلك لكون الاعتذار أمراً يتعلَّق دائماً باسترجاع علاقتك بالطرف الآخر، ولا يجب أن يتضمَّن نصيحة أو شرطاً أو حتى شرحاً لأسباب تصرفك؛ لذا احرص على عدم تحويله إلى جلسة محاسبة أو فتح ملفَّات قديمة، أو حتى تذكيره بأخطائه المماثلة تجاهك.

كي تعتذر بطريقة فعَّالة ومُرضِيَة، أقترح أن يأتي اعتذارك على مستويات تناسب حجم الخطأ:

  • اعتذر بوضوح وسرعة ودون تردد، واكتفِ بكلمة “آسف” أو “أعتذر منك” للأخطاء الصغيرة والعابرة دون حاجة إلى تبرير الخطأ.
  • حين يتفاقم الوضع، ويتطلَّب الأمر منك أن تضيف تحمل المسؤولية والاعتراف بالخطأ؛ يمكنك قول شيء مثل: “أنا مَن يتحمَّل مسؤولية هذه الغلطة الكبيرة”.
  • يجب أن تتضمن الأخطاء المؤذية والمتَعمَّدة -بالإضافة إلى ما سبق- عرضاً بالتعويض، مثل: “سأسعى إلى إصلاح ما حدث”، أو “سأعوضك بشيء أفضل”.
  • إن كان الشخص يعز عليك -مثل: زوجتك ووالديك- فقدِّم وعداً بالتحسن إكراماً لخاطره، مثل: “لأجلك ستكون هذه المرة الأخيرة”.
  • إذا كان خطؤك أكبر من كل ما سبق، ورفض منك الطرف الآخر كلَّ ما سبق؛ فليس أمامك إلَّا محاولة اصطياده بين الناس وتقديم اعتذارك علناً.

14. اجعل خصومتك شريفة:

لأنَّ مظاهر الخلاف بين البشر لا تنتهي، سأقدِّم في الأسطر التالية نماذج مختصرة لخصومات غير شريفة أنصح الجميع بتجنُّبها:

  • عدم ترصد أخطاء الآخرين أو تذكيرهم بزلاتهم.
  • عدم الاستقطاع من كلامهم أو تحوير حديثهم بما يسيء إليهم.
  • عدم استرجاع مواقفهم السابقة بعد تراجعهم عنها، بما في ذلك: آراءهم الموثَّقة.
  • عدم تضخيم مواقفهم السلبية وتناسي مواقفهم الإيجابية.
  • عدم اغتيابهم وتشويه سمعتهم؛ بهدف تأليب من لا يعرفهم ضدَّهم.
  • عدم التشهير والقسوة والمبالغة في التجنّي عليهم، فمن آيات المنافق أنَّه (إذا خاصم فجر).

صحيح أنَّنا بشر نغضب ونحقد ونشعر بالظلم ونرغب في الانتقام، ولكنَّ الترفُّع فوق كلِّ هذه المشاعر يجعلنا أكثر سموَّاً ونبلاً، ويُكسبنا احترام الآخرين مهما كان موقفهم تجاهنا.

كي تصبح خصومتك راقية وشريفة، أنصحك بالتقيُّد بالمعايير الآتية مهما بلغ بك الغضب أو عانيت من الظلم:

  • لا تنسَ فضل وإحسان الطرف الآخر عليك، وخصوصاً بين الزوجين.
  • كن عادلاً مع غيرك، واعتذر في حال كنت مخطئاً.
  • كن حليماً ومتفهِّماً، وتقبَّل اعتذار الطرف الآخر، وتراجع عن زلَّته.
  • لا تغضب أو ترفع صوتك، فقد يكون الغاضب على حق، ولكنَّه يتحدَّث بطريقةٍ لا تُكسِبه تعاطف الناس.
  • إن تطاول عليك أحدهم، فالزم الصمت، أو اكتف بكلمات تكسبك تعاطف وتأييد المستمعين.
  • لا تتورَّط في الشتيمة أو الرد بألفاظ عنصرية ونابية.
  • لا تتجنَّ أو تغتب خصمك، أو تبالغ في عداوتك.
  • لا تستغلَّ ضعف خصمك أو قلَّة حيلته؛ وحين يتراجع أو ينكسر، وتوقَّف فوراً عن النظر إليه كخصم يستحق الهزيمة.
  • تصرَّف بروح رياضية بحيث تتقبل الخسارة، ولا تتبجَّح بالنصر، ولا تهتمَّ بالجائزة على حساب الأخلاق والسمعة.

15. انتصارك بأيِّ ثمن ليس انتصاراً:

تجنُّب الخسائر في عالم السنوريات أولى من تحقيق الانتصارات، إذ تنطلق الأسود والنمور والفهود خلف الطرائد لمدة زمنية محسوبة تتوقَّف بعدها عن الركض حين يزيد وقت المطاردة عن قيمة الفريسة.

احتار العلماء لفترة طويلة في سر هذا التراجع المفاجئ، حتى اكتشفوا أنَّ السنوريات تحسب مكسبها وخسارتها، وتقارن القيمة الغذائية للطريدة بالجهد الذي تبذله لاصطيادها.

وأنت أيضاً يجب أن تتصرَّف كالسنوريات، ويجب أن تتوقَّف عن مطاردة التافه والقليل وما لا يستحق، وأن تحسب مكاسبك وخسائرك، وتحوِّل خسائرك إلى مكاسب بالتراجع في الوقت المناسب.

نحن لا نتحدَّث هنا عن سعيك المشروع إلى الفوز والتقدم، بل عن هوسنا الشخصي بمفهوم الغلبة والاستحواذ، ووجود ثمنٍ كبيرٍ خلف كلّ انتصار صغير؛ فقد لا يعرف بعض الأشخاص متى يتوقَّفون عن مطاردة ما لا يستحق المطاردة، ولا يعرفون متى ينسحبون للحدِّ من خسائرهم والاحتفاظ بما يتبقَّى من مكاسبهم وأعمارهم وسمعتهم بين الناس.

يتمسَّك ملايين الأشخاص بوظيفة متواضعة، ويفقدون خلالها فرصة أفضل؛ ذلك لأنَّهم يتمسَّكون بفكرة الفوز بمرتبة أعلى أو علاوة أكبر.

لذلك، فإنَّ قرارك بالاستمرار أو الانسحاب يعتمد على معرفتك قيمة الفريسة وأهمية الغنيمة؛ فاستمر إن كانت تستحق الاستمرار، وتراجع إن كانت لا تستأهل وقتك وجهدك، أو تشغلك عن بدائل أفضل.

ستنقسم مواقف الناس تجاهك، وقد يلومك بعضهم على الانسحاب؛ ولكنَّك تعرف جيداً الثمن الباهظ الذي ستدفعه إن بقيت أكثر.

16. كيلا تتحجَّر أفكارك:

كما الكبار يصابون بتحجر لغوي يمنعهم من إتقان اللغات الأجنبية بمستوى أهلها، هم يصابون أيضاً بتحجر فكري يمنعهم من تبنِّي الأفكار الجديدة بشكلٍ سليمٍ وكاملٍ وبمستوى أهلها؛ إذ تبقى الأفكار التي يتشرَّبونها في سنِّ الطفولة محتفظة بسطوتها طوال العمر، وتترك بصمتها على أيِّ أفكار جديدة يتبنَّونها بعد سنّ التمييز.

والأفكار أيضاً مثل اللغات، برامج دماغية يصعب تبنِّيها بالكامل ما لم تسبق إلى أدمغتنا في سن الطفولة، إذ تعدُّ كلُّ فكرة جديدة ورأي مختلف بمثابة برامج دخيلة ترفضها أدمغتنا أو تتقبَّلها بطريقةٍ مشوَّهة؛ ولهذا السبب لا يغير أغلب البشر الأفكار والمعتقدات التي نشؤوا عليها في سن الطفولة، ويفشل القلَّة الذين يغيرونها في إزالة تأثيرها بالكامل.

لمثل ذلك قد يصدق الناس -مهما كان مستواهم التعليمي- أموراً خرافية، لمجرَّد أنَّهم تشرَّبوها قبل مرحلة التمييز، ولا يشكون بصحَّتها؛ ولكنَّ الشخص الغريب الذي نشأ في ثقافةٍ مختلفةٍ ونجا من سطوة الخرافة، يرى بوضوحٍ كم هي مخالفة لأبسط قواعد العقل والمنطق.

أنت تملك بدورك أفكاراً متحجرة وآراء مقولبة قد لا تدرك سذاجتها، فهي غير واعية بالنسبة إليك، ولكنَّها واضحة لا تقبل التشكيك بالنسبة إلى الشخص الغريب الذي وُلِدَ خارجها، ويتساءل سرَّاً كيلا يجرح مشاعرك: ألا يرى كم هي خاطئة وغير منطقية؟ كيف لا يستطيع رؤيتها على حقيقتها مثلي؟

يمكن للبشر أن يتغيروا من الداخل، وذلك بشرط امتلاكهم شجاعةً ذاتيّةً لطرح التساؤلات، وشجاعةً أكبر لتبنِّي الإجابات.

كيلا تتحجَّر أفكارك في أيّ مرحلةٍ قادمةٍ من حياتك، أنصحك بالتالي:

  • اخترق سقفك الحجري، وابدأ سلسلة نقاشات جريئة مع نفسك.
  • انفتح على مختلف الآراء، وكن مطَّلعاً على مختلف الأفكار، ومستعدَّاً لقبول نتائج لا ترضيك.
  • اخرج من قوقعة طفولتك، واسأل نفسك: كيف كنت سأحكم على هذا الشيء أو ذاك لو أنَّني وُلِدت في ثقافةٍ أجنبيةٍ مختلفة؟
  • لا تنحز إلى الأفكار السائدة في مجتمعك، وقيِّم مختلف الصراعات البشرية كمخلوقٍ فضائيٍّ قادمٍ من “مجرَّة المرأة المسلسلة” أو “الأندروميدا”.

17. أهم نصيحة في الكتاب:

لنفترض أنَّك استفدت من هذا الكتاب، فتخيَّل في هذه الحالة حجم الفوائد التي ستجنيها من قراءة عشر كتب مماثلة، وما الذي سيحدث حين تقرأ كلَّ عام عشرين أو ثلاثين أو حتى أربعين كتاباً في مختلف التخصصات، وكم ستتغير حياتك وتتطور أفكارك وترتفع فوق أقرانك لو أنَّك تبنَّيت هذه العادة لأربعين عاماً قادمة؛ لهذا السبب لو سألتني عن أفضل نصيحة أقدمها لك في هذا الكتاب، فسأقول لك بلا تردد: اقرأ كتاباً جديداً كلَّ شهر.

اجعل القراءة عادة يومية، وهواية شخصية، ورياضة مسائية؛ واجعل الكتاب خير جليس، وأقرب مستشار، وأفضل صديق، وأجمل رفيق.

حين تنشأ بلا قراءة، يتولَّى المجتمع ودهماء الناس رسم شخصيَّتك وتشكيل أفكارك؛ ولكن حين تقرأ بكثرة، تتولَّى النخبة وخواص الناس توجيهك وبَلوَرة أفكارك؛ وكذلك تمنحك الكتب الرائعة خبرات لم تخضها، وأفكاراً لم تتصوَّر وجودها، وأعماراً تساوي حياة مؤلفيها؛ فالكتاب ليس سلعة، بل نقاشاً صامتاً وحواراً شخصيَّاً بين المؤلف والقارئ.

يحب بعض القرَّاء كتاباً معيناً لأنَّهم يستفيدون منه، أو لأنَّ أفكار المؤلف تتطابق معهم؛ في حين قد لا يحبه بعضهم الآخر لأنَّهم لم يستفيدوا منه، أو لأنَّهم يختلفون مع المؤلف في بعض أجزائه؛ وهذا أمرٌ طبيعيٌّ جداً.

رغم أهمية جميع الكتب، ستقابل دائماً من يخبرك بعدم استفادته من هذا الكتاب أو ذاك، وهذا أيضاً صحيح؛ ذلك لأنَّ الكتب لا تشي بأسرارها لمن لا يُكمِلها، ولا تُفيدُ من لا يحاولون تطبيقها.

أعود وأؤكد بأنَّه لا يوجد أفضل من قراءة الكتب لتغيير حياتك نحو الأفضل؛ لذا التزم بقراءة كتابٍ واحدٍ في الشهر على أقل تقدير، حيث يضمن مجرَّد التزامك بهذه العادة تفوَّقك، ويؤكِّد تميزك، ويصنع الفارق بين نجاحك وفشلك.

يقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}. صدق الله العظيم – (سورة الزُمَر، الآية: 9).

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!