‘);
}
مفهوم الفلسفة القديمة
يُطلق مصطلح “الفلسفة القديمة” على الفلسفة اليونانية المبكرة، وتعد الفلسفة اليونانية أساس الإنتاج الفلسفي في جميع الحضارات، فلا يمكن دراسة أي فلسفة دون الرجوع إلى أصولها اليونانية، ويقال أنّ كلمة الفلسفة أصلها إغريقي، وتعني “محبة الحكمة”.
مميزات الفلسفة القديمة
ومن أهم مميزات الفلسفة القديمة:[١]
غزارة الإنتاج الفلسفي
بلغ الإنتاج الفلسفي اليوناني القديم كمًا هائلاً، لدرجة قيل بها أنه لا يمكن وصفه، وذكر الفلاسفة اللاحقون أنّ الفضل يعود في ذلك للمؤلفات التي كتبها الفلاسفة القدماء في اليونان، وقد ظهرت تيارات ومدارس فلسفية متعددة؛ وذلك بسبب اختلاف وجهات نظر الفلاسفة، إضافة لاختلاف نظرتهم إلى كلٍ من الوجود، والبشر، والآلهة، ورغم أنه تمّ فقدان الكثير من المؤلفات الفلسفية، غير أنّ هذا لم يؤثر على واقع أنّ إنتاجهم ظل ضخمًا وذا تأثير عظيم.
‘);
}
التفكير العلمي إلى جانب التفكير الفلسفي
لم تكن الفلسفة القديمة مجرد فلسفة تأملية فحسب؛ حيث اعتمد الفلاسفة على معطيات ونتائج العلوم، ويمكن ملاحظة هذا الأمر على الفلاسفة الطبيعيون، بما في ذلك المدرسة الإيلية، والطبيعيون المتأخرون، ومن الجدير بالذكر أنّ غالبية الفلاسفة الطبيعيون هم علماء أصلاً، ولهم نتاج علمي، واكتشافات في مجال العلوم، والرياضيات، والهندسية؛ الأمر الذي أثر بشكل كبير على فلسفتهم.
الاهتمام بالأخلاق
وعن هذه الميزة:[٢][٣]
- ظهر الاهتمام بالأخلاق في الفلسفة القديمة من خلال النظرة إلى المرء، وضرورة اتصافه بالفضيلة؛ فالفضيلة من المفاهيم الفلسفية التي شغلت الفلاسفة، الذين حاولوا تحليل معناها، واكتشاف ما إذا كانت متعددة أم لا.
- اختلف الفلاسفة بخصوص الفضيلة، حيث رأى أفلاطون أنّ الفضيلة تختلف باختلاف الفئة التي يكون ينتمي لها الإنسان؛ ففضيلة الحكام الفلاسفة هي الحكمة، أما فضيلة الجنود فهي الشجاعة، وبينما تُعد العفة فضيلة كلٍ من الحرفيين وأرباب الصنائع، ورأى أرسطو أنّ الفضيلة وسط بين رذيلتين، وأطلق على نظريته الوسط الذهبي، فلا يكون الإنسان فاضلًا إلا إذا كان متوسطًا في أحكامه، فمثلاً، تعتبر الشجاعة وسط بين الجبن والتهور، وهذا أمرٌ يمكن قياسه على باقي الفضائل الإنسانية.
- أما في الفلسفة الما بعد أرسطية، كالأبيقورية والرواقية، فظل مفهوم الفضيلة فيها أساسيًا؛ وذلك لأن جوهر الفلسفة هو البحث في الطريقة المثلى للعيش، ولا يكون ذلك إلا من خلال التحلي بالفضيلة، فبالنسبة للأبيقورية السعادة تكون باللذة، وهي حالة من الاستقرار الجسدي والعقلي، وانعدام الألم، وسعت إلى تحرير الإنسان من الخوف من الموت، وهي إشكالية أساسية في الفلسفة الأبيقورية، ودعا أبيقور إلى أن الموت لا يجوز أن يشغل تفكير الإنسان فهو غير موجود ما دام الإنسان حيًا، وعندما يموت سيفقد الإحساس بالحياة، وذكروا أن اللذائذ العقلية التي تكون من خلال التفكر تعد من أعظم اللذائذ، أما الرواقية، فعدت العيش وفق الطبيعة وإرادة العقل الإلهي هي الفضيلة، وهي الضامن لسعادة الإنسان.[٤]
البحث في أصل الأشياء
يُعد هذا البحث أول بحث فلسفي أجراه الفلاسفة القدماء، ويتميز بالبحث طبيعيًا من خلال العالم المادي على العنصر الأولي الذي تشكلت من خلاله الأشياء الأخرى، ومن أهم البحوث الفلسفية في أصل الوجود التي أجراها الفلاسفة القدماء:
- بحث طاليس في العنصر الأول للوجود: يعد طاليس أول فيلسوف يوناني بحث في السبب الأول في الوجود، وتوصل من خلال بحثه أن الماء هو العنصر الأولي في الوجود، ويقال أنه تأثر برأيه هذا بالحضارات الأخرى، كما أن العامل الجغرافي أثر فيه، فطاليس عاش في جزيرة تحيطها الماء.
- بحث أنكسيمندريس في العنصر الأول للوجود: أنكسيمندريس هو تلميذ طاليس، وتأثر برأيه في ضرورة وجود عنصر أول للوجود، ولكنه توصل لاحقًا إلى استحالة أن يكون هناك عنصر واحد وأولي للوجود، وتوصل إلى ما يعرف بالمادة اللانهائية، أو بالأبيرون، والتي تتكون من مجموع صفات؛ مثل: الحرارة، والبرودة، والجفاف، والرطوبة.
- بحث أنكسيمانس في العنصر الأول للوجود: وهو أحد تلامذة أنكسيمندريس، لكنه لم يتأثر بآرائه، بل عمل على مراجعة آراء طاليس، واستنتج أنه من الممكن أن يكون هناك عنصر واحد ليكون السبب الأول للوجود، لكنه اختلف معه حول نوعه، فذهب أنكسيمندريس إلى أنّ الهواء هو السبب الأول للوجود، وليس الماء، ومن غير الممكن أن يكون الماء هو السبب الأول للوجود، وذلك لعدة أسباب منها:
- الماء ثقيل الوزن، ولا ينتشر في الأغلفة كلها.
- الهواء أبسط من حيث التركيب، والماء ليس عنصرًا بسيطًا حسب رأي أنكسيمندريس.
- الهواء ينتشر في الغلاف الجوي ويحيط بالأرض من كافة الجهات، على عكس الماء الذي لا ينتشر في الجو.
المراجع
- ↑يوسف كرم ، تاريخ الفلسفة اليونانية، صفحة 25-29. بتصرّف.
- ↑يوسف كرم ، تاريخ الفلسفة اليونانية، صفحة 115. بتصرّف.
- ↑يوسف كرم ، تاريخ الفلسفة اليونانية، صفحة 217-222. بتصرّف.
- ↑هناء سيد عبدالعزيز، أثر الفكر الديني على مفهوم الأتراكسيا عند الأبيقورية والرواقية، صفحة 450-455. بتصرّف.