من أجمل الآيات القرآنية قصة وعبرة
١٥:٥٠ ، ١٧ يناير ٢٠٢١

}
من أجمل الآيات القرآنية قصة وعبرة
سنعرض فيما يلي بعض الآيات القرآنية التي تسرد لنا نماذج القصص القرآنية المليئة بالعبر والمعاني النبيلة:
قصة يوسف عليه السلام
تُعدّ قصة يوسف -عليه السلام- في القرآن الكريم من أحسن القصص التي فيها عبرة لمن يعقل، إذ أوضحت السورة حال سيدنا يوسف -عليه السلام- وتنقُّله من حال إلى حال، ومن محنةٍ إلى محنة، ومن ذلّ إلى عزّ، فقد رأى سيدنا يوسف -عليه السلام- في منامه 11 كوكبًا والشمس والقمر له ساجدين، فقصَّ رؤياه على والده فنصحه أبوه بأن لا يُخبر إخوته برؤياه، فقد كانوا يحسدونه على حب أبيهم الشديد له، فخشي سيدنا يعقوب أن يحسدوا يوسف -عليه السلام- على رؤياه، ثمِّ وسوس الشيطان لإخوته أن يرموه في بئر عميق، فأخذه بعض التجار وباعوه بثمن زهيد إذ اشتراه ملك مصر، وبعد أن كبر يوسف راودته امرأة العزيز عن نفسه فأبى ودخل السجن، فأثبت الله سبحانه براءته وخرج من السجن بعد ذلك، واستعمله ملك مصر على اقتصادها، وقد أثبت يوسف صفاته الحسنة في العلم ومقدرته في إدارة الاقتصاد في سنوات القحط، فاجتمع مع إخوته ووالديه وتحققت رؤياه[١]، ومن أجمل آيات سورة يوسف الدالة على فوائد وعظات جمّة[٢][٣]:
‘);
}
- حثُّ المؤمن على كتمان أسباب الشر وكل ما يخشى مضرّته، قال تعالى: {لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً}[٤].
- تشجيع المؤمن على الثقة في تدبير الله وحسن الظن به، والصبر وعدم اليأس، فالسورة عظة وعبرة لكل مؤمن مُبتَلى وواقعه مرير، وهي أمل لكل من يريد النجاح والتقدم في حياته، قال تعالى: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[٥]، وقال أيضًا: {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[٦]، وفي موضع آخر: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}[٧].
- الحثُّ على العفة وكبح الشهوات وسمو النفس عن النزوات، والاستعانة بالله واللجوء إليه للتخلص أسباب المعصية، قال تعالى: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ}[٨].
- الحثُّ على ضرورة التواضع لله سبحانه بعد النجاح والتفوق، فالنجاح فضلٌ من الله سبحانه، ولا يجب على المؤمن أن يجعل غمرة ونشوة النجاح تُنسيه فضل الله سبحانه عليه، قال تعالى: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[٩].
قصة سيدنا موسى وابنة شعيب عليهما السلام
وَصَلَ سيدنا موسى -عليه السلام- ماء مدين بعد خروجه من مصر خائفًا يترقَّب، ووجد على بئر الماء حشدًا كبيرًا من الناس وامرأتان تقفان بعيدًا عن مكان السقاة، فذهب إليهما وقال ما شأنكما، فقالتا أبانا شيخ كبير في السن ولا يقوى على ذلك، فسقى لهما -عليه السلام-، ثمَّ جاءت إحداهما على استحياء تدعو سيدنا موسى إلى أبيها ليجزيه أجر ما سقى، فقصّ سيدنا موسى قصته على سيدنا شعيب والذي هو والد الفتاتين، ثمَّ عرض عليه شعيب أن ينكحه إحدى ابنتيه على أن يستأجره عنده 8 سنوات أو أن يتم 10 من عنده، ومن أجمل آيات هذه القصة الدالة على فوائد وعظات جمّة[١٠]:
- ضربت ابنة شعيب مثالًا رائعًا في الحياء والوقار، والتحلّي بالآداب الشرعية التي تأمرها بالتحفظ والتستر والحفاظ على استقامتها وطهارتها، قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}[١١].
- ضرب سيدنا موسى -عليه السلام- مثالًا للمروءة والشهامة والرجولة، كما دلت الآية على أنَّ الله سبحانه لا يضيع ولا يخيب عبده المؤمن الذي قضى حياته في طاعة الله، واستشعر ضعفه وفقره ولجأ إلى خالقه الرحيم الذي يكشف الكربات ويقضي الحاجات، قال تعالى: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إلى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}[١٢].
قصة نبي الله إسماعيل عليه السلام
أمر الله سبحانه وتعالى النبي إبراهيم -عليه السلام- أن يذبح ابنه اسماعيل، فامتثل لأمر ووضعه ابنه على الأرض حتى التصق جبينه بها، وهمّ بذبحه ولكنَّ السكين لم تنحره، وجاء الفرج من الله سبحانه إذ فداه الله بكبش أنزله الملك جبريل -عليه السلام-، ومن هنا جاءت سنة الذبح والنحر في الحج وفي أيام عيد الأضحى، ومن أجمل العبر التي تحمله آيات هذه القصة[١٣]:
- ضربت الآية نموذجين رائعين لسيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل -عليهما السلام- في طاعة الله سبحانه وامتثال أوامره، حيث استسلما له طوعًا وحبًا.
- ضرب سيدنا إسماعيل نموذجًا رائعًا أيضًا في بر الوالدين وطاعة والده في المعروف بما أمر الله، قال تعالى: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}[١٤].
قصة مريم عليها السلام
أثنى الله سبحانه في القرآن على المرأة الصالحة مريم ابنة عمران -عليها السلام-، فقد كانت من أسرة معروفة بالتقوى والصلاح، وقد حرصت أمها على شكر الله والتقرب إليه فنذرت ما في بطنها لله سبحانه ودعت الله أن يقبلها بقَبول حسن، فاستجاب الله لها وأصلح ابنتها وكفَّلها زكريا -عليه السلام-، وقام زكريا بتربيتها ورعايتها رعايةً حسنةً وأسكنها محراب عبادته، وقد أكرمها الله سبحانه فرزقها من الطعام في غير أوانه.
ثمَّ خرجت مريم -عليها السلام- وابتعدت عن قومها لتتَّخذ لها مكانًا لعبادة الله تستتر فيه عن أعين الناس، فأرسل الله إليها جبريل -عليه السلام- بصورة إنسان تام الخلق، فلما جاءها وهي الطاهرة والعفيفة خافت وفزعت واستعاذت بالله من شرِّ هذا الإنسان، فطمأنها جبريل وأخبرها أنّه ملك مرسل من عند الله جاء ليبشرها بغلام يكون بكلمة من الله وسيصير له جاه وشأن في الدنيا والآخرة، ولمّا علمت بأنّه أمر من الله اطمأنت ورضيت وسلمت أمرها لقدر لله، ثمَّ نفخ جبريل في رقبة ثوبها أي مكان إدخال الرأس فنزلت النّفخة ودخلت الرحم بإذن الله وحملت بسيدنا عيسى -عليه السلام-، ومن أجمل العبر والفوائد التي شملتها آيات هذه القصة العظيمة ما يلي[١٥][١٦]:
- بيّنت هذه الآية إجابة الله لدعاء والدة مريم بسبب تقواها وحسن عبادتها، كما بينت عظم نعمة الله على تربية الإنسان بالتربية الصالحة في البيئة الصالحة وبين أيدي مربين صالحين، وضرورة نسب صلاح الإنسان إلى فضل الله سبحانه لا إلى استحقاقه وصلاحه بنفسه، قال تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[١٧].
- ضربت هذه الآية النموذج الحسن للمرأة الطاهرة العفيفة والنقية، التي استجارت بالله ليحفظها ويعصمها من شر إنسان لا تعرفه، قال تعالى: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}[١٨].
- بيان فضل الأم وشدة ما تتحمله من ألم ومعاناة في حملها وولادتها وتربيتها لأولادها، والتذكير بعظم حقِّ برّها على ولدها، قال تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا}[١٩].
- بيّنت هذه الآيات أنّ المنازل العالية عند الله سبحانه لا تُنال إلّا بعد الصبر وتحمل الشدائد، وأن هناك دائمًا بعد الكرب فرج عظيم وبعد العسر يسر، والمنح العظيمة تُعطى بعد المحن الجسيمة، فقد أكرم الله سبحانه مريم بطعام على غير العادة وهي مطوّقة بكرب شديد، وأوضحت أهمية الأخذ بالأسباب لجلب النفع والرزق ودفع الشر، فقد أمر سبحانه مريم بأن تهز جذع النخلة ليسقط عليها الرطب وهو القادر على رزقها للرطب من غير هزّ، قال تعالى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا}[٢٠].
المراجع
- ↑“قصة يوسف عليه السلام في القرآن”، إسلام ويب، 29/7/2012، اطّلع عليه بتاريخ 13/1/2021. بتصرّف.
- ↑“تأملات في سورة يوسف “، طريق الإسلام، 20/12/2016، اطّلع عليه بتاريخ 13/1/2021. بتصرّف.
- ↑أ. د. عبدالله بن محمد الطيار (10/8/2010)، “دروس وعبر من قصة يوسف عليه السلام”، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 13/1/2021. بتصرّف.
- ↑سورة يوسف، آية:5
- ↑سورة يوسف، آية:90
- ↑سورة يوسف ، آية:87
- ↑سورة يوسف، آية:110
- ↑سورة يوسف ، آية:33
- ↑سورة يوسف، آية:101
- ↑د . سعيد عبد العظيم (20/5/2004)، “زواج موسى عليه السلام وما فيه من دروس وعبر”، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 13/1/2021. بتصرّف.
- ↑سورة القصص، آية:23
- ↑سورة القصص، آية:24-25
- ↑عبدالواحد المسقاد (16/4/2017)، “القصص القرآني عبرة وتربية”، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 14/1/2021. بتصرّف.
- ↑سورة الصافات، آية:102
- ↑“كيف تمّ خلْق عيسى عليه السلام”، الإسلام سؤال وجواب، 15/12/1999، اطّلع عليه بتاريخ 14/1/2021. بتصرّف.
- ↑عبدالله بن عبده نعمان العواضي (6/7/2017)، “قصة مريم في القرآن”، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 14/1/2021. بتصرّف.
- ↑سورة آل عمران، آية:37
- ↑سورة مريم، آية:18
- ↑سورة مريم، آية:23
- ↑سورة مريم، آية:24-26