إن التربية الإسلامية توجه إلى وجوب تربية الصغار الناشئين على بر الوالدين بالاعتراف بفضلهما وحقهما، وبوجوب احترامها وتقديرهما، بالسمع والطاعة لهما، ومباشرتهما بالمعروف، وتقديم كل ما يحتاجان إليه من مطالب الحياة والراحة فيهما، وبالابتعاد عن كل ما يزعجهما من قول أو فعل أو نظرة أو حركة، وبالدعاء لهما بالخير والرحمة والمغفرة بعد موتهما.
ومن الأساليب التي تجدها في التربية الإسلامية لتربية الأبناء على بر الوالدين ما يلي:
أولاً-size=3> نجد عدداً من الآيات القرآنية توجه لذلك، وتوصي بهن ومنها قوله تعالى( وقضى ربك ألا تعبدوا ألا إياه وبالوالدين إحساناً، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما، أو كلاهما فلا تقل لها أف، ولا تنهرهما، وقل لهما قولاً كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمها كما ربياني صغيراً) الإسراء 23-24.
ومنها قوله تعالى في سورة العنكبوت (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ).
ومنها قوله تعالى في سورة لقمان 13-15 (ووصينا الإنسان بوالديه، حملته أمه وهنا على وهن ، وفصاله في عامين ، أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير، وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إليّ، ثم إليّ مرجعكم، فأنبئكم بما كنتم تعملون).
ثانياً-size=3> نجد طائفة من أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- تحث على بر الوالدين في حياتهما وبعد موتهما، وتبين آثار ذلك وفوائده في الحياة الدنيا والحياة الآخرة ومن هذه الأحاديث:
الأحاديث التي تظهر آثار بر الوالدين في الدنيا أن في ذلك زيادة العمر والرزق ، روى الإمام أحمد عن أنس-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سره أن يمد له في عمره ويزاد في رزقه فليبرَّ والديه وليصل رحمه) وجاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال : (إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر) رواه ابن ماجة.
وأما آثار بر الوالدين في الآخرة، فتكشفها لنا أحاديث رسو الله صلى الله عليه وسلم، وأن منها تكفير الذنوب، ومنها دخول الجنة، روى الترمذي عن ابن عمر-رضي الله عنه- أن رجلاً أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أني أصبت ذنباً عظيماً، فهل لي من توبة، فقال : هل لك من أم؟ قال: لا: هل لك من خالة؟ قال: نعم، قال: فبرها.
وروى مسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه، قيل من يارسول الله ؟ قال : من أدرك أبويه الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة.
قال النووي في رياض الصالحين:” رغم أنفه- كناية عن الذل، كأن أنفه لصق بالرغام أي بالتراب حقيراً هواناً”.
ثالثا_size=3> نجد طائفة من الأحاديث النبوية تبين مدى أهمية بر الوالدين بتقريرها تقديم فعل ذلك على كثير من أعمال الطاعات والمبرات، من نحو الجهاد في سبيل الله والحج والنوافل، والزوجة والأصدقاء، وحب الأولاد، ومن هذه الأحاديث ما رواه الشيخان عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال : سألت النبي – صلى الله عليه وسلم-أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
ومن هذه الأحاديث التي تبين وجوب تقديم بر الوالدين على حب الأولاد ، قصة الثلاثة أصحاب الغار التي رويت في الصحيحين .
وختاماً : ليبادر كل منا إلى بر والديه إن كانا أحياء، أو أحدهما إن كان حياً، وإلا فالخالة هي بمنزلة الأم، ثم الأقرب فالأقرب، لعل الله يغفر لنا ذنوبنا ويدخلنا جنته.