مما لا شك فيه أن الهمة رزق من الله تعالى يمن به على من يشاء من عباده ، ومن حكمته سبحانه أن فاضل بين عباده في قواهم العملية كما فاضل بينهم في قواهم العلمية ، لكنه جعل لعلو الهمة أسبابا إذا أخذ بها العبد علت همته وارتقت نفسه ، ونحن نعرض في إيجاز لبعض هذه الأسباب عسى أن يمن علينا اللطيف الخبير بعلو الهمة . size=3>size=3>
فمن هذه الأسباب : size=3>size=3>
(1) الإخلاص:size=3>size=3>size=3>
فنسيان رؤية المخلوقين بدوام النظر إلي الخالق تبارك وتعالى يحث على الأخذ بمعالي الأمور ؛ لأن الناقد بصير. size=3>size=3>
يقول الإمام بن القيم رحمه الله : size=3>size=3>
لقاح الهمة العالية: النية الصالحة ، فإذا اجتمعا بلغ العبد المراد.size=3>size=3>
(2) الصدق:size=3>size=3>size=3>
فالصادق في عزمه وفي فعله صاحب همة عالية وبصدقه في العزم والفعل يسعد في الدارين ، فصدق العزيمة الجزم وعدم التردد ، وصدق الفعل هو بذل الجهد واستفراغ الوسع لتحقيق ما عزم عليه ، فيأمن صاحب العزم الصادق من ضعف الهمة والإرادة ، و يمنعه صدقه في الفعل من الكسل والفتور.size=3>size=3>
(3) العلم:size=3> size=3>size=3>
فمن استوى عنده العلم والجهل ، أو كان قانعا بحاله وما هو عليه ، فكيف تكون له همة أصلا ؟ فالعلم يرتقي بالهمة ، ويرفع طالبه عن حضيض الجهل والتقليد ويصفي نيته.size=3>size=3>
” والعلم يورث صاحبه الفقه بمراتب الأعمال، فتبقى فضول المباحات التي تشغله عن التعبد – كفضول الأكل والنوم – ويراعي التوازن والوسطية بين الحقوق والواجبات ، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: ” أعط كل ذي حقه حقه” .size=3>size=3>size=3>
ويبصره بتحيل إبليس وتلبيسه عليه ، كي يحول بينه وبين ما هو أعظم ثوابا “. (علو الهمة للشيخ محمد إسماعيل ).size=3>size=3>
قال ابن القيم رحمه الله : ( إن السالك على حسب علمه بمراتب الأعمال ونفائس الكسب ، تكون معرفته بالزيادة والنقصان في حاله وإيمانه ) .size=3>size=3>
(4) اليقظة والمسارعة:size=3>size=3>size=3>
بحيث يفارق العبد بيقظته جموع الغافلين ، ويعرض عن أفعال الجاهلين ويخلع ثوب النوم والرقاد ، فلا يقر له قرار حتى يسكن في جنة عرضها السموات والأرض : size=3>size=3>
فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيَّمُ size=3>size=3>
ولكننا سبيُ العدو فهل ترى نعود إلي أوطاننا ونُسَلَّمُ size=3>size=3>
فلا ينبغي لمن أراد الارتقاء بهمته أن يرتمي في أحضان الغافلين وإلا عضّ أسنة الندم.size=3>size=3>
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الجوشن الضبابي بعد بدر إلى الإسلام ، فقال : “هل لك إلى أن تكون من أوائل هذا الأمر؟”size=3> . قال: لا. قال: “فما يمنعك منه؟”.size=3> قال : رأيت قومك كذبوبك وأخرجوك وقاتلوك ، فأنظر: فإن ظهرت عليهم آمنت بك واتبعتك ، وإن ظهروا عليك لم أتبعك ..فكان ذو الجوشن يتوجع على تركه الإسلام حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم. size=3>size=3>
إذا ما علا المرء رام العلا ويقنع بالدون من كان دونا size=3>size=3>
(5) الحزم وعدم التردد :size=3> size=3>size=3>
فإن التردد يفوِّت على العبد الفوز بالخيرات ، ويبقيه في مكانه في الوقت الذي يسير فيه الركب فيصل الحازم إلى مبتغاه ، وصدق القائل : size=3>size=3>
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تتردداsize=3> size=3>size=3>
وقال آخر : size=3>size=3>
ومشتت العزمات ينفق عمره حيران لا ظفرٌ ولا إخفاقsize=3> size=3>size=3>
فلا تتوقف مترددا أو قلقا ، ولا تضيع نفسك بالشكوك التي لا تلد إلا الشكوك ، واستمع إلى قول ربك :
( فإذا عزمت فتوكل على الله ).size=3> وقوله : size=3>size=3>
( فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ).size=3> size=3>size=3>
(6) معرفة قيمة النفس وشرفها:size=3>size=3>
وليس المقصود بهذا أن يغتر العبد أو يعجب بنفسه ويتكبر ، إنما المقصود أن يعلم أنه في الخليقة شيء آخر لا يشبهه أحد ، فيحرص على أن يرفع قيمته ، ويغلي ثمنه بعمله الصالح ، وبعلمه ونبوغه ، واطلاعه ومثابرته وبحثه وتثقيف عقله ، وصقل ذهنه ، وإشعال الطموح في روحه ، والنبل في نفسه ؛ لتكون قيمته عالية وغالية.size=3>size=3>
فيا أيها الحبيب، يا من أسجد الله لك ملائكته بالأمس ، وجعلهم اليوم في خدمتك ، كم من ملك في السماوات ما ذاقوا غمضا ليس لهم رتبة: ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ).size=3> كم من ملك في السماوات ما ذاقوا طعاما ولا شرابا ليس لهم شرف : “ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك “.size=3> الملائكة تصلي عليك ما استقمت ، وحملة العرش يستغفرون لك ، يا هذا فتش عن نفسك ، واعرف قدرها تسم بهمتك إلى العظيم.size=3>size=3>
(7)الدعاء:size=3>size=3>size=3>
وإنما جعلناه خاتمة الأسباب التي نتحدث عنها في هذا المقال لأنه الباب الأوسع والأقرب للفوز بأنواع الخيرات ، وهو باب لا منازع فيه ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن أبخل الناس من بخل بالسلام ، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء”size=3> .size=3>size=3>
ويقول صلى الله عليه وسلم ” ليس شيء أكرم على الله من الدعاء “.size=3>size=3>size=3>
فادخل على مولاك من باب الذل والافتقار ، وناجه : size=3>size=3>
إلهي وسيدي ومولاي ، أنت أصلحت الصالحين وأعليت هممهم فاجعلنا منهم وألحقنا بهم في عليين .size=3>size=3>
وللحديث بقية ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.size=3>size=3>