من أول من أسلم من النساء
عندما نزلت الرسالة والنبوة على سيدنا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ آمن به الكثير من الرجال والنساء والأطفال والعبيد أيضًا حيث عُرف محمد بالسيرة الحسنة بين كافة أهل قريش، وعندما علم البعض بنزول الوحي عليه تسارعوا كي يعتنقوا الإسلام.
- ويسعى الكثير لمعرفة أوائل الأشخاص الذين أسلموا فور بداية الدعوة الإسلامية، فهذا الأمر يُعد من ضمن أهم الأمور التي تخص السيرة النبوية الشريفة.
- وتم التساؤل ” من أول من أسلم من النساء ؟ “.
- ونجيب بأن من أول من أسلم من النساء هي السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
- فالسيدة خديجة أم المؤمنين لم تكن أول من أسلم من النساء فقط، بل كانت أول من آمن بالرسول _ صلى الله عليه وسلم _ فور نزول الوحي عليه، فهي من قامت بتهدئته والتخفيف عنه بعدما نزل عليه سيدنا جبريل.
- فلقد قال رسول الله فيها في أحد أحاديثه الشريفة:
" خديجةُ سابِقةٌ نساءَ العالمينَ إلى الإيمانِ باللَّهِ وبمحمَّدٍ ".
خديجة بنت خويلد
السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين _ رضي الله عنها وأرضاها _، أولى زوجات رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من أول من أسلم من النساء ومن أول من آمن برسول الله بعد نزول الوحي عليه، عُرفت بأنها من أشرف وأغنى نساء قريش حيث أنها كانت من نسب رفيع كما كانت تمتلك تجارة واسعة إلى جانب أخلاقها الحميدة وصفاتها المتميزة التي كانت تميزها عن غيرها من النساء.
نسب السيدة خديجة
- فهي السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية، وكان نسبها يلتقي مع نسب الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ في الجد الخامس وهو قصي بن كلاب.
- لذلك كانت السيدة خديجة من أقرب نساء النبي في النسب.
أهل السيدة خديجة
- أما عن والدة السيدة خديجة فهي فاطمة بنت زائدة الأصم، وهي قرشية النسب، ويلتقي نسبها أيضًا مع نسب الرسول في الجد لؤي بن غالب.
- أما عن والدها فهو خويلد بن أسد، وهي من أغنى وأشراف قريش.
مولد السيدة خديجة ونشأتها
- ولدت السيدة خديجة في عام 68 قبل الهجرة في مدينة مكة المكرمة، وكانت أكبر من الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ بـ 15 عامًا.
- ونشأت السيدة خديجة في بيت من أكبر وأفخر بيوت قريش، وهذا الأمر يرجع إلى نسبها، فكانت هي ووالدها وأجدادها من أغنى وأشرف سادة قريش.
- وترعرعت على التجارة فكانت تستأجر الرجال الأمناء ليخرجوا بأموالها في التجارة بين بلاد الشام وبلاد اليمن، ووصفهم الله تعالى في الآية رقم 1 والآية رقم 2 من سورة قريش:
" لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ".
زواج السيدة خديجة قبل النبي
- حاول الكثير التقدم لزواج السيدة خديجة لنسبها وأخلاقها، وبالفعل تزوجت السيدة خديجة قبل النبي مرتين، في المرة الأولى تزوجت من عتيق بن عابد بن مخزوم، وأنجبت منه هند.
- وفي المرة الثانية تزوجت من أبي هالة بن زرارة الأسيدي التميمي المعروف باسم مالك بن النبش، وأنجبت منه هند وهالة والطاهر، وبعد وفاة زوجها الثاني رفضت الزواج مرة أخرى إلى أن قابلت النبي محمد.
زواج السيدة خديجة من النبي
اشتهر محمد _ صلى الله عليه وسلم _ بالسيرة الحسنة بين سادة قريش، فعُرف بأفضل الأخلاق والصدق والأمانة، وكانت السيدة خديجة دائمًا ما تقوم بالبحث عن الرجال الأمينة ليتولوا تجارتها.
- وعندما علمت بأمانة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، عرضت عليه أن يخرج للتجارة بالمال الخاص بها، كما قالت له أنها ستقوم بإعطائه أفضل مما تعطي غيره، وبالفعل قبل النبي محمد، وخرج للتجارة بمالها بصحبة غُلام يُدعى ميسرة.
- وعندما انتهت الرحلة، وعاد ميسرة إلى السيدة خديجة قام بإخبارها كافة ما حدث في الرحلة، وأخبرها عما رأى من رسول الله من صدق وأمانة، وأنه لم يسبق له أن رأى مثل أخلاقه من قبل.
- حينها قامت السيدة خديجة بالتفكير، وأدركت أن محمد سيكون خير زوج لها، وبالفعل قامت بإرسال صديقتها نفيسة بنت منية، وعرضت على الرسول الزواج من السيدة خديجة، ووافق النبي على هذا الأمر.
- بعد ذلك أخبر الرسول أعمامه، وذهبوا إلى عم السيدة خديجة، وقاموا بخطبتها إلى النبي محمد، وفي ذلك الحين كانت تبلغ السيدة خديجة من العمر 40 عامًا، وكان الرسول يبلغ من العمر 25 عامًا.
- وكانت هي أول أمرآه تزوجها الرسول ولم يتزوج عليها أي امرأة أخرى إلى أن توفيت.
أبناء السيدة خديجة من الرسول
- أنجبت السيدة خديجة من الرسول ولدين وهما القاسم وعبد الله، ولكنهما توفيا في صغرهما قبل بداية الإسلام.
- كما أنجبت منه أيضا أربع بنات وهن: زينب، ورقية، وفاطمة، وأم كلثوم، وقد شهدوا بداية الإسلام وأسلموا كذلك.
- لُقبت السيدة خديجة بلقب أم المؤمنين لأنها إحدى زوجات الرسول، كما لقبت أيضًا بأم القاسم نسبة إلى ابنها القاسم الذي أنجبته وتوفي وهو صغير.
قصة إسلام السيدة خديجة
كانت السيدة خديجة هي من أول من أسلم من النساء ومن أول من آمن بالرسول الكريم، فعندما نزل سيدنا جبريل بالوحي عليه عندما كان يتعبد في غار حراء، فرّ إلى السيدة خديجة لتخفف عنه.
- فلقد روي عن السيدة عائشة _ رضي الله عنها _:
" فَدَخَلَ علَى خَدِيجَةَ بنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، فقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فقالَ لِخَدِيجَةَ وأَخْبَرَها الخَبَرَ: لقَدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي فقالَتْ خَدِيجَةُ: كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ ".
- فعندما أخبرها الرسول بما حدث معه قامت بطمأنته، وأخبرته أن الله لن يخزيه أبدًا، وبدأت بتخفيف الألم عنه، ومن آمنت به وبما أُنزل عليه.
- فأخذته، وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وحينها بدأ الرسول بقص ما حدث معه، فقام بتبشيره أن الذي حدث هذا يُشبه ما حدث مع الأنبياء من قبل كنبي الله موسى وعيسى، وأخبره وبشره بأنه سيكون نبيًا.
- وحينها ساندته السيدة خديجة، وظلت معه فكانت خير معين له، فقال النبي فيها:
" خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بنْتُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بنْتُ خُوَيْلِدٍ ".
- بالإضافة إلى ذلك فلقد ميزها الله عن غيرها، واستدل على ذلك ما ورد في السنة النبوية الشريفة:
" أَتَى جِبْرِيلُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ: هذِه خَدِيجَةُ قدْ أتَتْ معهَا إنَاءٌ فيه إدَامٌ، أوْ طَعَامٌ أوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هي أتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا ومِنِّي وبَشِّرْهَا ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ لا صَخَبَ فِيهِ، ولَا نَصَبَ ".
- إلى جانب ذلك فلقد نصرت السيدة الخديجة الرسول عندما حدثت المقاطعة بل وساندته أيضًا وصبرت معه طوال ثلاث سنوات الحصار.
وفاة السيدة خديجة
توفت السيدة خديجة في السنة العاشرة من البعثة النبوية، وكان هذا بعد حصار الشعب والمقاطعة التي شهدها بني هاشم وبني المطلب، وكان عمرها حينها 65 عامًا، وتم دفنها بواسطة الرسول في مقبرة الحجون.
- وفي تلك الفترة لم تكن صلاة الجنازة مشروعة، فلم يصل عليها، وتم تسمية العام الذي توفت فيه بعام الحزن وذلك لأن الرسول حزن على فراقها حزنًا شديدًا حيث أنه كان يحبها حبًا جمًا.
- ولقد استدل على حبه لها من خلال ما ورد عن السيدة عائشة _ رضي الله عنها _:
" ما غِرْتُ علَى نِسَاءِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إلَّا علَى خَدِيجَةَ وإنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا. قالَتْ: وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، فيَقولُ: أَرْسِلُوا بهَا إلى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ قالَتْ: فأغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلتُ: خَدِيجَةَ، فَقالَ: رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إنِّي قدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا ".