من المسؤول عن توقف “الكراسي العلمية”؟؟

يقصد بالكراسي العلمية تلك الدروس التي أطلقتها المندوبية الجهوية للشؤون الإسلامية بالرباط بتنسيق مع المجلس العلمي المحلي خلال شهر أبريل من سنة 2010، تحت شعار: "الكراسي العلمية بصائر وبشائر"، وهو مشروع علمي اهتم بتنظيم دروس في العقيدة والتفسير والسلوك والفقه والسيرة النبوية والقراءات والتجويد والنحو داخل ستة مساجد كبرى بالرباط.

Share your love

من المسؤول عن توقف “الكراسي العلمية”؟؟

هوية بريس – ذ. إبراهيم الطالب

يقصد بالكراسي العلمية تلك الدروس التي أطلقتها المندوبية الجهوية للشؤون الإسلامية بالرباط بتنسيق مع المجلس العلمي المحلي خلال شهر أبريل من سنة 2010، تحت شعار: “الكراسي العلمية بصائر وبشائر”، وهو مشروع علمي اهتم بتنظيم دروس في العقيدة والتفسير والسلوك والفقه والسيرة النبوية والقراءات والتجويد والنحو داخل ستة مساجد كبرى بالرباط.
وقد أوْلته الوزارة اهتماما كبيرا في بداياته، بحيث روج له كمشروع علمي كبير يملأ الفراغ الحاصل في إقراء العلوم الشرعية، وإحياء دور المسجد في حياة المسلمين.
كما أعطته قيمة علمية كبيرة عندما صرحت أن الطلبة المسجلين في دروس هذه الكراسي بإمكانهم الحصول على إجازات علمية في المواد المدروسة إذا توفر فيهم شرطا المواظبة والتحصيل.
وقد حظي المشروع بمواكبة إعلامية خاصة حيث كان يتم تسجيل دروسه بانتظام خلال السنوات الأولى وبثها على قناة محمد السادس للقرآن الكريم، مما أعطى للقناة قيمة علمية متميزة، وأعطى للمشروع شهرة واسعة الانتشار بلغت ما وراء البحار، وعرّفت بعلماء المغرب دوليا بشكل جميل جدا، وشكلت مواد المشروع موضوع آلاف المقاطع التي تداولها الناس في أنحاء العالم على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، فكان ذلك سببا في انتشار مضامينها العلمية بقوة.
ثم في الأسبوع المنصرم تفاجأ عموم الطلبة والمصلين أن عملية التصوير قد توقفت بل وقع أحد مشايخ الكراسي في حرج بالغ حيث لم يُمَكَّن من المنبر الخاص بإلقاء الدرس، ولَم توفر له صوتيات لإسماع صوته للطلبة.
فمن يتحمل مسؤولية هذا التوقف وهذا الإهمال السافر البالغ، وهذا الإفشال الممنهج؟؟
قبل الإجابة والتحليل، نشير إلى أن المشروع رغم كونه يندرج ضمن نشاط الوعظ والدروس الذي تنظمها المجالس العلمية ووزارة الأوقاف في كافة ربوع المملكة، إلا أنه يتميز عنها لكونه مشروعا قائم الذات له خصوصيته من حيث الشكل والمضمون، ومن حيث كونه أصبح مادة إعلامية ارتبط بها المواطنون وشكلت لهم إشباعا علميا وروحيا مغربيا.
ونظرًا لكل ما سلف ذكره نعتبر أن مشروع الكراسي العلمية ليس هو مضمون الدروس التي تلقى في المساجد المخصصة لذلك، بل هو المشروع برمته، يشمل الدرس والتصوير والبث في القناة السادسة، فمن يشاهده على التلفاز وفِي مواقع التواصل الاجتماعي يعد أضعاف أضعاف عدد من يتابعونه في المسجد.
فلا معنى إذًا للاحتجاج على عدم التوقف فقط لأن العلماء استمروا في إلقاء دروسهم بالمساجد.
لذا نتساءل: ما هي الأسباب التي كانت وراء توقيفه؟
ومن يتحمل مسؤولية هذا التوقيف؟
في غياب أي بيان أو بلاغ من طرف الجهات المختصة، يمكننا أن نعتمد في الإجابة عن السؤالين على المعلومات المتعلقة بنشأة المشروع، وكذا ما التف به من ملابسات خلال هذه السنوات الثمانية لانطلاقه.
فالأسباب وراء توقيف المشروع هو العبثية والارتجال وسوء التنظيم، استغلها مَن يهمه إفشال المشاريع الإسلامية حتى لا تؤدي دورها في التوعية والتربية وبناء الذات.
أما من يتحمل المسؤولية؟؟
ففي نظرنا، أن المسؤول عن التوقف هما طرفان:
1- وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالدرجة الأولى، لأنها الوزارة الوصية ولأن المشروع كان من تنظيم المندوبية الجهوية للرباط.
2- القناة السادسة ممثلة في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة و المعروفة إختصارا بـ: SNRT، بصفتها الطرف الذي تكفل بشراء المواد العلمية من إحدى الشركات الخاصة التي اتفق معها طيلة هذه السنوات على عملية التصوير مقابل شرائها من طرف القناة السادسة.
أما مسؤولية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فثابتة بشكل قطعي، لأنها:
أولا: مَن نظم المبادرة وأطلقها وروج لها، بل كان الوزير يتبجح بمشروع الكراسي العلمية، ويستكثر به ضمن منجزاته.
ثانيا: لأن وزارة الأوقاف هي الوزارة الوصية على الشؤون الإسلامية، والمشروع يفترض أن تعتبره من أولوياتها، لأنه يمثل التفعيل المباشر للثالوث الذي يرمي به الوزير في وجه مخالفيه، هذا بالإضافة إلى حاجة الناس الملحة إليه، خصوصا وأن تكلفته تعد كَلاَ شيء.
ثالثا: من المؤسف أن الوزارة تدقق في التفاصيل التافهة لما يجري في المسجد من خلال التقارير التي يرفعها القيمون الدينيون والمراقبون للمساجد وما يعتمل فيها، وتصرف الملايير على ذلك، وهذا طيب إن حسنت النية وصلح العمل، فكيف لا تكون عالمة بأن السبب في توقف تصوير دروس الكراسي العلمية هو عدم الرغبة في تمويلها من طرف القناة السادسة.
رابعا: نفترض أن الوزارة قد علمت بتوقف التصوير، فلماذا لم يتدخل السيد الوزير، علما أن الشركة قد أوقفت تزويد السادسة بمواد التصوير منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، حيث تكتفي فقط بتكرار بث الدروس القديمة، وهذا يعد استهزاء بالعلم والعلماء، واحتقارا للمشاهدين المغاربة المتابعين بحب وشغف للدروس، ومنهم خطباء ووعاظ يستكملون تكوينهم من خلال البث.
خامسا: إذا كانت الوزارة التي تصرف ملايير عديدة على ترميم الأضرحة دعما للقبورية وترويجا للخرافة، تعجز عن تمويل تكاليف التصوير والبث لأهم مشاريعها؛ ألا يعتبر هذا إفشالا ممنهجا له؟؟
فبالله عليكم كيف يمكن القبول بهذا الاستهزاء الصارخ بدين المغاربة وبالعلماء والعلم؟؟
بل كيف نقبل بفرضية عجز الوزارة عن توفير ميزانية لإنتاج وتصوير مشروع الكراسي العلمية، وهي المصنفة الأغنى من بين الوزارات، هذا علما أن العلماء الذين يتكلفون بإلقاء الدروس يعملون لوجه الله، بل يأتون من مدن أخرى على حسابهم الخاص؟؟
أما في ما يخص مسؤولية الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فنثبت مسؤوليتها من خلال الآتي:
أولا: في بداية المشروع كلفت الوزارة ممثلة في المندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف بالرباط شركةً خاصة بالتصوير كما أسلفنا والمثبّت اسمها التجاري في آخر كل شريط كانت تبثه على القناة السادسة، على أن تتكلف القناة بشراء ما تنتجه للشركة، فلما لم توفر القناة ميزانية كافية وقارة لذلك تراكمت الديون على القناة، الأمر الذي اضطر صاحب الشركة إلى إيقاف تزويد القناة بأشرطة الدروس، قبل قرابة الثلاث سنوات من الآن.
ثانيا: نتساءل كيف تعجز الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة عن توفير ميزانية قارة وكافية لإنتاج مشروع بالغ الأهمية وكبير النجاح؟؟
في حين نراها تقوم بتوفير ميزانيات شراء الأفلام البرازيلية والميكسيكية والتركية الهادمة للفرد والمجتمع، والمخربة للأسرة والقيم والدين، وفالحة فقط في تمويل مشاريع الهراء والتهتك التي تكلف الملايير من الأموال العامة التي تصبها صبا في جيوب آل عيوش والشركات التابعة لليهودي الذي يوردها الأفلام المذكورة آنفا.
إننا نعلم كما يعلم كل المغاربة أن الساهرين على رسم السياسة الإعلامية في المغرب لا يهمهم الدين ولا التدين، بل لا يَرَوْن المواد الإعلامية الدينية تدخل في مسمى المواد الإعلامية أصلا.
إن الأمر لا يتلخص في مجرد دروس علمية، بل نعتبر قيام المؤسستين المسؤولتين بإفشال أنجح المشاريع الدينية بمثابة استهزاء بعقول المغاربة وإهمال لشأنهم الديني بطريقة مهينة للعلم والعلماء، وننتظر من يسائلهم على مستوى البرلمان والمجلس العلمي الأعلى فهو أمر يستحق المساءلة والمتابعة ورد الاعتبار.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

Source: howiyapress.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!