قال- تعالى- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (سورة البقرة الآية:183) فرض الله- ﷻ- على المؤمنين كلهم الصوم بموجب هذه الآية الكريمة وماتقدم من أحاديث عن النبي- ﷺ- في أركان الإسلام الخمس صوم رمضان، والمولي- ﷻ- لا يفرض على عباده فرضاً إلا وكان فيه خيراُ لهم، فما هو الصيام؟ وما فائدته على المسلم صحياً؟ وما هو فضل الصيام ذاك؟ وهل فعلاً من فضل الصوم أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك، كل هذا سنجيب عنه في مقالتنا على موقعكم الموسوعة العربية الشاملة.
من فضل الصوم أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك
لصوم رمضان فضل كثير على المسلمين الصحية والنفسية والدينية، والله- ﷻ- ميز فريضة الصوم، وجعل لها ثواباً خاصاً بها عنده، فهو وحده يحاسب عليها بمقدار من عنده ليس كباقي الفرائض والأعمال، حتى جعل الله رائحة فم الصائم عنده أفضل من رائحة المسك.
وهذا في قول النبي- ﷺ-(كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، إلى سَبْع مِائَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لي، وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فيه أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ) (حديث صحيح).
من المعروف أن فم الصائم قد تصدر عنه بعض الرائحة الغير محببة لغالبنا، بسبب جفاف الحلق أو نقص المياه في الجسم من الصيام، فجعل الله لهذه الرائحة فضل وثواب لديه للدلالة على أهمية الصوم وفضله.
تعريف الصوم
كلمة الصوم والصيام كلمتان عربيتان الأصل فما معناهما في اللغة العربية؟، وما معناهما اصطلاحاً؟
معنى الصوم لغةً
الصوم والصيام كما ذكرنا كلمتان من أصل عربي، يرجعا إلى الجذر (ص-و-م) وفعله صام، وهذا العفل بمعنى الامتناع عن فعل شىء معين، مثلاً ما يلي:
- صامت الريح: توقفت الرياح عن الحركة.
- صامت الخيل: قامت بدون أن تأخذ طعامها من العلف.
- صمت عن الكلام: توقفت عن الكلام.
معنى الصوم اصطلاحاً
هو امتناع المسلم عن الطعام والشراب والجماع منذ أذان الفجر إلى أذان المغرب مع النية. وهو الركن الرابع من أركان الإسلام، والفريضة الواجبة على كل مسلم في شهر رمضان الكريم.
فضل الصوم
فرض الله الصوم على المسلمين لما فيه من فوائد صحية واجتماعية ونفسية ودينية أيضاً، وسنعرض لكم بعضاً من ذلك الفضل فيما يلي:
فضل الصيام صحياً
- تنظيم الكوليسترول الضار في الجسم: فالعديد من الدراسات أكدت أن الجسم أثناء الصيام يقوم بخفض نسبة الكوليسترول في الدم، مما يساعد على حركة الدم في الشرايين والأوردة بشكل أفضل، مانعاً لحدوث أي نوبات قلبية أو جلطات أو سكتات دماغية.
- تقليل الشهية: فتنظيم الأكل وتقليل حجمه في فترات الصيام يعمل على تقليل حجم المعدة بشكل تدريجي، وإراحة الجهاز الهضمي، ولتحقيق أكبر استفادة للجهاز الهضمي في تلك الفترة، وجب استخدام نظام غذائي صحي في رمضان.
- التخلص من السموم خلال الشهر: ففي الحالات العادية يحتاج الجسم إلى عملية حرق الطعام داخله لتحويلها إلى طاقة تساعد الجسم على مباشرة حياته، أما في حالة الصيام فيبدأ الجسم بحق الدهون المخزنة داخله لتوفير الطاقة للجسم، مما يؤدي إلى التخلص من السموم الدهنية.
- تقليل الالتهابات: فيعمل الجسم خلال فترة الصيام على حرق الدهون المتراكمة في الجسم وليس السكر (الجلوكوز) الذي يؤدي إلى التهاب الخلايا، مما يساعد على الحد من الالتهابات.
- تقليل السكر في الدم: فنسبة السكر في الدم تتزايد عن الأكل، لذلك فمع الصيام تبدأ نسبة السكر في الدم تتناقص تدريجياً، ولكي لا يصل نقص الدم لمستوى خطر على الجسم يبدأ الجسم نفسه بإنتاج الجلوكوز؛ للمحافظة على ثبات نسبة السكر في الدم على المعدل الطبيعي.
فضل الصيام نفسياً
- السيطرة على النفس البشرية: فتظهر قوة المسلم عند السيطرة على تلك النفس، فلا يأكل ولا يشرب ولا يرتكب قليل الإثم حتى يفوز بثواب الصيام كاملاً، ناهيك عن ترك المدخن والمدمن لشئ معين ما يدخنه طيلة فترة الصيام؛ مما ينعكس على النفس بقدرتها على التحمل والمضي قدماً تجاه التوقف عن تلك العادات السيئة.
- تحسين الصحة المزاجية: فقد أشارت الدراسات العلمية أن للصيام أثر كبير على زيادة نشاط الدماغ، وتقوية الدماغ لتحمل الإجهاد والتأقلم مع الصيام، فمع الصيام تقل نسبة الجلوكوز الواصل للمخ، فيقوم المخ بتعويض ذلك النقص عن طريق آليات عصبية تزيد من فاعلية الدماغ، مما يحسن المزاج والقدرة على التعلم.
فضل الصيام اجتماعيا
- زيادة صلة الرحم: فمن العادات الجميلة في رمضان اجتماع الأسرة والعائلة على المائدة لوجبة الإفطار والسحور، مما يخلق جواً من الألفة والتراحم بين أفراد الأسرة والعائلة.
- الشعور بالمحتاجين والفقراء: يبدأ الإنسان التفكير فيمن يصومون طيلة العام بشكل إلزامي؛ بسبب فقرهم وحاجتهم، مما يجعله يساعد غيره بشكل إيجابي في تلك الأيام.
- تعويد الأمة الإسلامية على النظام والاتحاد: فالمسلمون جميعهم يأكلون في وقت واحد، ويتعاونون جميعاً في إقامة الصلوات كالتراويح والتهجد.
- حل الخصامات وتوحيد الأفراد: ففي رمضان يغلب على المسلمين الروح السمحة والمسامحة كنوع من التقرب إلى الله، فتزيد المصالحات والروح الطيبة بين أفراد المجتمع.
- انخفاض نسبة الجريمة: فالصيام يهذب النفس ويجمل الخلق، وقد اثبتت الإحصائيات أن معدل الجرائم يقل بشكل ملحوظ خلال الشهر الكريم.
- كثرة أعمال الخير: يسارع الجميع في التصدق والصلوات ورد الحقوق لأصحابها للتقرب من الله والفوز بثواب رمضان.
فضل الصيام دينياً
وفي هذه الجزئية ما لا يعد ولا يحصى من الفوائد، ولكننا سنحاول عرض بعضها لحضراتكم لتحقيق أقصى استفادة من الشهر الكريم فيما يلي:
- في الجنة باب للصائمين: جعل الله في جنته باباً خاصاً يدخل منه الصائمين فقط، للدلالة من الله- عز وجل- بأهمية الصيام ومدى حب الله -تبارك وتعالى- للصائمين.
- الفوز بمغفرة من الله: يغفر الله للصائمين ذنوبهم فكما قال رسول الله- ﷺ-(لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ)
- يستجيب الله لدعاء الصائم: فقد جعل الله للصائم ميزة وهي أن دعوته مستجابة، فما بالك إن كان يدعوها وهو يصلي!
- يزيد قدرة المسلم على جهاد نفسه: يبدأ الإنسان في تحدي نفسه بشكل واضح، فبمجرد منعها عن الحلال، ناهيك عن كل المحرمات، مما يجعل الإنسان لديه الإرادة والعزيمة للتوبة عن أى عادة سيئة أو ذنب.
- الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة: الصوم يصاحب الصائم يوم القيامة ويشفعه عند الله، فلا يرى عذاباً، ولا يصيبه خوف في هذا المقام العظيم.
- تخلص الإنسان من وسوسة الشيطان له: يتعرض الإنسان في حياته إلى أنواع عدة من خبيث وسوسة الشياطين، ولكن يأتي المولى- ﷻ- في شهر رمضان بحبس كل الشياطين، تاركاً فرصة للبشر للتوبة وفعل الطاعات دون أي تأثير من الشياطين.
- الإحساس بحلاوة الإيمان: فالمداومة على الطاعات تكسب الإنسان إحساس بالحلاوة والحب للإيمان وحب الله وحب الوصول للجنة.