‘);
}

الكِبر

عرّف الأصبهاني الكِبر بأنّه حالة إعجاب المرء بنفسه، فيراها بذلك أعظم من غيره بكثير، وأسوء الكِبر على الإطلاق التكبّر على الله جلّ جلاله، ويكون ذلك برفض الانصياع لأوامره واجتناب نواهيه، والإعراض عن آياته وعبادته، والكِبر من أذمّ الأخلاق، فبه يرى الإنسان نفسه أفضل من غيره، حتى يصل به الأمر إلى احتقارهم، فيترفع عن ضعيفهم وهو أضعف مَن فيهم، ويزكّي نفسه عن غيره وهو أكثرهم خبثاً في نفسه، وللكِبر عدّة صور، منها: ردّ الحق ورفضه، والتكبّر على الله تعالى، وحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ومنها: الكذب، والخيانة من أجل الاستكبار على الحقّ، ومنها، الإعجاب بالنفس وقوّتها، ومنها، احتقار الناس واستضعافهم، ومنها: اغترار الإنسان بعمله، وكذلك النفاق، والاختيال في المشية واللباس، والاستعلاء في الأرض، والجدال في الدين بغير علم.[١]

من قال هلك الناس فهو أهلكهم

ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إذا قال الرَّجلُ: هلك النَّاسُ، فهو أهلكُهم)،[٢] وقد ورد لفظ (أهلكهم) بالرّفع والنّصب، وذلك بأن تكون إمّا أهلَكَهُم؛ فيكون المقصود حينها أنّ قائل ذلك عنهم هو سبب هلاكهم، وإمّا أهلَكُهُم؛ ويكون المقصود حينها بأنّ القائل أشدّهم هلاكاً، وقال العلماء في معنى الحديث أنّ المقصود بالذمّ فيه من قال ذلك على سبيل ازدراء الناس، واحتقارهم، والتكبّر عليهم، بأن يرى نفسه خيراً منهم، وينظر إليهم على أنّهم هالكين لا محالة، أمّا هو فناجٍ بصواب فعله، وقالوا إنّ من يقول ذلك على قصد التحزّن والتألم على حال المسلمين لا يكون داخلاً في ذمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فالفرق بين الاثنين أنّ الأول قدّم نفسه على الناس، واحتقرهم لإعجابه بنفسه، أمّا الثاني فقد جعل نفسه من عامّة الناس يحزن لحاله وحالهم، فيمقت نفسه ويؤنّبها.[٣][٤]