من هو كارلوس غصن؟ رجل الأعمال اللبناني

"لا يمكنك بناء شخصيتك من خلال فعل ما يفعله الآخرون"، إنَّه كارلوس غصن، المُلقَّب بقاتل النفقات، وهو من أشهر المديرين التنفيذيين في العالم، والذي إذا سُلِّم أيَّ مشروعٍ على وشك الإفلاس أو الخسارة، فسوف يُنجِح هذا المشروع ويجعله يُحقِّق نتائج ربحيةً عاليةً بكلِّ تأكيد. إليكم قصة نجاح كارلوس غصن.

Share your love

من هو كارلوس غصن؟

هو لبناني الأصل، ويحمل الجنسية البرازيلية والفرنسية واللبنانية، ويتحدَّث أربع لغاتٍ بطلاقة، وهي: اللغة العربية والفرنسية والبرتغالية والإنكليزية، وتعلَّم اللغة اليابانية.

وُلِد في البرازيل في مدينة بورتو فاليو، وذلك في التاسع من مارس عام 1954 ميلادية، ووالده هو “جورج غصن” بن “بشارة غصن”، اللبناني الذي هاجر إلى البرازيل وهو في عمر الـ 13 عاماً؛ ووالدته لبنانية الأصل ونيجيرية التولُّد.

عاش كارلوس في البرازيل حتَّى عمر السادسة، ثم انتقل إلى لبنان للعيش مع والدته وأخته وجدته في بيروت، ودرسَ المرحلة الإعدادية في مدرسة “سيدة الجمهور” في بيروت، ثمَّ أكمل دراسته التحضيرية في باريس في كلية “ستانيسلاس” وثانوية “سانت لويس”، وحصل على درجة البكالوريوس في الهندسة من المدرسة الوطنية العليا للمناجم، وذلك عام 1978 ميلادية.

الحياة العملية لكارلوس غصن:

بدأت مسيرته المهنية بعد تخرجه عام 1978 ميلادية مع شركة ميشلان الفرنسية لصناعة إطارات السيارات، وترقَّى فيها من منصبٍ إلى آخر، وفي عام 1981 ميلادية تولَّى منصب مدير مصنع الشركة في مدينة “لو بوي أون فيليه” الفرنسية، وفي عام 1984 ميلادية عُيِّن مديراً لقسم الأبحاث والتطوير في الشركة، واستمرَّ في ذلك المنصب حتَّى عام 1985 ميلادية، حيث أصبح في هذا العام الرئيس التنفيذي لعمليات الشركة في أمريكا الجنوبية.

ظهرت براعته عندما تمكَّن من تحويل القطاع الخاسر إلى قطاعٍ رابحٍ بعد سنتين فقط من توليه المنصب، حيث أنَّه شكَّل فريق إدارةٍ مُتعدد الوظائف يضمُّ أفضل الموظفين من الجنسيات المُختلفة، ومنها: البرازيلية، والفرنسية، وغيرها؛ إذ كان يعتقد أنَّ التنوع بإمكانه أن يُحقِّق النجاحات، حيثُ صرَّح في مُقابلةٍ له قائلاً: “إنَّك تتعلَّم من التنوع، ولكنَّك تشعر بالارتياح عند التعامل مع ما هو معروف”.

في عام 1989، انتقل إلى أمريكا الشمالية، حيثُ عُيِّن رئيسَ ومديرَ العمليات لفرع ميشلان في ولاية كارولينا، وبعد عامٍ واحدٍ فقط -أي في عام 1990 ميلادية- أصبح الرئيس التنفيذي لشركة ميشلان في أمريكا الشمالية كلِّها.

وفي عام 1996 ميلادية، أصبح نائب الرئيس التنفيذي في شركة رينو الفرنسية للسيارات، والمسؤول عن تطوير الأبحاث والمُشتريات والتصنيع والهندسة، ومديراً لقسم الشركة في أمريكا الجنوبية؛ وخلال عامٍ واحدٍ فقط تمكَّن من إعادة هيكلةٍ شاملةٍ لعملياتها وتحقيق أرباحٍ كُبرى، فهو يتبع نهجاً إدارياً يُركِّز على تخفيض النفقات وزيادة المبيعات في آنٍ معاً؛ وعندها انتشر اسم كارلوس غصن وذاع صيته، وبدأ رحلة الصُعود الكُبرى، وأصبح المُنقذ العربي الذي أدهش العالم.

في عام 1999 ميلادية، كانت شركة نيسان اليابانية للسيارات تلفظ أنفاسها الأخيرة، فقد ترتَّبت عليها ديونٌ هائلةٌ تُقدَّر بـ 20 مليار دولار، والكثير من السيارات التي تُصنَّع لا تُباع؛ وكانت كلُّ التحليلات الاقتصادية تؤكِّد أنَّ الشركة ستغرق لا محالة، باستثناء تحليلات كارلوس؛ وباعتباره نائب رئيس شركة رينو للسيارات، وافق على إنفاق 5.4 مليار دولارٍ لشراء 36.8% من أسهم الشركة، فنشأ بذلك تحالف السيارات الفرنسي الياباني “رينو – نيسان”. وفي شهر أكتوبر من العام نفسه، أطلق كارلوس خطة الإنقاذ، وهي “خطة إنعاش نيسان”، وتعهَّد بتحقيق الأرباح في العام المالي التالي مُباشرةً؛ فخفَّض الديون والخسائر بنسبة 50%، وزاد أرباح المبيعات بنسبة 4.5% خلال ثلاث سنوات، أي في نهاية السنة المالية 2002 ميلادية، وقد وعد كارلوس غصن بأن يُقدِّم استقالته إذا باءت خُطته بالفشل ولم يستطع تحقيق الأرباح المُتوقعة، وبدأت خُطته عندما قرَّر تغيير التفكير الياباني التقليدي، مع حرصه الشديد على عدم الصدام مع الثقافة اليابانية المُنغلقة إلى حدٍّ كبير، وكانت خطته تعتمد على تخفيض الإنفاق إلى حدِّه الأدنى، فأغلق 5 مصانع، وألغى حوالي 21 ألف وظيفة؛ كما قلَّل عدد المورِّدين وحاملي الأسهم، واستبدل نظام الترقية الياباني القائم على سنوات الخبرة والأقدمية الوظيفية بنظام الترقية المُعتمد على مؤشرات الأداء؛ كما حوَّل نظام الشركة من اليابانية الخالصة إلى الإنكليزية، بغيةَ الانتشار عالمياً بواجهةٍ جديدة. وكان له ذلك، فقد حقَّق خلال السنة الأولى أرباحاً بقيمة 2.7 مليار دولار، وذلك بعد أن كانت خسارة شركة نيسان تقدَّر بـ 6.1 مليار دولار سنوياً. وقبل 31 مارس من العام 2002 ميلادية، عادت نيسان واحدةً من أكثر شركات السيارات ربحية، وفي ربيع السنة التالية -أي في عام 2003 ميلادية- أعلنت شركة نيسان أنَّها تخلَّصت من جميع ديونها المُتبقية، وفي عام 2005 ميلادية أصبحت شركة نيسان ثاني أكبر شركةٍ للسيارات في اليابان، وتضاعف رأس مالها خمسَ مرات.

جعل هذا الإنجاز العظيم الذي حقَّقه كارلوس غصن اليابانيين يطلقون عليه لقب “المُنقذ الأجنبي”، وأصبح كارلوس الرئيس التنفيذي لشركة رينو، والرئيس التنفيذي لشركة نيسان في مايو من عام 2005 ميلادية، وأصبح بذلك أول شخصٍ في العالم كلِّه يترأس إدارة شركتين في قائمة فورتشن جلوبال 500، والتي تضُمُّ أقوى 500 شركةٍ في العالم في وقتٍ واحد.

وفي يونيو من العام 2012 ميلادية، عُيِّن كارلوس غصن نائباً لرئيس مجلس إدارة مصنع السيارات الروسي أوتوفاز؛ وفي الفترة من يونيو 2013 إلى يونيو 2016، استطاع كارلوس أن يتبوّأ منصب رئيس مجلس إدارة الشركة؛ وفي العام 2014، تمكّن تحالف رينو-نيسان من السيطرة على صناعة السيارات الروسية، وذلك عندما اشترت رينو 25% من سندات الشركة الروسية أوتوفاز، وتمكَّنت بذلك من تحقيق شراكةٍ استراتيجية، وقد أدَّى ذلك إلى نشوء علاقاتٍ وطيدةٍ بين رينو ونيسان وأتوفاز.

في أكتوبر من عام 2016 ميلادية، استحوذت شركة نيسان على 34% من شركة ميتسوبيشي اليابانية، وتحوَّل التحالف الثنائي “رينو-نيسان” إلى تحالفٍ ثلاثيِّ يشمل “رينو- نيسان – ميتسوبيشي”، ليُصبح رابع أكبر تحالفٍ لشركات السيارات في العالم.

الجوائز والامتيازات التي حصل عليها كارلوس غصن:

استطاع كارلوس بعبقريته وذكائه الحاد وخبرته المُتميزة في المجال الإداري أن يحصل على الكثير من الجوائز، ونذكر منها بالترتيب حسب الأعوام:

  1. في عام 2002 ميلادية، منحته مجلة فورتشن لقب رجل أعمال آسيا للعام.
  2. في العام 2003 ميلادية، انتُخِبَ من قبل مجلة فورتشن الطبعة الآسيوية كَرَجُل العام. وفي نفس العام أيضاً أُدرِج اسمه كواحدٍ ضمن أقوى 10 رجال أعمالٍ خارج الولايات المُتحدة الأمريكية، وذلك من قبل مجلة فورتشن.
  3. في العام 2004 ميلادية، أُضيف إلى قائمة “The Automotive Hall of Fame”، وأُضيف أيضاً إلى “The Japan Automotive Hall of Fame”؛ كما قلَّده إمبراطور اليابان السابق أكيهيتو ميدالية الشريط الأزرق، تكريماً له على إنجازاته الاستثنائية في خدمة اليابان، ليكون أول مدير أعمالٍ أجنبيٍّ يحصل على هذه الميدالية على الإطلاق.
  4. في العام 2006 ميلادية، سُمِّيَّ فارساً فخريَّاً في الإمبراطورية البريطانية.
  5. في العام 2010 ميلادية، أُدرِج اسمه من قبل “CEO Quarterly” كواحدٍ من أكثر المُدراء التنفيذيين احتراماً.
  6. في نوفمبر من العام 2011 ميلادية، أُدرِج اسمه كقائد أعمال آسيا للعام، وذلك من قبل “CNBC”. وفي يونيو من نفس العام، وفي استطلاعٍ للرأي من قبل شركة أكسا للتأمين على الحياة، سُئِل الشعب الياباني: “أيٌّ من المشاهير تختار لإدارة اليابان؟”، فاحتل كارلوس غصن المرتبة السابعة، بينما جاء اسم باراك أوباما في المرتبة التاسعة، وكان رئيس الوزراء الياباني ناوتو في المرتبة التاسعة عشر.
  7. في يونيو عام 2012 ميلادية، حصل على جائزة الجمعية اليابانية. وفي أكتوبر من نفس العام، استطاع كارلوس أن يكون أول شخصٍ في صناعة السيارات، ورابع شخصٍ في العالم يفوز بجائزة إنجاز العمر من قبل جمعية الإدارة الاستراتيجية، وهي جمعيةٌ غير ربحيةٍ تعمل على تعزيز أخلاق إدارة الأعمال.
  8. وفي إسبانيا، نال وسام إيزابيلا الكاثوليكية (الصليب الكبير)، وهو وسام شرفٍ للمدنيين كعرفانٍ لما يقدِّمونه من خدماتٍ لإسبانيا.
  9. حصل على درجة الزمالة الدولية للأكاديمية الملكية للهندسة.

حياة كارلوس غصن الشخصية:

في العام 1984 ميلادية، تزوج كارلوس غصن من ريتا، وأنجب منها كارولين ونادين ومايا وأنطوني، واستمرَّ زواجهما حتَّى عام 2010 ميلادية؛ وفي عام 2016 ميلادية، تزوج كارلوس من كارول نحاس.

كان كارلوس يعيش حياة رفاهيةٍ بالغةٍ بشكلٍ لا يتناسب مع طبيعة المُجتمع الياباني، وفي عام 2004 شُوهِد وهو يركب سيارةً من نوع “بورش” الفارهة بما يُخالف العُرف الياباني، وانتقده الإعلام المحلي الياباني لعدم ركوبه سيارةً من نوع “نيسان” عائدةً للشركة التي يُديرها.

يملك كارلوس يختاً فارهاً تبلغ قيمته 10 ملايين دولار، كما يصل راتبه إلى 17 مليون دولارٍ سنوياً -8.5 مليون دولارٍ من شركة رينو، و6.5 مليون دولارٍ من شركة نيسان، ومليونا دولارٍ من شركة ميتسوبيشي- ما يُعادِل 11 ضعفاً من راتب رئيس مجلس إدارة شركة تويوتا اليابانية، والتي تعدُّ أكبر مُصنِّعٍ للسيارات في العالم؛ وقد تعرَّض راتب كارلوس الكبير إلى انتقاداتٍ كثيرة، أبرزها من الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” الذي وصفه بالمُفرط.

كما وتؤمِّن له شركاته التي كان يُديرها العديد من المنشآت التي كان يَشغلها، مثل طائرةٍ خاصةٍ تصل قيمتها حوالي 70 مليون دولار.

كانت هذه قصة نجاح كارلوس غصن صاحب المقولة الشهيرة: “لا تصدِّقوا ما أقول، صدِّقوا ما أفعل”، وأفعاله ونجاحاته التي كانت محط أنظار الجميع، والذي جعلته كتب المانغا اليابانية -كتب مصورة ترسم في اليابان- البطل الخارق الغامض الذي يأتي من بلادٍ بعيدةٍ في كتابها بعنوان “القصة الحقيقية لكارلوس غصن”.

 

المصادر: 1، 2

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!