عندما يشعر الإنسان بالحزن أو الضيق فإنه يذهب إلى الأماكن الطبيعية الخضراء ففيها راحة للنفس، ليس ذلك فحسب بل هي سعادة وسرور وزوال الهموم، فالطبيعة الخضراء ما هي إلا بديع خلق الله  – جلّ في علاه – وعظيم صنعه .

الريف هو المكان الذي تكسوه الأعشاب والأشجار الخضراء والنباتات بمختلف أنواعها، ويمتلأ هذا المكان بالفلاحين والمزارعين الذين يعملون على حراثة الأرض وزراعتها والاهتمام بها، كما يقومون بتربية المواشي من أغنام وأبقار وخراف وبعض الطيور للاستفادة من لحومها وألبانها وبيضها كمصدر غذائي .

يقطن أهل الريف في بيوت تتميز بالبساطة في بناءها، فهي غالباً ما تكون مبنية من الطوب اللبن، وتكون هذه البيوت بالقرب من الأراضي الزراعية للعناية بها بشكل مستمر، كما يحيط البيت مجموعة من أشجار الفاكهة كأشجار التوت مثلاً، وفي مكان قريب من البيت توجد ترعة تستخدم في ري الأراضي الزراعية .

تتميز الحياة في الريف بالهدوء والاستقرار والطبيعة الخلابة التي تريح النفس وتُسر القلب، كما أن الهواء في الريف يكون نقياً خالياً من الملوثات البيئية مقارنة بالهواء في المدن، وكذلك يتوافر الماء النقي في الريف، وعدا عن ذلك فإن عدد السكان في الريف يبقى محدود وقليل بالنسبة لعدد السكان في المدن وذلك لعدة أسباب منها : اقتصار الحياة في الريف على الزراعة وتربية الحيوانات وبعض المهن البسيطة أما في المدينة فهناك الوظائف في الوزارات والمؤسسات الحكومية والعديد من المهن الغير متوافرة في الريف، وكذلك توفر التعليم والعمل في المدن بشكل أفضل في المدن، كما أن المدن تتوفر فيها خدمات الرعاية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم حيث توجد المستشفيات والعيادات الصحية والمدارس والجامعات والكليات والمعاهد والأسواق الكبيرة وغيرها من المباني الخدماتية التي لا تتوافر في الريف وإن توافرت تبقى بشكل محدود .

جميع سكان الريف يعرفون بعضهم البعض بشكل جيد ويعرفون أصل كل عائلة في الريف باعتبار عدد السكان قليل، يكسو الريف ثوباً أخضراً آية في الجمال، وقد تغنى الشعراء بجمال الريف وروعته فهذا الشاعر يصف الريف قائلاً :

يا عاذلا لمرء قد هام في الحضر *** وعاذلا لمحب البدو والفقر

لا تمدحن بيوتا خف محملهــــــا *** وتمدحن بيوت الطين والحجر .

يعتبر الريف بمثابة بيئة صحية سلمية ونقية خالية من الأمراض وذلك بسبب هواءها النقي ولذلك نجد أن سكان الريف يعيشون عمراً أطول من سكان المدن، كما يشتهر سكان الريف بالطيبة والمحبة والكرم وإكرام الضيف، وكذلك يقفون بجانب بعضهم البعض في المناسبات ويشاركون بعضهم في الأفراح والأحزان .

ولا نبالغ إذ قلنا أن الطبيعة في الريف تضفي الذكاء وصفاء الزهن للأطفال الصغار، وكذلك ملهمة للشعراء والأدباء والكُتّاب فقد نسجوا أروع القصائد وأجمل الأشعار و أحلى النصوص الأدبية في وصف جمال الريف، وإليكم هذا الشعر الجميل :

عشقوا الجمال الزائد المجلوب

وعشقت فيك جمالك الموهوب

كنت الطبيعة وجه أرضك

سندساً وحسبت نسيمك

اٍذ تضوع طيبه مالت على الماء الغصون

كما انحنت اُم تُقبل طفلها المحبوب.