‘);
}

بلادي يا وطناً آواني، وهويّةً سكنت وجداني قبل أن تسكن أوراقي، أنت في القلب باقٍ، وإليك سُكني، وأنت أماني، آتيك كلّما سكن القلب همّاً وشُغِل العقل بهموم الدّنيا ومتاعبها، فأتأمّل حقولك وتلاعك وسماءك الزرقاء، وأتلمّس منك الهدوء وراحة البال، ولكنّ الهمّ يزيد والقلب يلتوى كلّما شممت روائح السّموم العابقة في هوائك الزّكيّ، واستشعرت التّلوّث الحاصل له عن طريق ضعيفي الأنفس الّذين لا يحترمون قدرك ولا يحبّونك كما ينبغي.

رجعتُ بعد غربةٍ إلى بلدي الحبيب وأنا كلّي شوقٌ لأستنشق روائح الزّيتون، والزّعتر، وعبق قهوة الحارة، لأتفاجأ بروائح عوادم السّيّارات والدّخان، والمصانع المحتلّةِ لصفاء بلادي، فحلّ ألمٌ بصدري كألم طعن سكّينٍ ماضٍ، وأضاءت في عقلي صورٌ لزمانٍ جميلٍ، وبلدٍ نظيفٍ يبعث السّرور إلى القلب، وليس بلداً يسبّب الأمراض لصدري، ويسبّب لي السّعال كلّما هممت باستنشاقٍ الهواء لردّ الرّوح إلى نفسي.

ألا يُدرك أصحاب المصانع والشّركات المسبّبة للتّلوّث الكيميائي والبيولوجي في الهواء حجم الضّرر الّذي يُسبّبونه لأهلهم وجيرانهم وأبناء بلدهم؟ ألا يدرك مُدمن الدّخان الأمراض والآثار السّلبيّة الّتي يسبّبها لكلّ من مرّ بجانبه جرّاء السّمّ الّذي يستنشقه؟ ألا يدرك صاحب السّيّارة أنّه يسمّم من يحبّ نتيجةً لعدم إصلاح سيارته لتقليل العوادم الخارجة منها، واختياره لسيّارةٍ محبّةٍ للبيئة على الأقل؟