نتناول في مقال اليوم موضوع عن الربا ، فالربا من الأشياء التي حرمها الله، وأقر بذلك في القرآن الكريم حيث قال في سورة آل عمران : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)” فهذا أكبر دليل على حرمانية الربا، وضرورة البعد عنه ، ومن خلال مقال اليوم على موسوعة سنتحدث عن الربا بالدلائل من الكتاب، والسنة.
موضوع عن الربا
يشتق الربا من الفعل يربو أي يزيد فالربا هو الزيادة، والنماء فعندما قال الله عز وجل : ” وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيج (5) ” سورة الحـج، وربت الأرض أي ارتفعت وزادت.
فالربا محرم في كل الأديان السماوية، واعتبر الله من يتعامل به كأنه أعلن الحرب على نفسه من الله فيغضب الله عليه، ويجعل عيشته ضنكًا، ويعم الفقر عليه حيث قال الله في كتابه العزيز في سورة البقرة : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ”
وقول من يتبع الربا في معاملاته أنه يشبه البيع، والشراء أي محلل ليوهم نفسه أنه على الطريق الصحيح، ولكن كان الرد عليه قاطعًا بدليل من كتاب الله الكريم حيث قال : ” الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)”
أنواع الربا
للربا أنواع متعددة فمنها :
- ربا الفضل : يتم من خلال البيع، أو التبادل مع الزيادة في شيء دون الآخر، كتبادل قميص جديد بقميصين متوسطين الحداثة.
- ربا اليد : وذلك يعني البيع دون القبض ماديًا أي يبيع الرجل لصديقه مئة جرام من الذهب مقابل مئتين جرام من الفضة دون أن يقبض كل منهما ثمن بضاعته.
- ربا النسيئة : وهذا النوع من الربا الأكثر انتشارًا بين الناس، وهو بأن يقترض رجل من أخيه ألف ريال مثلًا، ويتواعد معه أخاه أن يرد هذا المبلغ له ألفين بعد مدة زمنية معينة متفق عليها فيما بينهم.
عواقب وأضرار الربا
يعد الربا من الأمور التي تلحق الأذى بصاحبها، وتعرضه للهلاك، ومن أضرار الربا :
- انتزاع البركة من العمر والرزق : حيث يُعرض الله المرابي إلى الهلاك في الدنيا، والأخرة، ويرزقه بمن يغشه، ويخدعه كما فعل مع الناس.
- البعد عن طريق الخير : فالله يسد أمام هذا الشخص العاصي كل طرق الخير، ويجعله ينغمس في المعاصي، كما يجعل حياته غير مستقرة، وبائسة.
- الحرمان من النعم : حيث يُحرم الله سبحانه، وتعالى نعمه، وخيراته على المرابي، ويملأ حياته بالحزن، والهموم، والمتاعب، ويبعد عنه راحة البال فلا يشعر بلذة الحياة من كثرة غضب الله عليه، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة النساء : ” فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160)وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)” .
- عدم قبول طاعاته وعدم استجابة دعاؤه : فالأكل الحرام يحجب الاستجابة عن صاحبه، والربا محرم، ومن شروط قبول الدعاء الأكل الحلال، وهذا الشرط غير متوافر لدى المرابي حيث : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!” (رواه مسلم).
فالربا حرام شرعًا بالإثبات، والدليل، وعلى كل فرد يريد رضا الله، وطاعته أن يبتعد عن هذا المسلك لأن فيه هلاك عظيم في الدنيا، وعذاب أليم في الأخرة.



