ميركل وإدارة أزمة كورونا… نجاح جديد قبل المغادرة

أتت أزمة وباء كورونا لتثبت مرة جديدة قدرة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بخبرتها وحنكتها السياسية، على التعامل مع الأزمات، رغم تعرضها الدائم لانتقادات متكررة من قبل معارضيها، واتهامها بأنها لا تملك رؤية واضحة.

Share your love

ميركل تبوأت منصب المستشار لأربع ولايات متتالية (كريستيان ماركارث/Getty)ميركل وإدارة أزمة كورونا... نجاح جديد قبل المغادرة
أتت أزمة وباء كورونا لتثبت مرة جديدة قدرة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بخبرتها وحنكتها السياسية، على التعامل مع الأزمات، رغم تعرضها الدائم لانتقادات متكررة من قبل معارضيها، واتهامها بأنها لا تملك رؤية واضحة.

وبعد قرابة شهر من الإجراءات الصارمة، يبدو أن ميركل وحكومتها نجحت في الحد من تفشي كورونا، على مساحة البلاد، عبر تدابير صحية في المستشفيات، قللت من نسبة الوفيات، حيث لم يتخطّ عددهم 4 آلاف حالة، وهذا جيد مقارنة بعدد المصابين بالفيروس الذين تجاوزوا 130 ألف شخص، إلى اعتماد حزمة دعم مالي بأكثر من 750 مليار يورو لجميع القطاعات التي اضطرت إلى الإغلاق، هذا عدا عن السياسة الاجتماعية التي ساهمت في التخفيف عن المواطنين، من خلال اعتماد إجراءات تتناسب مع أوضاعهم ومصالحهم، بينهم أصحاب المهن الحرة.

وتسعى ميركل للعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية بعد رسمها الخطوات العملية لمجابهة الوباء، بينها إعادة حركة الأسواق والدورة الاقتصادية للدولة صاحبة أقوى اقتصاد في أوروبا، ما يدل على الكفاءة السياسية في إدارة الأزمات الاقتصادية. علما أن حكومات ميركل، وبخبرة وزير المالية السابق فولفغانغ شويبله، تمكنت، وعلى مدى السنوات السابقة، من تحقيق صفر عجز في الموازنة، وحيث ساهم هذا الفائض في مواجهة عواقب كورونا، ومن بينها المساندة المالية للقطاعات كافة.

ومنذ بدء انتشار الوباء، تلقت المستشارة الكثير من الثناء حيال أسلوبها الهادئ في مقاربة الأحداث. يوم الأربعاء، تحدثت في المؤتمر الصحافي، بعد اجتماع عبر الفيديو مع رؤساء حكومات الولايات، عن تطورات وضع كورونا في البلاد والآلية التي خلص إليها المسؤولون للتخفيف من قيود الحركة على المواطنين اعتبارا من 4 مايو/ أيار، كما وإعادة فتح المتاجر التي لا تتجاوز مساحتها 800 متر مربع، بدءا من يوم الاثنين المقبل، ضمن تدابير وقائية معينة، وذلك بعد أخذ مشورة ورأي مراكز أبحاث طبية وخبراء في الأمراض الجرثومية المعدية.

ومع ذلك، تحدثت ميركل عن “نجاح موقت هش”، لتبرهن مرة أخرى على إتقانها فن انتقاء عباراتها في كل المناسبات والظروف، من دون أن تنسب لنفسها المبادرات أو النجاح. وهذا ما دفع برئيس قسم علم الفيروسات في مستشفى هايدلبرغ الجامعي للقول في حديث صحافي: “ربما كانت أعظم نقاط قوتنا في ألمانيا هي اتخاذ القرار العقلاني على أعلى مستوى وزاري، مقترنا بثقة الشعب بالحكومة”.

كذلك، وفي رد منه على سؤال، توجه نائب ميركل الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولز بثقة، قائلا: “ننتقل إلى وضع طبيعي جديد”، في إشارة إلى الإحساس الجديد بالانتماء إلى التحالف الكبير، بعد الكثير من التباينات والخلافات على مر السنوات الأخيرة الماضية، بحيث بدأت تبدو علاقة “غروكو” الآن مثالية.

والتدابير الجديدة التي أعلن عنها أول أمس تبدو بسيطة وكبيرة في آن، ويبدو أيضا أن المستشارة ميركل أرادت أن تبرهن للجميع أن ألمانيا تحسن مقاربة الأمور على وقع التطورات، والبلاد ستتحرر من القيود على مراحل تفاديا للأسوأ، كل ذلك بأسلوب ميركل المرن المستند إلى تقدير الإجراءات الفردية بعناية قبل فرضها، ومترافقا مع ضبطها حدة المنافسة والظهور بين رؤساء حكومات الولايات على حساب الصالح العام، والسبب سعيها إلى خلق أكبر إجماع سياسي على طروحاتها المرتكزة أساسا على التنسيق والمتابعة المستمرة خطوة بخطوة للحد من المخاطر.

وتدرك المستشارة أن الاتحاد المسيحي، والذي يضم حزبها المسيحي الديمقراطي والشقيق الأصغر الاجتماعي المسيحي في بافاريا، راكم مع أزمة كورونا عددا من النقاط في استطلاعات الرأي لم يشهده الاتحاد خلال السنوات الأخيرة.

ويبدو أن حالة التعبئة ستأتي، وما جرى إنجازه سيولد قناعة لدى المواطن الألماني بأن القديم والخبير في السياسة يمكن أن يدير البلاد في الأوقات الصعبة والحرجة وفق رؤية واضحة، وهنا تبرز أسماء داخل الاتحاد المسيحي قد تكون فرضت نفسها جراء الأزمة، بينهم وزير الصحة الاتحادي ينس شبان، ورئيس الحزب الشقيق لحزب ميركل ماركوس سودر، الذي على يبدو، يتطلع لدور سياسي مستقبلي أبعد من رئاسة وزارة ولاية بافاريا.

في المقابل، ظهر تراجع حضور الأحزاب المنافسة، بينها الخضر، فضلا عن الحزب اليميني الشعبوي، الذي يراكم الخسائر في النقاط بعد أن أصبحت الأولويات لدى الناس في مكان آخر بعيد عن خياراته، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى تغيير كبير لصالح حزبها في الانتخابات البرلمانية العامة المقررة عام 2021، الذي تراجع حضوره عام 2017 بفعل أزمة اللاجئين، وبالطبع هذا ما يثلج قلب ميركل التي ستغادرالحياة السياسية بعد انتخابات العام المقبل، ولتنهي بذلك حقبة ستطبع في ذاكرة الألمان لأمرأة حديدة تبوأت منصب المستشار لأربع ولايات متتالية.

وتبرز “دي فيلت” أن عوامل النجاح التي سمحت لألمانيا بالعبور بخطى ثابتة في الأزمة الحالية هي القيادة الحازمة والحكمة في التعاطي، والهدوء والروية بين مسؤوليها، الذين أظهروا خبرة وكفاءة عالية، عدا عن سلطة القانون، والمقدرات الاقتصادية والبنية التحتية والتطوير والابتكار.

Source: alaraby.co.uk
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!