مُحمد الغربي عمران: بات اليمن مستوطنة روائية بعدما كان مستعمرة شعرية

صنعاء ـ «القدس العربي»: فاز الروائي اليمني مُحمد الغربي عمران (1958) مؤخراً بالمركز الثاني لجائزة حميد بن راشد للإبداع في إمارة عجمان، عن روايته «حصن الزيدي»؛ ليشكل فوزه إضافة لتجربة الرواية في بلاده، التي تشهد طفرة لم تحد الحرب من نوعيتها. في هذا الحوار ناقشنا معه بعض ملامح تجربته، متوقفين عند روايته الفائزة، بالإضافة لآرائه […]

Share your love

مُحمد الغربي عمران: بات اليمن مستوطنة روائية بعدما كان مستعمرة شعرية

[wpcc-script type=”7d6bb8c03b984979d00a4ee1-text/javascript”]

صنعاء ـ «القدس العربي»: فاز الروائي اليمني مُحمد الغربي عمران (1958) مؤخراً بالمركز الثاني لجائزة حميد بن راشد للإبداع في إمارة عجمان، عن روايته «حصن الزيدي»؛ ليشكل فوزه إضافة لتجربة الرواية في بلاده، التي تشهد طفرة لم تحد الحرب من نوعيتها. في هذا الحوار ناقشنا معه بعض ملامح تجربته، متوقفين عند روايته الفائزة، بالإضافة لآرائه في تجربة الرواية هناك، صدر للغربي خمس مجاميع قصصية وأربع روايات منها روايته «ظلمة يائيل»، الفائزة بجائزة الطيب صالح للرواية عام 2012.

الفوز

■ فوز روائي يمني بجائزة عربية في ظروف صعبة تعيشها بلاده، يمثل منجزاً تتجاوز قيمته الفنية إلى أثره النفسي شعبياً، كيف تلقيت نبأ الفوز؟
□ بسعادة، كون الأعمال المشاركة في هذه المسابقة تجاوز عددها الألف رواية من مختلف الأقطار العربية؛ بمعنى أن الفوز مقارنة بما كانت عليه المنافسة علاوة على ما تمر به بلدي كان جدير بأن نتلقاه بسعادة. كما أن الفوز يمثل نوعاً من أنواع التكريم لما نقدمه، ويلفت الانتباه إلى أن في اليمن أدبا ينافس ويستحق الفوز، وأن الرواية في تطور، وأن هناك أسماء يمنية قوية تتزايد يوماً يعد يوم على الرغم من ظروف الحرب.
■ ترشحتْ للقائمة القصيرة للجائزة مع روائي يمني آخر، أكان لهذا تأثير على حالة انتظار إعلان الفائزين؟
□ كما تعرف فقبل القائمة القصيرة كانت هناك قائمة طويلة ناتجة عن غربلة ألف عمل مشارك. ولا يعني صعود أكثر من عمل من بلد واحد، إلا تأكيداً على أن البلد يعيش كُتابه حالة من حالات المقاومة للحرب والانحياز للجمال… ولم يتأخر موعد إعلان الجائزة. كما أن أعمال الأديب سميرعبدالفتاح دوماً فارقة وتستحق الفوز.

الدين والسلطة

■ كون روايتك الفائزة بالجائزة لم تُطبع، نتمنى أن تحدثنا عنها (موضوعياً وتقيناً) وما يميزها مقارنة برواياتك السابقة؟
□ دائماً أنا في أعمالي مهموم بالمجتمع اليمني، بالمرأة، بالدين وأثره في المجتمع… ورواية «حصن الزيدي» تُعالج العلاقة الملتبسة بين رجال الدين والسلطة، وتغوص في البنية القبلية، مركزاً على موقع شيخ القبيلة، وتواطؤ الفقيه (تسميه لأحد رجال الدين التقليديين هناك) في تطويع المجتمع بالدين، حيث شكلا العمود الفقري لأحداث الرواية، كما أن النطاق الجغرافي يتركز في الريف اليمني وهيمنة القبيلة. الرواية تسرد أحداث ما قبل ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 (ثورة اندلعت ضد حكم الملكية الإمامية وقامت إثرها جمهورية في شمال البلاد)، و أثنائها وعلاقتها بطرد المستعمر البريطاني… مروراً بزمن الصراع بين الشطرين. استخدمتُ فيها تقنية المراوحة بين الحاضر والأمس.
■ هل ستنشرها بالاسم نفسه أم ستحمل اسما آخر عند النشر؟ فالقارئ مازال يتساءل عن أسباب تعدد أسماء الرواية الواحدة من رواياتك.
□ بل ستصدر بالاسم نفسه، إلا إذا أرادت دار نشر أخرى نشرها بعنوان آخر فلا مانع، كما رواياتي السابقات، وستصدر قريباً من بيروت.

المتخيل الروائي

■ انتهجت مساراً خاصاً في تمثل الروائي للتاريخي من خلال تركيزك على إشكالية ثقافية في مرحلة ما من تاريخ بلادك وقراءتها بالمتخيل الروائي، إلى أي مدى يخدم تمثل الروائي للتاريخي الكاتب والقارئ معاً؟
□ لديّ قناعة بأن تاريخنا مزور في مجمله، فما بين أيدينا لا يتجاوز أن يكون سيرًا للمتسلطين والطغاة؛ فالتاريخ يكتبه المنتصر. وعلاوة على هذا فأنا في الأساس أحاول كتابة ما لم يُكتب؛ بمعنى أن أستحضر الماضي لأكتب تاريخاً متخيلًا للمجتمع، أن أبحث عن شخصيات هامشية وأبرز أثر الصراع الديني المستعر باسم الله على المجتمع، وأن أستنتج ما بين السطور؛ فأنا لا أكتب تاريخاً وإن بدا كذلك، وما يعتمل اليوم في اليمن وسوريا وليبيا، وما سيحدث غدًا إلا لأن الدين أصبح معضلة؛ فتوظيف الدين واستغلاله في السيطرة والتسلط على حيوات الناس قد جعل منه معضلة.

تنطلق الرواية في اليمن من خصوصية تتمثل في تناول المسكوت عنه، تلامس أمل الانعتاق مما يكبل المجتمع من مفاهيم دينية غير سليمة، حولت المجتمع إلى ضحية.

التابوهات

■ استطاعت تجربتك مع تجارب كُتاب يمنيين آخرين أن تقترب من المقدس الديني والاجتماعي، إلى أي مدى استطاعت الرواية اليمنية أن تسهم في تفكيك كثير من (التابوهات) وتعزيز الحرية (كتابة وقراءة واعية)؟
□ لا توجد في الأدب مسلمات؛ فالأدب يهدم ليبني، يثير أسئلة داعياً القارئ لتفعيل فكره لينتشل العقل من ركوده، واعتماده على ما يتلقى. لا يوجد مقدس غير الإنسان، والأدب اليمني يسهم في تغيير طرائق التفكير، والرواية خاصة تثير عصفاً ذهنياً يعمل على تحرير العقل.
■ حققت الرواية اليمنية خلال الألفية الراهنة تطوراً (نوعياً) لافتاً، إلام تعزو هذه الطفرة؛ أهي عوامل داخلية أم خارجية؟
□ تنطلق الرواية في اليمن من خصوصية تتمثل في تناول المسكوت عنه، تلامس أمل الانعتاق مما يكبل المجتمع من مفاهيم دينية غير سليمة، حولت المجتمع إلى ضحية، فباسم الله تُدمر الأوطان وتُسبى النساء وتُشرد شعوب… ونجاح الرواية يعود لعوامل محلية بالدرجة الأولى، وكذلك إلى عوامل خارجية؛ فنحن جزء من انتماء كبير اسمه العروبة، كما أننا ننتمي إلى الإنسانية ولو بالاسم. وما يدور على مستوى العالم يؤثر علينا فما بالك بما يدور في محيطنا العربي.
■ هل أفهم أنه يمكن القول إن الرواية اليمنية صارت في مستوى ما وصلت إليه الرواية العربية؟ وفي حال كانت كذلك لماذا مازالت (كمياً) دون ما هي عليه في أقطار أخرى؟
– نعم؛ هي كذلك، والمؤشر هو منافسة الرواية في اليمن على مستوى الوطن العربي، وإن كان بعددٍ قليل، وما فوز أكثر من عمل إلا دليل نضج ملحوظ؛ فعلى الرغم من الحرب ستلاحظ أن الأدب اليمني يحضر هنا وهناك… هنا تباشير غد أكثر جمالاً؛ وإن كانت الحرب تحد من الزيادة الكمية.

أسماء محدودة

■ اللافت أنه على الرغم مما حققته الرواية اليمنية خلال عقد ونيف، إلا أن الشهرة العربية الروائية لليمن مازالت محصورة في عدد قليل جداً من الأسماء…هل يعود هذا لعدم وجود تجارب تتجاوز في جودتها تجارب تلك الأسماء؟ أم أن المسألة لها قراءة أخرى متعلقة بمتطلبات الشهرة من علاقات واشتغال على تقنيات التواصل المتعددة؟
□ بالطبع لها علاقة باشتغالات الكاتب ومتابعة نشر أعماله خارجياً، وأيضاً لا ننسى أن لدور النشر العربية دور مهم في إيصالها إلى أكبر نطاق، وما تلك الأسماء المعروفة، رغم قلتها إلا تأكيد على أن الروية آخذة باستيطان اليمن بعدما ظلت مستعمرة شعرية.
■ ظهرت الرواية اليمنية خلال الحرب الراهنة كأنها أبرز الأجناس الأدبية تحدياً للظروف وحرصاً على الطباعة والمنافسة، وإن كانت الأعمال تبقى قليلة كيف تنظر لهذا؟
□ لنضج تلك الأعمال القليلة أولاً… ولا ننسى أن مَن يكتبون اليوم هم أبناء الأمس، أي أنهم ينحتون أعمالهم من قبل الحرب، كما أن الحرب حفزتهم لرسم ما يمكن أن يكون نقيض قبح صنائع أمراء الحرب. وهو أن يرسم المبدع عوالم أجمل. الأمر يحتاج لمزيد من التأمل والبحث في حالة تطور اليمن وتطور الرواية اليمنية في زمن الحرب.
■ كم تحتاج اللحظة اليمنية الراهنة لتكون موضوع اشتغالات روائية؟ أقصد الحرب وما أفرزته من تداعيات كارثية؟
□ لا تحتاج إلى وقت أطول؛ فيكفي أن نكتب اليوم مبتعدين عن التقريرية، أن نسلط الضوء على أثر الحرب على المجتمع، على المرأة والأطفال، أن نركز على الهامش من الشخصيات؛ فليس من وظيفة الرواية رصد الأحداث الحقيقية، بل أن تتعمق في النفس البشرية وما تعانيه من صراع.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!