القدس المحتلة- فتحت مراكز الاقتراع، صباح الإثنين، في إسرائيل في ثالث انتخابات تشريعية تجري في أقل من عام، وستكون حاسمة لرئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو الذي يكافح من أجل البقاء في السلطة في ظل اتهامات له بالفساد.
ويأتي التصويت قبل أسبوعين من بدء محاكمة رئيس الوزراء اليميني بتهم فساد، إلا أن استطلاعات للرأي تفيد بأن شعبيته لم تتراجع، في مؤشر إلى أن السباق سيكون محموما بين حزب الليكود الذي يتزعمه وتحالف “أزرق أبيض” الوسطي بزعامة خصمه الجنرال المتقاعد بيني غانتس.
ويتوجه 6,4 مليون إسرائيلي إلى أكثر من عشرة آلاف مركز اقتراع لاختيار مرشحهم لرئاسة الحكومة قبل أن تغلق المراكز أبوابها الساعة 22,00 (20,00 ت غ).
وتفيد استطلاعات الرأي بأن أيا من الحزبين لن يتمّكن من الفوز بغالبية في الانتخابات التي تجرى على أساس النظام النسبي، وبالتالي سيسعى الفائز فيها إلى تشكيل ائتلاف مع أحزاب أقل تمثيلا.
ولم يتمكّن أي من الحزبين في الانتخابات التي جرت في نيسان/أبريل وفي أيلول/سبتمبر العام الماضي من تشكيل ائتلاف، ومن المحتمل أن تفضي الانتخابات الثالثة إلى مأزق مشابه. وفي ظل الانقسام السياسي الحاد، تكتسب نسبة المشاركة في الاقتراع أهمية كبرى.
في أحد مراكز الاقتراع في القدس، قالت الطالبة عنبال (27 عاما) لوكالة فرانس برس إنها صوتت لتحالف أزرق أبيض للمرة الثالثة، مضيفة “لا أحب بيبي (نتانياهو) (…)، وغانتس لا يعجبني وأعتقد أنه سيخسر لكن لا يوجد خيار آخر”.
أما إيلا ليفي (63 عاما) فأعطت صوتها لنتنياهو. وقالت “أعتقد أن بيبي أوصلنا إلى مكان رائع حيث نحن الآن، سواء على الصعيد السياسي أو الدولي أو الاقتصادي، أريد لذلك أن يستمر”.
وعن تهم الفساد التي يواجهها رئيس الوزراء، قالت “هو ليس مدان، لذلك بالنسبة لي هو بريء ما لم يثبت عكس ذلك”.
وأعلن نتنياهو الذي يتولى السلطة منذ العام 2009، أن استطلاعات الليكود تفيد بأن الحزب قريب من الفوز وإيجاد حل للأزمة السياسية.
وقال رئيس الوزراء الأطول عهدا في تاريخ إسرائيل الأحد “نحن قريبون جدا من تحقيق الفوز”، مضيفا “اخرجوا من منازلكم وصوتوا لليكود”.
في المقابل، دعا رئيس هيئة الأركان السابق بيني غانتس مناصريه إلى التصويت ووضع حد لحكم نتانياهو الذي أوجد انقساما في البلاد.
وفي تصريح الأحد للإذاعة الرسمية، قال غانتس “لا يمكنكم البقاء في منازلكم والتذمّر مما يجري”، مضيفا “اخرجوا واقترعوا”.
وفاز كل من الحزبين في نيسان/أبريل بـ35 مقعدا في الكنيست. في أيلول/سبتمبر، فاز أزرق أبيض بـ33 مقعدا مقابل 32 لليكود.
وتعهّد حزبان يهوديان متشددان فازا في الانتخابات الأخيرة بما مجموعه 17 مقعدا بدعم نتانياهو الذي يحظى كذلك بتأييد عدد من الأحزاب اليمينية.
أما القائمة المشتركة، التحالف الذي يمثّل عرب إسرائيل والذي فاز بـ13 مقعدا في أيلول/سبتمبر، فأعلن تأييد غانتس على غرار عدد من الأحزاب اليسارية.
ووجّهت النيابة العامة الاسرائيلية في كانون الثاني/يناير إلى نتانياهو (70 عاما) تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الثقة، ليصبح بذلك أول رئيس حكومة في إسرائيل يوجّه إليه الاتهام خلال ولايته.
وتبدأ محاكمته في 17 آذار/مارس.
وينفي نتانياهو التهم الموجّهة إليه، ويتّهم في المقابل النيابة العامة والإعلام وجهات أخرى بحملة تجنٍّ عليه.
ويخوض نتانياهو الانتخابات مستقويا بدعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن في كانون الثاني/يناير خطّة سلام مثيرة للجدل تمنح إٍسرائيل ضوءا أخضر لضم مستوطنات ومساحات من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، ما أثار غضبا فلسطينيا عارما.
وتعهد نتانياهو خلال حملته الانتخابية ببناء آلاف المنازل الجديدة في المستوطنات.
ورحّب غانتس بالخطة الأميركية، لكن القائمة العربية التي أعلنت دعمها له لتشكيل ائتلاف حكومي، شدّدت في حملتها الانتخابية على رفض الخطة الأميركية المرفوضة أيضا من القيادة الفلسطينية.
وتعهّد غانتس في حملته بتطهير السياسة من الممارسات الملتوية وركّز على اتّهامات الفساد الموجّهة لخصمه.
لكن الحملة أصبحت في الأيام الأخيرة أكثر حدة، لا سيما بعد نشر عدد من التسجيلات المسرّبة وتقاذف الاتهامات.
وتجرى الانتخابات على الرغم من المخاوف بتفشي فيروس كورونا المستجد، الذي ارتفع عدد المصابين به في إسرائيل إلى عشرة.
وأقيمت مراكز انتخابية خاصة للإسرائيليين الموضوعين في حجر صحي في منازلهم والبالغ عددهم 5600 شخص، وبينهم كثر ممن زاروا دولا تفشى فيها الفيروس. ولن يُسمح لهم بأن يستخدموا مراكز الاقتراع العامة وسيضعون كمامات لدى الإدلاء بأصواتهم.
وتبدأ نتائج الانتخابات بالخروج عبر استطلاعات من مراكز الاقتراع بعيد إغلاق الصناديق. أما النتائج النهائية فيتوقع أن تصدر صباح الثلاثاء.
ويقول المحلل الإسرائيلي في مجموعة الأزمات الدولية عوفر سالسبرغ “من الصعب أن تجد ما يمكن أن يقنع أحدا صوّت مرّتين للحزب نفسه بأن يغيّر هذه المرة قراره”.
ويضيف سالسبرغ “النتيجة الأكثر ترجيحا ستكون أن نستفيق صباح الثلاثاء على عدم وجود فائز واضح في الانتخابات”.(ا ف ب)