
فيما يحاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الاستقواء بالخارج عبر الظهور بمظهر الزعيم البارز جنبا إلى جنب مع رؤساء دول كبرى، في محاولة لتعزيز فرص فوزه في الانتخابات العامة في الشهر المقبل، إلا مكالمة الرئيس الأمريكي جو بايدن معه لم تتم حتى الآن مما يثير قلقه هو وأنصاره.
ويسود القلق لدى بنيامين نتنياهو، والمحيطين به، لأنه رغم مرور ثلاثة أسابيع كاملة على تولي جو بايدن منصبه رسميا، رئيسا للولايات المتحدة، فإنه لم يجر اتصالات مع رئيس حكومة الدولة الحليفة الأولى في الشرق الأوسط على المستوى الاستراتيجي. ورغم محاولة نتنياهو ومقربيه التخفيف من أهمية الأمر، إلا أن القلق قائم وفق ما تؤكده مصادر إسرائيلية.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أمس إن الرئيس باراك أوباما أجرى اتصالات مع نتنياهو بعد أربعة أيام من دخوله البيت الأبيض رسميا. وكان اتصال دونالد ترامب بنتنياهو بعد ثلاثة أيام، وهذا ما فعله الرؤساء الأمريكيون السابقون، ولم يُسجل في تاريخ العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، مثل هذا التأخير، منوهة أن الإدارة الأمريكية تحاول هي الأخرى رسميا التخفيف من أهمية الحالة، ولكن لا ينفونها، واكتفت الناطقة بلسان البيت الأبيض ردا على سؤال صحافي قبل أيام بالقول “إن المكالمة ستتم قريبا” .
وبموجب الادعاء الأمريكي المعلن فإن اتصالات بايدن تجري وفق مناطق، وحتى الآن لم يباشر في اتصالاته مع الشرق الأوسط.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصدر في الإدارة الأمريكية قوله إن أول اتصال سيجريه البيت الأبيض، في الشرق الأوسط، سيكون مع نتنياهو. ولكن من جهة أخرى، وحسب مصادر أخرى تعتمدها “يديعوت أحرونوت” فإن هذا لا ينفي أن تأخير الاتصال فيه رسالة لشخص نتنياهو بأنه هو ليس على رأس أولويات بايدن، وان عليه استيعاب حقيقة أن ترامب لم يعد في البيت الأبيض، وأنه لن يحصل على علاقة “الابن المدلل” التي كان يحظى بها.
وحسب معلقين محليين فإن الإدارة الأمريكية لا تعاقب إسرائيل بهذا التأخير بقدر ما هي تحاول “الانتقام” من نتنياهو على انحيازه السافر لصالح الحزب الجمهوري وتدخلاته المتكررة في الانتخابات والشؤون الأمريكية الداخلية في السنوات الأخيرة، ومنها زيارة الكونغرس والتحريض على الاتفاق النووي مع إيران من خلف ظهر الرئيس أوباما. كما أنه اهتم بإحراج جو بايدن حينما كان نائبا للرئيس بالإعلان عن مخططات استيطانية جديدة خلال زياراته لإسرائيل، كما فعل عندما أعلن عن بناء مستوطنة رمات شلومو على حساب أراضي شعفاط وبيت حنينا شمال القدس المحتلة.
وقام السفير الاسرائيلي السابق في الامم المتحدة داني دانون بنشر تغريدة عبر حسابه في تويتر، تساءل خلالها عن سبب عدم قيام رئيس الولايات المتحدة جو بايدن بالاتصال مع نتنياهو وذلك بعد إجرائه مكالمة مع سلسلة من زعماء العالم، حتى انه وضع رقم هاتف ديوان رئاسة الحكومة الاسرائيلية في القدس المحتلة في التغريدة.
وقال في التغريدة التي أرفقها بصورة لنتنياهو وبايدن: “الرئيس بايدن، اتصلت مع زعماء من كندا، المكسيك، بريطانيا، الهند، فرنسا، المانيا، اليابان، استراليا، كوريا الجنوبية وروسيا، ألم يحن الوقت للاتصال مع قائد اسرائيل – الحليف الأقرب للولايات المتحدة؟ فيما يلي رقم هاتف رئيس الحكومة” .
يشار الى أن نتنياهو حاول يوم الأحد الماضي تبرير عدم اتصال بايدن به حتى الآن بالقول: “تحدثت مع بايدن فور فوزه، وهو يقوم بالاتصال بزعماء العالم بحسب الترتيب الذي يناسبه، لم يصل حتى الآن الى الشرق الأوسط” . واضاف: “سوف يقوم بالاتصال، ما من شك بذلك، تحالفنا مع الولايات المتحدة قوي، لن نوافق على كل أمر لكن التحالف بيننا قوي” .
نتنياهو يريد زيارة مصر
وفي هذا السياق يشير السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة وواشنطن غلغاد أردان أن التصريحات المتناثرة الصادرة عن واشنطن في الأسابيع الثلاثة الأخيرة لا تقلل من العلاقة الاستراتيجية العميقة بين الجانبين. وفي حديث للإذاعة العبرية العامة قال أردان “ناقشنا سبل تحسين العلاقات واتتطلع إلى العمل معا لمواصلة بناء الروابط العميقة التي توحد مواقف بلدينا” .
وكشفت مصادر إعلامية إسرائيلية عن لقاء جرى بين اردان والسفير المصري في الولايات المتحدة معتز زهران، فيما لم يصدر تعليق عن السفير المصري أو السفارة المصرية لدى الولايات المتحدة عن هذا اللقاء.
وقال إنه ناقش سبل تحسين العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل ومصر. وأضاف “اتطلع إلى العمل معا لمواصلة بناء الروابط العميقة التي توّحد بلدينا. ونقلت الإذاعة العبرية عن جلعاد اردان قوله إن “اللقاء تناول تطوير العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل ومصر ومواصلة العمل لتعزيز العلاقات بين الدولتين”.
ونقل موقع “واللا ” العبري، عن مسؤولين اسرائيليين قولهم ان نتنياهو يريد زيارة مصر قبل الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في إسرائيل في 23 مارس/ آذار المقبل.
في سياق متصل قال رئيس حزب “تكفا خداشا” (الأمل الجديد) اليميني، جدعون ساعر إنه سيحترم “التزام بنيامين نتنياهو بتعليق خطط ضم أجزاء من الضفة”، إذا تم تعيينه رئيسا للوزراء.
ساعر الذي يحاول الظهور بصورة رئيس الحكومة القادر على اتخاذ قرارات موزونة في ظل اتهامات توجه له بأنه متطرف جدا قال انه يعد بصفته “رئيس وزراء إسرائيل، بالالتزام الذي أعطاه رئيس وزراء إسرائيلي للإدارة الأمريكية”.
وتابع خلال ندوة عبر الإنترنت استضافها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “لن أنكر دعمي لفكرة تطبيق القانون الإسرائيلي على مجتمعاتنا في الضفة الغربية هذا شيء يظل هدفا إسرائيليا”. وأوضح “لكن رئيس الوزراء تعهد في حوار مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في ذلك الوقت، بتعليق فكرة تطبيق السيادة لعدة سنوات. وكانت خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط، التي أُعلنت في يناير/ كانون الثاني من عام 2020، قد دعت إلى ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة. لكن بعد الإعلان عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية في الخليج في أغسطس/ آب الماضي، قال نتنياهو إنه “أجل” هذا المشروع دون التنازل عنه” .
القائمة السوداء
كما أشارت تقارير وصلت إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن الجلسات السنوية التي من المتوقع أن يعقدها مجلس الدفاع عن حقوق الإنسان في غضون أسبوعين، والتي ستستمر شهراً، من المنتظر أن يجري خلالها تمرير عدة قرارات إشكالية بالنسبة إلى إسرائيل، من بينها تحديث “القائمة السوداء” للشركات التي تعمل في المستوطنات، وإنشاء آلية متابعة لإدانة إسرائيل “كقوة احتلال” مسؤولة عن عدم تزويد الفلسطينيين بلقاحات ضد كورونا. وعلى جدول أعمال المجلس خمسة قرارات معادية لإسرائيل، أربعة قرارات تحت البند السابع الذي يدين عدم احترام إسرائيل لحقوق الإنسان، ويدين المستوطنات ويطالب بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، ويدين الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان. وقد أضيفَ الى هذه القرارات بند إدانة لإسرائيل لعدم قيامها بواجباتها وتأمين لقاح كورونا للفلسطينيين.
