بحكم تعرض الأطفال المستمر لنزلات البرد والتهاب الحلق يدعي بعض الآباء والأمهات بأنه باتت لديهم من الخبرة والمعرفة بأعراض هذه النزلات وعلاجها ما يغنيهم عن الذهاب إلى الطبيب، ويذهبون من تلقاء أنفسهم إلى أقرب صيدلية لشراء الأدوية وعلى رأسها المضاد الحيوى، وعلى الرغم من فاعلية المضادات فى علاج كثير من أمراضهم فإنها سلاح ذو حدين، فاستخدامها بهذه الطريقة العشوائية يمثل خطراً بالغاً على صحتهم وينعكس سلباً على المدى البعيد.

دور المضادات الحيوية في علاج العديد من الأمراض

تلعب المضادات الحيوية دوراً مهماً في علاج العديد من الأمراض، وهي سلاح ذو حدين، فإن استخدمت الاستخدام الأمثل باتباع إرشادات الطبيب وتوجيهات الصيدلي كان لها أثر إيجابي وفعال، وإن استخدمت بطريقة عشوائية وأسيء استعمالها فإنها تؤدي إلى أضرار بالغة قد تودي بحياة المريض. 

وهناك اعتقاد شائع بأنه يمكن للمضادات الحيوية شفاء أي التهاب، لذا تجد كثيراً من المرضى يلحون على الطبيب أو الصيدلي في صرف مضاد حيوي لعلاج علتهم، ومن ثم يستجيب الطبيب إرضاءاً لهم بدلاً من نصحهم وتوعيتهم بالأخطار التي قد تنجم عن تعاطيه، أو عدم جدواه كأن تكون معاناتهم من التهاب فيروسي، لا تؤثر فيه المضادات كالرشح والأنفلونزا.

طرق معرفة نوع البكتيريا المسببة للمرض

يمتلك الطبيب المختص القدرة على معرفة نوع البكتيريا المسببة للمرض، وذلك عن طريق أعراض المرض الظاهرة على المريض (الطريق السريرية)، أو من خلال أخذ عينة من الجزء المصاب من الدم أو من البول وزراعتها لمعرفة نوع البكتيريا المسببة لهذا المرض (الطرق المخبرية)، وبناء على تشخيص المرض يتم صرف الدواء المناسب.

وفي بعض أنواع البكتيريا التي اكتسبت مناعة ضد مضاد حيوي معين لكثرة استعماله، يجري فحص المناعة ومدى فعالية المضاد الحيوي ضد هذه البكتيريا، ولهذا الغرض تزرع البكتيريا المأخوذة من المريض في مزرعة خاصة بها أقراص مختلفة الألوان وكل منها مشرب بنوع معين من المضادات، وبعد ترك المزرعة لمدة معينة نلاحظ وجود هالة شفافة خالية من البكتيريا حول كل قرص، والمضاد الحيوي الأكثر تأثيراً على البكتيريا هو الذي تتكون حوله الهالة الشفافة الأكثر اتساعاً.

للمزيد: ما هي اضرار المضاد الحيوي؟

أنواع المضادات الحيوية

يوجد في العصر الحالي أكثر من مئتي نوع من المضادات الحيوية، ولكل نوع منها أسماء متعددة تختلف باختلاف الشركة المصنعة للدواء، ويتم تصنيعها على شكل أقراص، أو كبسولات، أو حقن، وبعضها على هيئة مساحيق، أو مراهم جلدية، أو كريمات، أو نقط للعين أو للأذن، إلى غير ذلك من الأشكال.

وتختلف أنواع المضادات الحيوية باختلاف مدى تأثيرها على البكتيريا، فمن الأدوية ما يكون فعالاً بشكل رئيسي على البكتيريا إيجابية الجرام، ومنها ما يكون فعالاً ضد البكتيريا سالبة الجرام، والبعض الآخر فعال ضد النوعين، ومنها ما يقتل البكتيريا، ومنها ما يمنع نموها.

اقرأ أيضاً: حقائق هامة حول المضادات الحيوية

اختيار الطبيب للمضاد الحيوي المناسب للمريض

يختار الطبيب المضاد الحيوي المناسب للمريض والجرعة الدوائية اللازمة والشكل الدوائي الملائم بناء على عدة عوامل، منها:

  • التشخيص السريري والمخبري، وذلك لمعرفة نوع البكتيريا الغازية، ومعرفة المضاد الحيوي المناسب.
  • صفات المضاد الحيوي، حيث يجب معرفة صفات المضاد المختار من حيث:
  1. تركيزه في الجسم، لأن المضاد قد يكون فعالاً ضد بكتيريا معينة، ولكن تركيزه في الجسم لا يصل إلى الحد المطلوب، وبالتالي لا نحصل على النتيجة المرجوة.
  2. طريقة طرحه من الجسم، فمثلاً إذا كان الجسم يتخلص من الدواء سريعا فهذا يستدعي إعطاءه على فترات متقاربة.
  3. سمية الدواء وآثاره الجانبية، فينبغي الموازنة بين أضرار الدواء ومنفعته للمريض، فإذا ترجحت المنفعة على الضرر فلا بأس من صرفه للمريض.
  4. كلفة الدواء، بعض المضادات الحيوية ذات تكلفة عالية ولها بدائل أرخص ومساوية لها في التأثير وأحيانا قد تفوقها علاجياً.
  • عوامل تتعلق بالمريض، ومنها:
  1. العمر، والجنس، والوزن، وحالة أعضاء الجسم خاصة الكلية والكبد، وحالة الجهاز المناعي للمريض، وخطر تفاعلات الحساسية الناجمة عن استعمال بعض المضادات الحيوية.
  2. شدة العدوى، وما إذا كانت المريضة حاملاً أو مرضعاً، أو إذا كان المريض يعاني من أمراض أخرى أو يتناول أدوية أخرى، وعادة ما يفضل صرف مضاد حيوي واحد للقضاء على البكتيريا.
  3. تقليل التكلفة: وفي حالات معينة يستلزم إعطاء المريض أكثر من مضاد حيوي واحد، وذلك لأسباب منها:
  • زيادة فعالية الدواء في القضاء على البكتيريا.
  • تقليل الآثار الجانبية لبعض أنواع المضادات.
  • تقليل جرعة الدواء.
  • حالات الالتهابات الشديدة التي تهدد حياة المريض.

اقرأ أيضاً: مخاطر سوء استخدام المضادات الحيوية

الآثار الجانبية للمضادات الحيوية

تسبب معظم الأدوية التي يتعاطاها المريض آثاراً جانبية غير مرغوبة، بعضها تكون أعراضاً خفيفة لا تشكل خطراً على المريض، وبعضها قد يهدد حياته، والمضادات الحيوية شأنها شأن باقي الأدوية، فقد ينجم عن استعمالها آثار جانبية قد تكون خفيفة وقد تكون شديدة وذلك لأسباب متعددة، منها ما يحدث بسبب طبيعة جسم الإنسان، أو بسبب خصائص الدواء، أو بسبب زيادة الجرعة الدوائية الموصوفة، أو أحياناً عند استخدام دواء آخر أو مع تناول أغذية معينة، أو بسبب عدم التشخيص السليم أو غيرها من الأسباب.

 من أكثر الآثار الجانبية للمضادات الحيوية شيوعاً:

ظهور حساسية لأجسام بعض المرضى عند تناول نوعية من المضادات وخصوصاً مجموعة البنسلين، وتختلف درجة الخطورة من شخص إلى آخر، فمنها ما هو قليل الخطورة، مثل الإسهال الخفيف، والقيء، والحرقان الخفيف في المعدة، أو طفح جلدي وهرش، ومنها ما هو أخطر من ذلك مثل الإسهال الشديد، أو صعوبة التنفس، وفي هذه الحالة يجب على المريض التوقف فوراً عن أخذ الدواء والاتصال بالطبيب المعالج.

قد تتسبب بعض أنواع المضادات الحيوية خصوصاً واسعة المدى في قتل البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء بسبب عدم اتباع الإرشادات الطبية، واستخدام الدواء لفترة طويلة، مما يسهل إصابة الأمعاء بهجمات بكتيرية ضارة تؤدي إلى عدوى جديدة يصعب علاجها.

تستطيع بعض المضادات الحيوية عبور الحاجز المشيمي وتصل إلى الجنين محدثة آثاراً جانبية بالغة على الجنين، وخصوصاً في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وكذلك بعض المضادات قد تؤثر على الرضيع من خلال لبن الأم.

للمزيد: كيف تؤثر المضادات الحيوية على أطفالنا؟

الأدوية التي تؤثر على المضادات الحيوية وتتأثر بها 

هناك بعض الأدوية التي تؤثر على المضادات الحيوية وتتأثر بها إذا أخذت معها في الوقت نفسه، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي: معظم المضادات الحيوية تؤثر على فعالية حبوب منع الحمل إذا أخذت في الوقت نفسه، مما يؤدي إلى احتمالية الحمل، لذا على المرأة استخدام وسيلة أخرى لمنع الحمل بعد استشارة الطبيب. 

تتعارض أغلب المضادات الحيوية بعضها مع بعض في الوقت نفسه. لذلك عند تناول المريض المضاد الحيوي مع أدوية أخرى يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي بذلك، لأن تناول المريض أكثر من دواء في الوقت نفسه قد يزيد فعالية أو تأثير أحد الأدوية على دواء آخر مؤدياً إلى آثار جانبية خطيرة، كما قد يتسبب في إبطال أو تقليل فعالية الدواء الآخر، وقد يؤدي استعمال أكثر من دواء إلى إنتاج مركب آخر له تأثيرات عكسية للدواء الأصلي.

تأثير سوء استخدام المضادات الحيوية على اكتساب البكتيريا مناعة ضدها

قد تكتسب البكتيريا مناعة ضد المضادات الحيوية نتيجة لسوء الاستعمال، وذلك عند الاستهلاك المفرط للمضادات الحيوية، أو حينما تعطي بجرعات غير مناسبة، أو تعطى بالقدر المطلوب على فترات غير منتظمة بين الجرعات، أو تعطى لمدة قصيرة غير كافية للعلاج.

ومن الأسباب كذلك الاستعمال غير الملائم للمضادات في حالات لا تحتاج إلى معالجة بل تشفى ذاتياً، ومناعة البكتيريا ضد المضادات الحيوية قد تكون طبيعية، حيث تخلق البكتيريا ولديها القدرة على مقاومة بعض أنواع المضادات الحيوية أو كلها، وقد تكتسب البكتيريا هذه المناعة بطرق مختلفة.

بدائل المضادات الحيوية

بسبب مقاومة البكتيريا لمفعول المضادات الحيوية يعكف العلماء على تطوير أدوية جديدة قادرة على تخطي تلك المشاكل، ومن تلك البحوث ما توصل إليه مجموعة من العلماء من نوع جديد من الأدوية الذكية التي يمكن أن تكون بديلا للمضادات الحيوية وتساعد على حل مقاومة البكتيريا للأدوية.

  قام هؤلاء العلماء بتصميم مادة بيبتيد وهي جزء تفرزه النباتات والحيوانات لمقاومة العدوى، له خصائص مشابهة للمضادات الحيوية، يقوم البيبتيد بعمل ثقوب في غشاء خلية البكتيريا مما يؤدي إلى قتلها. ومن خصائص هذا الأسلوب الجديد في العلاج أن البكتيريا لم تتعرف على ذلك التركيب من قبل مما يصعب عليه مقاومة المضاد الحيوي.

نصائح للتعامل مع الآثار الجانبية غير الطبيعية

عند إحساس المريض بآثار جانبية غير معتادة بعد أخذ المضاد يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي فوراً، وعدم إهمالها؛ لأن بعض الآثار قد تكون خطيرة على صحة المريض، فعليه التأكد من تاريخ الصلاحية للمضاد الحيوي، فتناول المضاد بعد انتهاء تاريخ الصلاحية له خطورة بالغة على صحة المريض، على سبيل المثال أدوية التتراسيكلين تتحول بعد انتهاء مدة الصلاحية إلى مادة سامة تسبب إصابات خطيرة في الكلية، من الضروري للحامل أو المرضع عند صرف المضاد الحيوي إخبار الطبيب أو الصيدلاني عن ذلك حتى لا تعرض جنينها أو طفلها إلى الأذى، عند صرف المضاد على شكل كبسولات فيجب بلعها كاملة، وعدم فتح محتوياتها أو مضغها، لأن هذا يؤثرعلى امتصاص الدواء وعلى فعاليته، وأغلب المضادات الحيوية الموصوفة للأطفال تكون على هيئة شراب أو مسحوق يضاف إليه الماء ليصبح جاهزا للشرب، مثل هذه الأدوية يجب حفظها في الثلاجة مع ملاحظة أن مدة صلاحيتها لا تتعدى الأسبوعين.