تنجم نزلات البرد عن فيروسات تغزو الجهاز التنفسي العلوي الذي يضم الفم والأنف والقصبة الهوائية ويوجد أكثر من 200 فيروس مختلف قادر على التسبب في حدوث عدوى البرد. 

 ولأن عدوى البرد فيروسية، وليست بكتيرية، فإن المضادات الحيوية لا تفيد في علاجها. وقد تحدث عدوى بكتيرية بين حين وآخر، إضافة إلى العدوى الفيروسية، إلا أن ذلك لا يحدث إلا في عدد صغير من الحالات.

ويلجأ الكثيرون إلى استخدام المضادات الحيوية كعلاج فعال للقضاء على الانفلونزا وغيرها من الأمراض، لكن الأمر الذي يغيب عن أذهان الكثيرين هو أن هذه المضادات تضر بالجسم. 

وقد أكد العديد من الأطباء أن الإسراف في استخدام المضادات الحيوية تتسبب في تناقص فعاليتها وتحصين الجسم البشري ضدها إذ بدأ يقاوم بعض أنواع هذه المضادات ما يهدد بارتفاع عدد ضحايا الأوبئة والأمراض حول العالم.

وتعتبر المضادات الحيوية هي السبب الرابع للوفاة لارتفاع نصيبها من الأعراض الجانبية ودرجة السمية التي تطول مختلف أجهزة الجسم، وأخطرها رفع إنزيمات الكبد والكلى‏.

ورغم وجود العشرات من الأدوية التي تسوق من دون وصفة طبية، فإنها لا تؤدي إلا إلى تخفيف أعراض نزلات البرد، كما تطرح تساؤلات حول فاعليته. طبقاً لما ورد في وسائل الإعلام. ولذا فإن البحث لا يزال جارياً للتوصل إلى مواد يمكنها الوقاية من نزلات البرد التي تسببها الفيروسات أو تؤدي إلى تسريع إخراج الفيروسات من الجسم. ونذكر هنا بعضاً من تلك المواد:

الفيتامينات: 

من المعروف أن الفيتامينات تلعب ‏دوراً فعالاً في القضاء على أخطر الأمراض، كما أنها ضرورية جداً لصحة وسلامة الجسم على‏ ‏الرغم من احتياج الجسم لها بصورة بسيطة.‏

ولأن الفيتامينات مصدرها الطبيعي هو النباتات، بما تشمله من خضروات وفواكه، لذا فإن الوجبة المتوازنة شاملة الخضروات والفواكه وبعض الحبوب والبقول والحليب ومشتقاته، ومصادر البروتينات كاللحم والبيض تؤدي إلى توفير ما يحتاجه الجسم من الفيتامينات بأنواعها المختلفة.

وفي حالة نقص الفيتامينات، أو عدم إمكان الحصول عليها من مصادرها الطبيعية، فإنه يمكن الاستعاضة عنها بالفيتامينات المصنعة دوائياً. وفي هذا الصدد، أكدت نتائج دراسة أمريكية جديدة أن الجرعة اليومية من الفيتامينات المتعددة ما هي إلا مجرد إهدار للمال بالنسبة لمعظم الناس‏,‏ وأن هناك أدلة كثيرة على أن استعمال بعض الفيتامينات يشكل خطراً على الصحة‏.

فيتامين ج “سي”، هو إحدى الوسائل المقترحة كأحد البدائل لمكافحة نزلات البرد الشائعة، إلا أن الأبحاث لم تدعم بشكل محقق ما عُرض من وجوب تناول 1000 إلى 2000 ملليجرام من فيتامين “سي” للوقاية من البرد.

كما أن نتائج الأبحاث المستخلصة من عمليات العلاج لم تدعم تلك المقترحات. ولكن الباب لا يزال مفتوحاً في هذا المجال، أما عشاق الرياضة الشديدة، خصوصاً أثناء ممارستهم لها في موسم البرد، فقد افترضت بعض الأبحاث أنه قد يمكن تجنب نزلات البرد بتناول فيتامين “سي”.

ووجد الباحثون علاقة قوية تربط بين مستوى فيتامين د “D” العالي في دم الإنسان وانخفاضا في الإصابات بالعدوى التنفسية. وقد أشار أحد الأبحاث إلى تأثير خفيف واقي لفيتامين أ “A” على مرضى دور الرعاية الصحية. إلا أنه لا توجد أدلة كافية للتوصية بتناول أي من هذين الفيتامينين بهدف مكافحة نزلات البرد.

الأعشاب: 

طرح الكثير من منتجات الأعشاب الأخرى للوقاية من نزلات البرد والعلاج، منها عشبة “الجينسنج” الصينية، وثمر “الخمان” او البيلسان، والثوم، وأوراق الزيتون، إلا أن الأبحاث حولها تظل محدودة ولم تظهر فاعليتها حتى الآن.

معدن الزنك: 

بدأت مسيرة توظيف الزنك لمكافحة نزلات البرد بعد نشر تقرير للباحث جورج إيبي في تكساس عام 1984 الذي أعلن أن حبة من حبوب الزنك، يمكنها تقليص فترة نزلة البرد سبعة أيام.

وقد أظهرت دراسات موثوقة منذ ذلك الحين أنه لا توجد أية فوائد من حبوب المص الحاوية على الزنك، أو من بخاخات الأنف الحاوية للزنك، إلا أن المواد الهلامية (جل) من الزنك كانت أفضل، رغم أنه رافقتها أعراض فقدان حاسة الشم.

الرياضة:

أكدت الدراسات أن الرياضة العنيفة تؤدي إلى إضعاف دفاعات جهاز المناعة، على الأقل بشكل مؤقت، إلا أن النشاط البدني المنتظم المعتدل يقوي تلك الدفاعات.

النوم:

توصل العديد من الدراسات إلى أن التمتع بقسط وافر من النوم يحافظ على الصحة، وقد يساعد على إبعاد نزلة البرد. وقد وظف باحثون أمريكيون 150 شخصاً من المتطوعين الأصحاء لتدوين ساعات نومهم لمدة أسبوعين، ثم أدخلوهم إلى مختبر تعرضوا فيه إلى فيروسات البرد، ثم خضعوا للمراقبة لمدة خمسة أيام. وظهر أن الأشخاص الذين قالوا إنهم ناموا أقل من سبع ساعات ليلا كانوا أكثر تعرضا للعدوى مقارنة بالذين قالوا إنهم ناموا ثماني ساعات أو أكثر.

تجنب التدخين:

أكد الدكتور مجدي بدران، استشاري الحساسية ومناعة الأطفال، أن التدخين يهيج خلايا الجهاز التنفسي ويشل الأهداب التي تحمي هذه الخلايا وتطرد الميكروبات بعيداً عنها لخارج الجسم، ما يجعل الخلايا بلا حماية من الميكروبات.

وأشار بدران إلى أن التدخين يقلل المناعة ويزيد من التحسس لمسببات الحساسية، مؤكداً أن الأطفال المصابين بالبرد ويتعرضون للتدخين تزداد معدلات الأزيز (الصفير) لديهم وتزداد معدلات الأزمات التحسسية ما يستلزم حجزهم بالمستشفيات.

كما أكد أن تلوث الهواء خصوصاً بمخلفات السيارات يزيد من معدلات نزلات البرد، كما أنه يهيج المخاط للجهاز التنفسي ويمهد الطرق للعدوى بفيروسات البرد. فكلما زادت نسبة أكسيد النيتريك الناتج من عادم السيارات في الهواء زادت معدلات الحجز في المستشفيات، وزادت معدلات إصابة الأطفال بالتهابات الحلق ونزلات البرد والغياب عن المدرسة.

 العودة للنحاس:

نصح بدران العودة إلى استخدام الأواني النحاسية مرة أخرى، نظراً لأنه ثبت علمياً أن للنحاس قدرة فائقة على القضاء على جميع فيروسات الأنفلونزا في مدة زمنية تستغرق ست ساعات.

وأشار بدران إلى أن النحاس له قدرة على وقف نمو العديد من الميكروبات، لذا بدأت المستشفيات الكبرى في الغرب باستخدام مقابض الأبواب المصنوعة من النحاس، واستخدام أواني نحاسية للحد من نقل العدوى بالميكروبات.

وأضاف أن الأبحاث العلمية كشفت عن انتشار البكتيريا في أنابيب أجهزة التكييف الخالية من النحاس وتنعدم في الأنابيب المصنوعة من النحاس، وتبين أن إضافة النحاس إلى مكونات الكمامات التنفسية (الماسكات)، يحمي من مخاطر انتقال الميكروبات إلى اليدين وانتشار الميكروبات في البيئة بعد التخلص من هذه الكمامات.

وأوضح بدران أن ذلك يبشر بإمكانية استخدام النحاس في تغطية الأسطح المعرضة للمس، وبالتالي منع نقل العدوى من الأدوات الطبية ومقابض صنابير المياه ومقابض الأبواب والأدراج وأوعية جمع إفرازات المرضى.

احم نفسك من نزلات البرد من خلال:

-احرص على النظافة الشخصية.

-اغسل يديك جيداً، لأن هذا التصرف يمنع 80 في المئة من العدوى بفيروسات البرد.

-تجنب لمس الأنف أو العين أو الفم لأنها بوابات للأغشية المخاطية.

-درّب أفراد الأسرة على مهارة غسل الأنف بالماء الدافئ. أما مرضى حساسية الأنف فعليهم غسلها بمحلول الملح الطبي عدة مرات يومياً.

-استخدم المناديل الورقية عند العطس أو البصق أو الكحة والتخلص منها بطريقة صحية.

-اهتم بليفة المطبخ ومنشفة المطبخ، لأنهما تقدمان فيروسات البرد على أدوات الطعام لأفراد الأسرة‏ بسبب الدفء والرطوبة.

-طهّر الأسطح التي يلمسها أفراد الأسرة مثل سماعة التليفون والريموت وصنابير المياه وباب الثلاجة وأيدي النوافذ والأبواب بمطهر قوي.

-إغل أدوات الطعام قبل الاستخدام.

-احرص على تهوية الغرف، خصوصاً غرف المعيشة والنوم، وتشميس الفراش.

-تنفسك عن طريق الأنف يمنع الكثير من الميكروبات والأتربة من الوصول إلى الجهاز التنفسي.

-لا تستخدم المضادات الحيوية فهي ضد البكتيريا، وليست لها أية فائدة ضد الفيروسات.

-لا تقلق، فالقلق والتوتر يقللان من مناعة الجسم.

-لا تنس شرب السوائل، خصوصاً الدافئة، لأنها تساعد على احتفاظ الأغشية المخاطية بحيويتها وتمنع جفاف الأنف وتسهل خروج البلغم.