إن الأسرة الجديدة المتكونة من الزوج و الزوجة حديثي عهد بالزواج تواجههم الكثير من العقبات , و لإستمرار الحياة الأسرية عليهم التعامل بشكل صحيح مع هذه العقبات و سنتحدث اليوم عن الإختلافات بين الزوجين و محاولة تقبلها و التعامل معها فالأمر له جوانب عديدة سنسترسل فيها.
قبل الزواج:
لا شك أن فترة الخطوبة و التي تسبق الزواج و تكوين الأسرة و الإنتقال للعيش معا تكون فترة جميلة و الطرفين – الزوج و الزوجة مستقبلا – يحاول كلا منهم إظهار أفضل ما لديه للطرف الآخر و لن نكون سيئين النية و نفترض الغش و الخداع بل سنمنطق الأمر أكثر فالخطيب أو حتى الذي عقد العقد – كتب الكتاب – يزور خطيبته مرة بالأسبوع مثلا فهي تحاول في هذا اليوم أن تظهر كل ما هو جميل من باب إدخال السرور و كذلك الخاطب في الفترة التي يجلس فيها مع خطيبته – لنفس السبب – و بالمنطق يظهر أفضل ما لديه و يعاملها و أهلها بكل لطف لأنهم لا يروه إلا مرة كل أسبوع فبالتالي يتعامل كل طرف على أساس إن الآخر كالضيف و لا يفضل كلا منهم إلا إظهار الأفضل في هذه الفترة.
سقوط القناع:
أما بعد الزواج و مرور عدة أسابيع يبدأن -الزوج و الزوجة- الحياة الطبيعية و يتصرف كل شخص بإعتبار أنه في منزله فيجد كلا منهم في الأخر إختلافات و فروق و ربما أشياء يستغرب لها كل فرد في عادات الأكل و الشرب و النوم و الجلوس و طريقة إستقبال الزوار و غيرها من الإختلافات الطبيعية جدا بيننا كبشر , فنحن لسنا قوالب متشابهين في كل شئ بل نختلف في العادات و التقاليد و ردود الأفعال و التصرف في المواقف المختلفة , فبعد هذا الإصطدام بالواقع الذي يعيشه الزوج و الزوجة يشعر كلا منهم أن اللحظة التي يعيشوها هي لحظة سقوط القناع الجميل الذي كان يرتديه الآخر أثناء الخطوبة و قبل الزواج , و لكن هذا خطأ فعلى الزوجين البدأ في التعامل مع الأمر بجدية و تقبل الأمر و التعايش معه فبالتأكيد لكل شخص مميزات و عيوب فعلى كل فرد محاولة تقبل الشخص كما هو و إقناع نفسه أن الآخر لابد أن يكون لديه مميزات و عيوب و لابد من تقبلها , أما إن وجد الزوج أو الزوجة سلوك أو طبع يستحيل أن يتعايش معه لابد من الحوار و المصارحة و بهدوء يتحدث كل طرف مع الآخر عن الشئ الذي لا يستطيع تحمله في الآخر و على الآخر تقبل هذا الكلام و محاولة التغيير من أجل الطرف الآخر الذي يكن له الحب و الإحترام و أيضا من أجل الأسرة و إستمرارها.
السنة الأولى:
تدل الإحصاءات على أن معظم حالات الطلاق تحدث في هذه السنة الأولى و أكثرها يحدث بسبب وجود عيوب في الطرف الآخر لم يستطع الطرف الأول تحملها و لكن إن تنازل كل طرف و حاول تقبل الآخر و الإصلاح منه و مرت هذه السنة بسلام يبشر هذا بإستمرار الأسرة و قوتها و قوة أفرادها و إصرارهم على الإستمرار و قدرتهم على تخطي العوائق , فليعطي كل طرف للآخر مهلة و يحاول الصبر و لا نطلب هذا من الزوجة فقط بل أيضا من الزوج , عليهما معا التحمل و المثابرة حتى يعتاد كل منهم على الآخر و يحاول كل طرف التخلي عن العادات التي لا يستطيع الطرف الآخر تحملها و التعايش معها , فحاولوا قضاء هذه السنة و تمضيتها بسلام.
رسالة للزوج:
هذه رسالة للزوج نظرا لطبيعة تكوينه كرجل يتمتع بالقوة و الإستقلالية و القوامة , حاول أيها الزوج أن تقدر موقف الزوجة , فهي بطبيعة تكوينها كأنثي حساسة و هي الآن إنتقلت للعيش معك وتركت أسرتها التي تربت و عاشت معهم كل عمرها قبل الزواج و تواجه الآن تحديات كثيرة في الإعتماد على نفسها في كل شئ و تتحمل – لأول مرة وحدها – مسئولية الأسرة من طبخ و تنظيف و كوي – لا تستهون بهذه الأشياء و تراها تافهة أو بسيطة – فإلى جانب الإختلافات التي تحدثنا عنها ينتاب الزوجة الشعور بالمسئولية الكبيرة – من وجهة نظرها كزوجة جديدة – و أيضا إفتقادها لأسرتها فكل هذه مشاعر و أحاسيس تنتاب الزوجة و ربما لم تفصح عنها و تشعر بالقلق و العصبية و الزوج لا يعرف السبب المحدد لعصبيتها او إحساسها بالحزن , فمن فضلك أيها الزوج إلتمس لها العذر و حاول بالحب و الحنان و الود تخفيف هذه الأحاسيس و المشاعر التي تسيطر عليها.
نصائح و كبسولات:
- التأهيل النفسي قبل الزواج شئ مهم جدا فعلى الزوجين تهيئة نفسهم قبل الزواج على وجود إختلافات في الآخر و كيف سنتعامل مع هذه الإختلافات.
- أخذ النصيحة من ذوي الخبرة – قبل الزواج – ومحاولة تصور شكل الحياة بعد الزواج بكل جوانبها و ما يجب كل فرد فعله و ما هي مسئولياته.
- الإتفاق على بعض الأشياء التي من الممكن أن تحدث إختلافات جوهرية مثل شغل الزوجة مثلا .
- تحديد مهام كل شخص و ما يجب أن يقوم به فمن المعروف أن الزوجة عليها المطبخ مثلا و الزوج عليه الإنفاق , فالإتفاق على إختصاصات كل طرف يسهل الحياة بعض الشئ.
- على كل طرف – بعد الزواج – وضع بعض الخطوط الحمراء التي على الآخر الأ يمسها و أنها تعتبر أشياء هامة جدا له لا تحتمل النقاش , لكي يعرفها كل طرف و بالتالي لا تحدث صدامات و جدالات على أشياء بالنسبة لكلا منهم خطوط حمراء.
- تقبل كلا منهم لوجود خلافات و إختلافات طبيعية بينهما بل وبين البشر كلهم فلا داعي لإعطاء الأمور أكبر من حجمها.
- الإتفاق على إستراتيجية لحل المشكلات فالخلافات و جودها محتمل جدا و لكن هل سيحكموا أحد بينهم مثلا أم سيناقشوا الأمر دون علم أحد – وهذا أفضل-.
- وأخيرا لابد على الزوجين إدراك حقيقة هامة جدا و هي أننا لسنا في الجنة بل على الأرض و لابد لكل شخص التعب و الإجتهاد و مواجهة المشكلات و الإختلافات و الصبر و المعانة ….. فهكذا الحياة.