‘);
}

عدل الإسلام وحكمته في الميراث

كرّم الله -تعالى- الإنسان من بين سائر المخلوقات في الكون، وجعل الإنسان مستخلفاً فيه، لذلك فإنّه محتاجٌ لأسباب البقاء، وتحقيق الاستخلاف والمصالح الدنيوية، كذلك جعل الله -تعالى- المال أساس قيام مصالح الناس، يظلّون في حاجةٍ إليه ما داموا على قيد الحياة، فإذا ماتوا انقطعت حاجتهم إلى المال، فلو تُرك حينها مال الميت منهم لمن استطاع أن يستولي عليه ويأخذه؛ لأدّى ذلك إلى التشاحن والتباغض بين الناس، وتصبح الملكية حينها قائمةً على البطش والغَلَبة، ولو تُرك كلّ المال للكلاب والقطط ومختلف الحيوانات، كما تسمح بعض القوانين الغربية بذلك؛ لضاعت مصالح العباد، وتعطّلت حاجاتهم، من أجل ذلك وضعت الشريعة الإسلامية أحكاماً للميراث، وجعلت فيها الحقّ بمال الميت لأقاربه، وكذلك يطمئنّ الناس على مصير أموالهم، فالإنسان مجبولٌ على حبّ نفع من تربطه بهم علاقاتٌ قويةٌ؛ كالأقارب والزوج، ونحو ذلك، فإذا مات الإنسان، قسّمت الشريعة ماله بين أقاربه بالعدل، الأقرب منهم فالأقرب.[١]

ومن عدل نظام الميراث في الإسلام أنّ الله -تعالى- جعله واجباً على الوارث والمورّث، فلا يجوز للمورّث أن يمنع الوارث حقّه في الإرث، ولا يملك ذلك، وكذلك الوارث، فإنّه يملك نصيبه من الميراث دون حاجةٍ لحكم القاضي بذلك، كما جعل الإسلام نصيب الولد الصغير من ميراث أبيه، مساوياً لنصيب الولد الكبير، ولم يفرّق بين الابن البكر وغيره، فقد يكون الصغار بحاجةٍ إلى مال أبيهم أكثر من الكبار الذين سعوا في الأرض، وبذلوا فيها وجمعوا لأنفسهم من المال ما يغنيهم، وللمرأة في نظام الميراث الإسلامي نصيبٌ أيضاً، فترك الإسلام لها من مال الميت نصيباً يغنيها، ويضمن لها الحياة الكريمة؛ أمّاً كانت، أو زوجةً، أو ابنةً، أو نحو ذلك، وكذلك صان الإسلام المرأة من هوان الفاقة، وذلّ الفقر والحاجة، على عكس بعض الأنظمة التي حرمت المرأة من الميراث تماماً، والمعيار الأساسي للتفاضل في نظام الميراث الإسلامي؛ هو مظنّة الحاجة، فأبناء الميت أحوج إلى ماله من أبيه؛ لأنّهم في طور بناء أنفسهم بعد، والذكر أحوج للمال من الأنثى؛ لما عليه من واجبات الزواج والإنفاق، وإعالة الأسرة، أمّا الأنثى فهي لا تنفق غالباً، بل يُنفق عليها.[٢]