مجموعة من الخبراء – (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى) 9/11/2020

في 5 تشرين الثاني (نوفمبر)، عقد معهد واشنطن منتدى سياسياً افتراضياً مع عبد الرحمن الراشد، ومحمد أنور السادات، وأسلي أيدنتاسباس، وديفيد هوروفيتس. والراشد هو رئيس هيئة تحرير قناة العربية والمدير العام السابق لقناتها الإخبارية. والسادات هو عضو سابق في مجلس النواب المصري ورئيس “حزب الإصلاح والتنمية”. وأيدنتاسباس هي زميلة رفيعة في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” وكاتبة عمود سابقة في صحيفة “ميلييت” التركية. وهوروفيتس هو المحرر المؤسس لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” ورئيس التحرير السابق لصحيفتي “جيروساليم بوست” و”جيروساليم ريبورت”. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم.
* * *
عبد الرحمن الراشد
الخبر السار هو أن جو بايدن ملمٌّ بالشرق الأوسط إلماماً يفوق على الأرجح أي رئيس أميركي تعاقب على السلطة منذ جورج بوش الأب. ومن غير المرجح أن تنحرف إدارة بايدن كثيراً عن مسار السياسات الأميركية التقليدية في المنطقة.
في الخليج، ونظراً للقواسم المشتركة الثابتة بين المصالح الأميركية والسعودية -الأمن والطاقة وإيران وما إلى ذلك- من المرجح أن يرسي بايدن والرياض علاقات جيدة، فهذا ما كان عليه الحال مع جميع الرؤساء الأميركيين السابقين، حتى أولئك الذين كان من المتوقع أن يكونوا غير مرتاحين مع القادة السعوديين. وبذلك، فإن هذه المصالح المشتركة تجعل من الانسحاب الأميركي الكامل من المنطقة أمراً غير مرجح، على الرغم من الكلام المتداول عن إنهاء “الحروب التي لا نهاية لها”.
فيما يتعلق بإيران، من المرجح أن يواصل بايدن النهج الحالي للرئيس ترامب باستخدام عقوبات صارمة للبحث عن حلٍّ سياسي. وقد يرى القادة الإيرانيون أن بايدن هو أملهم الوحيد في تحقيق السلام والازدهار في المستقبل القريب، وبالتالي قد يقررون تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق جديد.
ومن ناحية التقدم الذي تم إحرازه مؤخراً في العلاقات العربية الإسرائيلية، أظهر بايدن دعمه لاتفاقيات التطبيع المبرمة مع الإمارات والبحرين والسودان. وإذا بذلت الأطراف الفاعلة الإقليمية مجهوداً كافياً، فقد تتمكن من الاستفادة من هذا التقدم لوضع اتفاق أكثر شمولاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين يتجاوز إطار الاتفاقيات الثنائية.
أما بالنسبة للدعوات داخل الحزب الديمقراطي للضغط بشكل أكبر بشأن قضايا حقوق الإنسان في المنطقة، يبقى الواقع أن هذه القضايا سببت التوتر بين دول الخليج والرؤساء الأميركيين في الماضي، ليتوصلوا في نهاية المطاف إلى تفاهمات بهذا الشأن. ولا تخطط السعودية ودول أخرى للتورط في تعقيدات السياسة الداخلية الأميركية، بما في ذلك نفوذ الأعضاء التقدميين في الحزب الديمقراطي، بل ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على روابط وثيقة مع البيت الأبيض كما فعلت في الماضي.
* * *
محمد أنور السادات
يتابع المصريون هذه الانتخابات عن كثب. وبينما قد تفضل الحكومة المصرية رئاسة ترامب، إلا أن الشعب بمعظمه يعلّق آمالاً كبيرة على بايدن. صحيحٌ أن بعض الناس يربطون إدارة أوباما، وبالتالي إدارة بايدن، بالإسلام السياسي، إلا أن الكثير من المصريين يأملون في أن يركز بشكلٍ أكبر على الجهود الأكثر أهمية المتمثلة بتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية في الشرق الأوسط.
يدرك المصريون أن الولايات المتحدة تعاني من انقسامٍ حاد، ولكنهم يريدون أن تعود واشنطن إلى الساحة العالمية وتطالب بتحقيق قيم العدالة والمساواة والديمقراطية التي تؤمن بها. ويحتاج العالم إلى قائدٍ يتولى مجدداً قيادة المعزوفة العالمية، وبوسع الولايات المتحدة أن تعمل كقوة موازنة فعالة ضد الجهات الفاعلة الأخرى الأكثر إشكاليةً. كما أن العالم بحاجة إلى أن تواجه القيادة الأميركية التحديات المختلفة كالاحتباس الحراري وجائحة فيروس كورونا. وفي هذه المنطقة على وجه التحديد، تُعد مشاركة الولايات المتحدة أمراً بالغ الأهمية.
ومع ذلك، سيواجه الرئيس الأميركي المقبل العديد من التحديات الكبيرة. وتُعد اتفاقيات التطبيع بين العرب وإسرائيل خطوةً إيجابية، لكن بعض المصريين يخشون من أنها ستؤدي إلى “سلام بارد” يشبه ما شهدوه بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. المنطقة بحاجة إلى اتفاق أوسع نطاقاً وأكثر شمولاً بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبالنظر إلى ما ستكون عليه رئاسة بايدن، فإن الكثير من الأمور ستتغير في خطاب الحكومة المصرية ونهجها، حيث ستبذل المزيد من الجهود للالتزام بمعايير حقوق الإنسان، ليس بسبب بايدن فحسب، ولكن أيضاً لأن الكونغرس الأميركي سيضغط على مصر لتحقيق هذه الخطوات. وعلى المدى المتوسط، من المرجح أن يحافظ البلدان على علاقة جيدة وقوية.
* * *
أسلي أيدنتاسباس
لدى بايدن سجلٌّ حافل في تركيا. فعندما بدأت علاقة الرئيس أوباما مع رجب طيب أردوغان في التدهور، أصبح نائب الرئيس بايدن المسوؤل الأول عن التواصل مع الرئيس التركي. ومع ذلك، كان ترامب هو الخيار الأول لأنقرة في هذه الانتخابات، كونه حافظ على علاقات شخصية طيبة مع أردوغان، وسمح لتركيا بالمضي قدماً في أجندتها التوسعية من خلال سحب القوات الأميركية من سورية، والتزم الصمت نسبياً بشأن القضايا في شرق البحر المتوسط وليبيا.
ولكن بصورة عامة، أصبحت المواقف بين أنقرة وواشنطن عدائيةً. ومن المحتمل أن يرحب القادة الأتراك بتراجع الوجود الأميركي في الشرق الأوسط لأنهم يرون أن خروج الولايات المتحدة سيُحدث فراغاً يمكنهم ملؤه بأنفسهم. لكن قد يتبين في النهاية أن هذا الرأي قصير النظر. فالأكثر ترجيحاً هو أن يؤدي الانسحاب الأميركي إلى إحداث فوضى متزايدة واضمحلال لحكم القانون في الشرق الأوسط حيث ستفتح التصدعات السياسية المجال أمام تأجيج الصراعات وانعدام الاستقرار، الأمر الذي من شأنه أن يضر بتركيا في النهاية.
في المقابل، قد يكون من المفيد لتركيا أن تجدد أميركا تركيزها على حقوق الإنسان، لأن مثل هذا الضغط سهّل التنمية الداخلية للبلاد في الماضي. ولكن العالم مختلفٌ الآن، فقد تنامت المشاعر المعادية لأميركا بشكل كبير في أنقرة، وسيكون من الصعب على بايدن تحقيق تقدّم كبير فيما يخص المطالب المتعلقة بحقوق الإنسان في تركيا.
وفي الوقت نفسه، قد تفضل الحكومة التركية فعلياً التعرض لعقوبات خفيفة من إدارة ترامب بسبب شرائها منظومة الصواريخ “أس-400” من روسيا، لأن مثل هذه العقوبات قد تكون أشد إذا تُرك قرار فرضها بيد بايدن. وثمة احتمالٌ أكبر أيضاً في أن يفكر أردوغان بالانخراط في النزاع بين أذربيجان وأرمينيا في عهد ترامب أكثر منه في عهد بايدن. ومع ذلك، كانت أنقرة شديدة الحذر في عدم الحديث عن الانتخابات الأميركية أو التورط فيها.
* * *
ديفيد هوروفيتس
كما هو الحال في البلدان الأخرى، كان الإسرائيليون يراقبون الانتخابات عن كثب. وقد اتخذ الرئيس ترامب بعض الخطوات الشعبية حيال إسرائيل مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس وتطبيق حملة “الضغط الأقصى” على إيران. ويعتقد اليهود الإسرائيليون إلى حد كبير أن ترامب مفيدٌ لبلدهم.
ولكن الإسرائيليين كانوا ينتقدون بشدة موقف الرئيس أوباما من إسرائيل ومقاربته التي اعتبروها نهجاً مهووساً تجاه مستوطنات الضفة الغربية. وهم اليوم يعتقدون أن بايدن سيكون أقل تركيزاً على هذه القضية، ويتوقعون علاقة وديةً وإيجابية بين البيت الأبيض والقدس.
ونظراً لأن نتائج الانتخابات الأميركية كانت قريبةً جداً من التعادل، فمن المحتمل ألا تكون هذه اللحظة نقطة تحوّل كبيرة للحزب الديمقراطي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. وبالنظر إلى العديد من القضايا الأخرى التي تندرج على الأجندة العالمية والمحلية وتستدعي الاهتمام، فمن المفترض ألا يكون بايدن متشوقاً لبدء معركة مريرة مع إسرائيل، كما كان أوباما على استعداد للقيام بذلك. ويمكن لبايدن الدقيق والبراغماتي، والذي لا يتفاءل بشكل مفرط بشأن إمكانية تحقيق تقدم مفاجئ مع الفلسطينيين أو يكون ساذجاً بحيث لا يدرك مدى تعنتهم، أن يكون مناسباً جداً لمستقبل العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية وحل الدولتين.
في الوقت الحالي، حاولت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل عام التزام الصمت بشأن إمكانية وصول بايدن إلى سدة الرئاسة. فقد منع نتنياهو جميع وزرائه من الإدلاء بأي تصريح عن الانتخابات، ويعود ذلك جزئياً إلى الرغبة في تجنب تأجيج الانتقادات بأنه حوّل إسرائيل إلى قضية حزبية داخل الولايات المتحدة. ونظراً للانقسامات الداخلية التي تشهدها إسرائيل بالفعل حول نتنياهو، ومع تزايد الانتقادات من اليمين، لا بد لنتنياهو من إيجاد حل وسط مناسب.

*أعد هذا الملخص أوستن كورونا